عادي ومحسّن وممتاز

الصفحة الاخيرة 2024/04/01
...

عبد الهادي مهودر

أثار قرار مجلس الوزراء بجلسته الأخيرة نقاشاً واسعاً في الفضاء العام وردود أفعال متباينة بين ناقد ومعترض ومتفهّم لرفع سعر البنزين المحسّن والممتاز، بينما سكتَ أصدقاء البنزين العادي لعدم شموله بالزيادة، وتحدّث النفطيون عن خسائر البنزين المستورد المدعوم وواقع المصافي العراقية، وغرّد المغردون الاقتصاديون بعدم تأثير الزيادة على الكلفة العامة للنقل ما دام سعر الوقود الذي تستخدمه معظم السيارات لم يتغيّر، وهناك من توقّع العكس، وكان وما يزال حديث الناس التي تعوّدت لسنوات طويلة على ثبات اسعار الجبايات والخدمات الحكومية، ولذلك يوصف قرار رفع أسعار البنزين بأنه من القرارات الصعبة لأن الموقف الشعبي منه معروف مسبقاً، لكن استثناء البنزين العادي ضيّق مساحة الاعتراض بشكلٍ ملحوض.
وقد أعاد قرار رفع الدعم عن البنزين الحديث عن شؤون وشجون النقل العام في العراق، وهو القطاع المنفلت الذي لم يشهد تطوراً على صعيد التحديث والتنظيم والالتزام بالقانون والنظام والآداب العامة، مع أن تطويره كفيل بإحداث نقلة تاريخيّة ونوعيّة في حياة العراقيين، والذين يستخدمون خطوط النقل العام، وهم الأغلبية، كيّفوا أنفسهم على التحمّل والصبر الجميل وقضاء الوقت بالحوقلة والتعويذات والاستغفار حتى آخر المشوار الذي ينتهي أحياناً بمشادة ومشاجرة وتغيير اتجاه السير نحو أقرب مركز شرطة، وبحالة تشكيك دائمة بالركّاب لنقص الأجرة (نفر واحد) فمنذ دخول سيارات الأجرة الى العراق والى يومنا الحاضر لم يتم التعرّف على هوية هذا النفر الضال الذي لا يدفع!.
وقبل وبعد رفع الدعم عن سعر البنزين المحسّن والممتاز، فإن (سيد الحلول) هو توفير وسائل نقل عام آمنة ومريحة ومنضبطة وملتزمة بالتوقيتات المحددة، تعطي للمدينة وجهاً حضارياً أجمل وتنظّم حياة العراقيين وتضبطها بالساعة والدقيقة وتكفينا شر الجدال، ولا نعرف سبباً واحداً يمنع تنظيم قطاع النقل العام بالشكل الذي ينفع الصالح العام ويقلل الضرر ويغني الناس عن استخدام سياراتهم الشخصية وتقليل استهلاك البنزين المضر للبيئة، والمشكلة لاتحل من دون حزمة إجراءات، الى جانب مشاريع فك الاختناقات المرورية المتسارعة، وفي مقدمة الحلول إصلاح قطاع النقل العام، وتقليل استيراد السيارات، ونقل مشاريع الإسكان ومقار الوزارات الى أطراف العاصمة ذات التسعة ملايين نسمة والأربعة ملايين سيارة والمليون دراجة وستوتة وتوك توك، وتركيز الدعم على المواد الغذائية والأساسية، وتحسين كفاءة البنزين العادي ليكون صديقاً دائماً، ما من صداقته بدُ، وحتى لايكون لدينا مواطن مميز ومواطن عادي.