أحاديث بوتين

ثقافة 2024/03/19
...

 عدنان الفضلي


كتاب صدر مؤخراً عن دار المأمون للترجمة والنشر، تحت عنوان (أحاديث مع فلاديمير بوتين) والذي قامت بترجمته سوزان غالب مرتضى وراجعه الدكتور تحسين رزاق عزيز.

الكتاب جاء في أكثر من مئتي صفحة وبأربعة عشر فصلاً مع مقدمة للناشر وتوطئة من قبل ثلاثة صحفيين وضعوا الأسئلة أمام الرئيس بوتين وهم (ناتاليا غيفور كان) و (ناتاليا نيماكوفا) و (أندري كاليستوكوف).

في المحور الأول من الكتاب والذي جاء بعنوان (فلاديمير الابن - "التزَموا الصمت فيما يخصُّ حياتهم") كانت هناك كثير من الأسئلة والأجوبة المتعلقة بأسرته ونشأته والظروف الصعبة التي عاشها، وقد تحدث عنها بكل صراحة عبر ذاكرة مليئة بالصور لحياة عاشها متقلّبة، ومع أنه لم يفصح عن قسوة عاشها لكنه تحدث عن فقر حال والدته بالقول "كان خالي يساعدها فقد كان يطعمها. 

وهناك مدّة نُقِلَ فيها خالي إلى مكان ما فأشرفت والدتي على الموت، أرجو أَلَّا تتصوروا أنّني أُضخّم الأُمور. 

ففي إحدى المرات فقدت والدتي وعيها من الجوع وظنوا أنَّها ماتت فوضعوها مع الموتى، ومن حسن الحظ أنَّها استعادت وعيها 

بأعجوبة".

في المحور الثاني من الكتاب والذي جاء بعنوان (بوتين التلميذ«لم أكن طلائعيًّا، بل مُشاكسًا») يتحدث بوتين عن مرحلة مهمة في حياته وهي ممارسته الرياضة وكيف كسر أنفه فيقول "بدأتُ بممارسة الرياضة عندما كان عمري تسعة أعوام. 

بعد أن أصبح واضحًا لي في أنَّ طابع الحركة وحده لا يكفي لأكون الأوّل، فقررتُ أن أمارس رياضة الملاكمة. 

ولكنَّني لم أمكث هناك طويلًا؛ إذ كسروا لي أنفي، كان الألم فظيعًا لم أكن أستطيع أن ألمس طرف أنفي من شدّة 

الألم، لم أذهب إلى الطبيب على الرغم من أنّ الذين حولي كانوا يقولون لي: إنّي بحاجة إلى عمليّة جراحيّة ولكنني قلتُ: لماذا عمليّة؟ سيلتئم من تلقاء نفسه، وفعلًا التأم فيما بعد، ولكنَّ الرغبة في ممارسة الملاكمة كانت قد تلاشت تمامًا؛ ولهذا قررت أن أمارس مصارعة السامبو".

المحور الثالث جاء بعنوان (بوتين الطالب الجامعي) وتضمن مرحلة أخرى من حياة بوتين حيث وجهت له أسئلة عن حياته الجامعيَّة فكانت له عدة ردود بشأن هذه المرحلة من أبرزها "كنتُ اعتمد على والدَيّ؛ لأنَّي كنت طالبًا جامعيًّا ولا أملك النقود، وكانت هناك بعض الطرائق لكسب المال، فقد كنتُ في العطلة الصيفيّة أعمل في البناء، وكانوا يعطوننا بعد الانتهاء من الخدمة كمية من المال تقرب من الألف روبل، وكان سعر السيارة آنذاك 3،500 

آلاف أو أربعة آلاف روبل". 

في المحور الرابع والذي جاء بعنوان (بوتين الاختصاصي الشاب) كان الحديث منصب حول دخوله عالم المخابرات، حيث ترد كثير من ذكرياته عن مراحله الأولى في العمل المخابراتي ومن هذه الذكريات نأخذ هذه الحادثة حيث يقول بوتين "كنتُ أعملُ في قسم مكافحة الجاسوسيّة يبدو أنَّ موظفي المخابرات تنبهوا عليَّ فبدأوا بالتحدث معي، نقاش أوّل، ثمَّ نقاش ثانٍ، ثمَّ مرّة أُخرى وأُخرى، المخابرات دائمًا تبحث عن الموظفين النشطين حتى في أوساط موظفي جهاز الأمن، فكانوا يأخذون الشباب إلى هناك، والذين يحملون صفات مطابقة للصفات المسجلّة لديهم".

