علي رياح
رحلة الدوري العراقي (الأبتر) للموسم 2003-2002 بتفاصيلها، لم تـُكتب بعد وهي التي تعطلت لدى اندلاع العمليات العسكرية في ربيع 2003.. بمعنى آخر كانت ملامح النهاية المنقوصة جانباً مهماً مما أهمله التاريخ.
انتهى الدوري في أوج مخاطر الحرب، ولم ينته. وهذا ليس نوعاً من (الأحجية) المتعلقة بالبطولة، بقدر ما يصوّر اضطرار أهل اللعبة إلى اعتبار أن المسابقة منتهية أو مُعلّقة على الأقل إلى أجلٍ لم يتوفر لاحقاً، ولم يكن أمام كثيرين إلا الركون إلى نتيجة اعتبارية ليست رسمية تتمثل في جعل الشرطة بطلاً لدوريٍ أبتر بعد أن كان هو المتصدر وبجدارة كاملة لحظة وقوع الحرب.
كيف كان مشهد الدوري الكروي والملاعب العراقية وكيف كانت صورة التنافس على قمة الترتيب لدى انطلاق العمليات العسكرية عام 2003؟ .
كان اتحاد الكرة في حينه مُصرّاً على إجراء أي عدد من المباريات وبأي فرق كانت للإيحاء إعلامياً باستمرار الأنشطة الرياضية، ولهذا بذل المعنيون كل جهد لاستجلاب الفرق لتلعب يوم الجمعة الموافق للحادي والعشرين من آذار و ذلك في إطار الجولة التاسعة من الإياب، وبالفعل أجريت بعض المباريات في موعد يلي بدء العمليات العسكرية.
كان بين النتائج المُسجّلة في ذلك اليوم فوز القوة الجوية على النجف بهدف، والكرخ على الموصل بهدفين لهدف، والشرطة على الدفاع الجوي بستة أهداف مقابل ثلاثة، وتعادل البصرة مع الزوراء من دون أهداف.. واللقاء الأخير أقيم في ملعب البصرة التي كانت تشهد بدء الزحف العسكري الأمريكي - البريطاني ومع هذا لم يجد اللاعبون مَفرّاً من خوض المباراة برغم كل المخاطر التي كانت تحيط بها.
الفصل الأكثر غرابة كان في الأسبوع التالي، ففي يوم الجمعة الموافق للثامن والعشرين من آذار قرّر اتحاد الكرة استمرار الدوري مهما يكن الثمن بإقامة الجولة العاشرة من الإياب. كانت العاصمة بغداد شبه مهجورة والوصف ينطبق على معظم المحافظات، وكان مدهشاً أن تلعب بعض الفرق مبارياتها بما توفر لديها من لاعبين، وتجلّت هذه الصورة بأشدّ ملامحها وضوحاً عند لقاء الدفاع الجوي مع كركوك في ملعب الكرخ، إذ كانت الطائرات تغطي سماء بغداد، وتعذر على فرق كثيرة أن تلعب، فيما سجل الزوراء استثناءً تاريخياً في ذلك اليوم حين فاز على سامراء بأحد عشر هدفاً مقابل هدف واحد. الكلمة الوحيدة التي كانت راسخة هي أن الشرطة كان يعتلي الصدارة بعد أن جمع (68) نقطة في (28) مباراة، وقد أضاف إلى ذلك قدرته على إصابة الشباك وله (67) هدفاً فيما سجلت الفرق الأخرى عليه (26) هدفاً. ذلك الدوري الأبتر شهد ولادة (أخرى) لإمكانيات مهاجم الزوراء الدولي هشام محمد الذي كان في الفورمة وعلى قمة (المدفعجية) لدى توقف المسابقة مُسجلاً (24) هدفاً، وكانت أمامه عشر مباريات أخرى لرفع مُحصلته.
وخارج سياقات الهيمنة البغدادية التقليدية، كتب النجف أروع حضور في ذلك الموسم، لقد أنهى السباق ثالثاً وكان في إمكانه الوقوف بدل الشرطة على منصة الإنجاز والتتويج لو أنه حسم بالفوز كثيراً من مبارياته السهلة.. لقد كان النجف في ذلك الموسم الفريق القوي الذي قدّمته نتائجه مع الكبار بأفضل ما يكون التقدي.