من كلِّ يبسٍ شجرةٌ لانتظارك

ثقافة 2024/03/26
...

  طالــب عبد العـزيـــز

بمطرقتكَ الليّنةِ دُقَّ على زجاجةِ قلبيَ الحمراء
أيّها المطرُ ..
إنْ كسرتها لا عليكَ، سأجدُ واحدةً بيضاءَ أخرى
وإنْ طرقتَ بعيداً عنها أغضبْتني، فأنا وحيدٌ البريّة هذه  
كلُّ الذين أضأتُ ليلَهم أخذوني حطباً للظّنون ..
فتعال، ألقِ على جسدي كلمتَك العابرة،
وإن أملقها النأيُّ، أو صَرَفها الوجدُ، وخرّقتها الغُرُبات
أو أنثرْ بلّوْركَ على النوافذِ، نوافذي، حيثُ أكونُ. ولا أقولُ حواليها
أغلقتُها العامَ الماضي، فطُغراءُ أصابعي ماتزالُ  بمقبضِها
سأنتظركُ حتى يختنقَ الفجرُ برؤوسِ النخل.
***
إنْ جئّتَ في النَّهار، وقد ضمَّتْ كلُّ شمسٍ جوهرَها
وكان نصيبيَ من الهجرِ عندكَ أكبرَ
 سأضعُ مِدّرعةِ الصُّوفِ، وأغيبُ، إلّا من جسدٍ تعرفه
وإن جئتَ في الليل سأطفئُ فانوسَ الرَّجاء
فانا والله، ممن يأنسُ بوعدٍ،  ويُجبى قلبُه بعناق ...
كيف لا؟ وقد دَرَسَ كلُّ مستور ،
وأُمهِدَتْ للكلام أرضُ كلِّ يأسٍ وخوف ..
فيا من صيّرتني من كلِّ يبسٍ شجرةً لإنتظارك
تعال، لقد أخذتْ الارضُ عليَّ،
وأوجبَ قديمُ عهدِكَ استعمالَ
دمي في الكتابةِ اليك    
وهذا الشوقُ دلوَ ما حملتُ الى سريرك  
لقد ذرعتُك بقلبي، فكنتَ أدناهم اليه، وأثقلَهم فيه
ثمَّ أنني جعلتُ فيكَ استطاعةَ هذهِ وتلك ..
فلا تصّدفْني الى أحدٍ سواك !!!
***  
تاخذُ عنّي آنيةَ الصمت، وعنكَ أحملُ آلةَ الهذْرِ والعِناد
تملأ يدي بكعابِ طفولتك، وأفرغُ حائطَكَ من كلِّ حرفٍ ورقم
فلا تُذْهبني الى ما تفرَّقَ من أصابعِك بوجهي ذات يوم
إذْ كلُّ نأيٍّ رملةٌ يُكتالُ الريحُ بفيئِها..
وينتَعِلُ كلُّ ذيْ دِعَةٍ فيها أسبابَه ومرامَيه  
وتنبحُه النجومُ  في بطنه وظهره..
منذ متى وأنت ترتعدُ في الشِّباك يا طائرَ الطيطوى
من سَلَبَك اغصانَ التوت؟ من نتفَ ذيلَ الرِّيحِ بسمائِك؟
وحتى مَ يصفعُك العوسجُ فلا تُفيق، أيّها الفجر
وإلى أينَ أنتَ آخذٌ ببادية الليلِ يا نخلَ الاجداد
بقلبي من نصال جريدك مئةٌ،
 فما أشْغَلني بغيرك، وما أصْبرني عليك!
يامن قيَّضتكَ الظُّنونُ، أنا الجزءُ المُستوفى من الغروب.
سأتوهمُه على ذراعِكَ نازفاً عندليب السؤال
أنا عائدٌ مثلُ ذاهبٍ، لقد ارتحلني
 مَنْ هو اثقلُ منك ايَّها
الموت.