(بوتين ضابط المخابرات «إقليم أوروبا الشرقيّة») كان هو عنوان المحور الخامس من الكتاب وهو محور مهم كونه يتحدّث عن مرحلة مهمة في حياته، حين صار ضابطاً في جهاز المخابرات، حيث يتحدث مطولاً عن هذه المرحلة لكن في جزئية معينة يقول بوتين "كنّا نعمل على وفق الاستخبار من أرض ألمانيا الشرقيّة، وكان اهتمامنا موجّهًا للحصول على معلومات تخصُّ ما كنّا نسميّه آنذاك العدو، والعدو الرئيس كان "الناتو". 

(بوتين الديمقراطي) عنوان مختلف حمله المحور السادس من الكتاب وكان يتحدث عن مرحلة ما بعد العمل في جهاز المخابرات وتحديداً في المانيا الشرقية، وقد وجهت أسئلة عدّة للرئيس بوتين بشأن هذه المرحلة وكانت هناك كثير من الأجوبة حين كان الألم يعصر قلبه وعندما كان يتحدّثُ عن الروس الذين سلّموا المخابرات بأيدي الألمان، إذ كان يقول: "لا يصحُّ أن يفعلوا ذلك! أيصحُّ ذلك؟ أنا أدركُ أنَّي أستطيعُ أن أرتكب خطأً ما، ولكنّني لا أستطيعُ أن أصدّقَ كيف يمكن أن يخطأ هؤلاء الذين نصفهم في أعالي درجات 

الخبرة".

عنوان المحور السابع كان بعنوان (بوتين الموظف) وهو محور مخصص للإجابة عن أسئلة تتعلق بعمله خارج سلك المخابرات، بعد أن تحوّل الى موظف مدني، ومن أبرز إجاباته في هذا المحور قوله "في إحدى المرّات اتصلَّ ليوشا كوردين، وكان رئيس دائرة الرقابة الرئيسة لرئيس الجمهوريّة. 

وقال: تعال لنرَ ما يمكن عمله، فقد أُلغِيَت وظيفة واحدة وليس جميع الوظائف.

أنا وصلت.

التقيت كودرين. 

تحدّث مع تشوبايس، وقبل أن يغادر في إجازة عرض عليَّ أن أترأس قسم العلاقات العامة، ولم يعجبني هذا على الإطلاق". 

(بوتين الرجل المُحبُّ للحياة الأُسَريّة) هو عنوان المحور الثامن الكتاب وهو محور ليس بتلك الأهمية القصوى، كونه يتعلق بعلاقة الرئيس بوتين بأسرته، باستثناء جواب لزوجة الرئيس ويبدو أنه يصلح لعرضه أمام القارئ حيث تجيب عن سؤال بشأن علاقة الرئيس بالنساء الجميلات حيث تقول :"أعتقد أنَّ النساء الجميلات يجذبن انتباهه.. أيّ رجل هذا! 

إن لم تُثِر النساء الجميلات انتباهه".

(بوتين السياسي) هو العنوان الأبرز في الكتاب وقد جاء المحور التاسع تحت هذا العنوان حيث واجه الرئيس بوتين عدة أسئلة من الصحفيين الثلاثة وكان جوابه عن السؤال الأهم عن علاقته بالناتو حيث يقول "رُبَّما، ولكن ليس الآن. 

فالسؤال الذي يطرح نفسه هو عن أيّ ناتو نتحدّث إذا نقصد ذلك الذي كان يخرق قرارات الأمم في كوسوفو؛ فإنَّ مجرّد التفكير بهذا بعيد عن تطلعاتنا.

في الحقيقة أنا لا أرى سببًا يمنع روسيا من تطوير التعاون، ولكن أكرر: بشرط أن يعاملونا بصفة شريك يعادلهم في الحقوق".

(بوتين القائم بأعمال الرئيس) هو عنوان المحور العاشر، وهو محور يتعهد بكشف اللثام عن ظروف حصول الرئيس بوتين على منصب القائم بأعمال الرئاسة بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس (بوريس نيكولايفيتش) حيث يقول: "قبل أُسبوعين أو ثلاثة أسابيع من حلول عام جديد، دعاني الرئيس بوريس نيكولايفيتش إلى مكتبه وقال: إنَّه قرّر المغادرة، ومن ثَمَّ يجبُ أن أصبح رئيسًا بالنيابة. 

نظر إليَّ منتظرًا ما سأقوله. 

جلستُ وكنتُ صامتًا. 

بدأ يروي بمزيد من التفصيل - إنَّه يريد إعلان استقالته هذا العام، وعندما انتهى من الحديث، قلتُ: "كما تعلم، بوريس نيكولايفيتش، لأكون صريحًا، لا أعرف ما إذا كنت مستعدًّا لذلك. 

هذا، إذا أردت، لأنَّه مصير صعب للغاية".