أبو الطبل.. تقليدٌ رمضانيٌّ بالغ الإيمان

الصفحة الاخيرة 2024/03/28
...

 بغداد: محمد إسماعيل

تصدر نقرات المسحراتي على الطبل، من أقاصي أعمارنا.. صغاراً تدفعنا غضاضة طفولتنا الى الاستيقاظ مع ذوينا، نصغي لـ "أبو طبيلة" أثناء السحور مع الأهل، بانتظار: إشرب الماء وعَجِّل، ثم تنفجر صيحة السكون المطبق "إمساك" فيمسك الجميع عن الماء والطعام والغيبة والكره والأحقاد والبغض و... يتوجه ذوونا الى القبلة يصلون الفجر.. فنقوم بقيامهم ونركع بركوعهم.. ساجدين بسجودهم: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. إنك أرحم الراحمين، مكتفين من الدنيا بضمان الآخرة.
نقرات أبو طبيلة المنغمة: تك.. دُم عالقة في ذاكرتنا، التي أيقظها رئيس فريق (المسحرجيه) في الجوادر.. مدينة الصدر، قائلاً لـ "الصباح": طبل رمضان تقليد متوارث في العراق والدول العربية والإسلامية منذ مئات السنين، حيث لم تستحدث المنبهات الأكترونية أو سواها من موبايلات أو ساعات حينذاك؛ لذا كان الاعتماد على (أبو الطبل) ونداءات المؤذنين كي يصحو النائمون، وكل فريق يتجول ضمن نطاق محلته، قبل ساعة من موعد بدء السحور.. أي ساعتان تفصله عن الإمساك، وتابع: هذه الطقوس يحبها الناس لأنها متوارثة وجميلة وتعطي طابعاً روحانياً مكملاً للصيام، وخاصة الأطفال يفرحون مبتهجين كثيراً عندما يشاهدوننا ونحن نسير أمام الأبواب ونراهم يقفون بانتظارنا ويحيوننا والابتسامة تملأ محياهم وسع وجوههم البريئة.. سعادات صغيرة.
واصل: اِعتاد العراقيون التسابق الى تقديم الخير.. تبادلاً.. بكرم ومحبة، فكل يوم.. ونحن نجوب الشوارع يخرجون لنا بصينيّة السحور، ولا يقبلون اعتذاراً فالكرم عند العراقيين إجباري؛ يشعرنا بالسعادة، موضحاً: الزمن في تطور مستمر.. المنبهات منتشرة، وأغلب العوائل تسهر إلى السحور، لكن مهمة (المسحرجي) التي لم تعد ضرورية، لن تنقرض لأنّها تقليد جميل يشكل مظهراً رمضانيّاً بالغ الإيمان.