زيد الحلي
كتاب زميلنا د. طه جزاع الجديد ( حكاية الدرويش والحلاج) عنوان للوفاء، وضوعٌ لمحبة متجذرة في الوجدان، موضوعة حكاية انسانية واعجاب طالب فلسفة لأستاذه الفيلسوف.. الطالب طه جزاع والاستاذ د. كامل مصطفى الشيبي.. عمر الحكاية امتد 45 عاما، وحين تتصفح الكتاب، وبعد قراءته، لا يمكنك فصل الدرويش عن الحلاج، ولا يمكنك أن تعرف من هو فيهما الحلاج، ومن هو الدرويش، حيث امتزجا في واحد.
اهدى د. طه كتابه إلى د. الشيبي بالقول: إلى روح معلمي وشيخي، الذي زرع في نفسي التواضع وحب الخير والتقرب إلى الله محبة لا رهبة، عشقا لا خوفا، الاستاذ المتمرس الدكتور كامل مصطفى الشيبي، سليل المتصوفة، وعاشق الحلاج، ودرويش البحث العلمي، عسى ان يرد هذا العمل شيئا ولو يسيرا من دينه وجميله..
الكتاب حمل بصمات سردية، وذكريات ندية، يتوقف امامها المرء، اعجابا، بما تحمله من نبل ووفاءّ مشترك بين الاثنين.
فهو يبين ان د. الشيبي، كان استاذا وعالما في الفلسفة، هادئاً، متسامحاً، راضياً، قنوعاً، ملتزماً بإنسانيته، ملتزما بدينه، حمل الامانة الاكاديمية بإخلاص، واعطى لتلامذته جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم، وتمتع بخصال ومزايا حميدة، ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب، والتواضع الذي زاده احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب طلابه وكل من عرفه والتقى به، وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس..؟
إن الوفاء المقترن بالحقيقة الذي قدمه د. طه بهذا الكتاب، مصاغ، صياغة انسانية، اتسقت فيها الكلمات مع المعاني، فالوفاء الممتد مع العمر، شأنه شأن السراج المضيء ليس بحاجة إلى دليل، فالوفاء والصدق صنوان متلازمان.. هما طيور حب بلا أجنحة..
نعم، لقد غيب الموت د. الشيبي جسداً، لكنه بقى حياً في ضمير تلميذه د. طه، وأظن أن في وجدان التلميذ الوفي، اثناء وقفة الوداع وحمل نعش استاذه، كان هذان البيتان من الشعر قالهما شاعر النيل حافظ ابراهيم في رثاء استاذه احمد شوقي :
خلفت في الدنيا بياناً خالداً وتركت أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان لم يزل للدهر انصاف وحسن جزاء.