بغداد: الصباح
استيقظ ولدي الأصغر أحمد.. بكلوريوس موسيقى، على معزوفة مونومور – حبيبتي، للموسيقار الإسباني خواكين رودريغو، تصدر عن عربة نقل أسطوانات الغاز التي يجرها حصان.. صباحاً، ليبطل العجب عندما عرفت من صاحب الفكرة.. الناطق عن وزارة النفط الزميل الإعلامي والرسام عاصم جهاد، انه عمد الى استبدال نداءات بيع الغاز في السيارات أو العربات المجازة من قبل الوزارة، التي تجرها الخيل.. وقال جهاد: حولتها من الفوضى العشوائيَّة الى خطاب جمالي منظم، سرعان ما تعوده الناس وعشقوه.. صارت ربّات البيوت تصغي للموسيقى في الشارع فتسارع الى فتح الباب لتجد بائع الغاز، مؤكداً: وبهذا أنقذت الذائقة من التلوث السمعي الى الجمال التأملي.
وأضاف: خاطبت كل بيئة بما يلائمها، في الأنطقة البغداديَّة القديمة جعلت الباعة يبثون مقاماً، في الثورة – الصدر.. موالات وأطواراً ريفيَّة، في البصرة.. خشابة، والرمادي سويحلي، خاطبت كل بيئة بنمطها الذوقي، ونجحت التجربة.. بل صارت تقليداً مطلوباً من الباعة والمستهلكين، الكل مستمتعون بالتجربة، لاعنين ضربات أنبوب الحديد على قطعة نحاسية تصم الأذن.. سابقاً.
ولفتت ربّة البيت أم حيدر.. من الشعلة: عندما تنفد أسطوانة غاز، أواصل عملي المنزلي ريثما أسمع صوت الرادود الحسيني ياسين الرميثي "يحسين بضمايرنا" فأسرع الى فتح الباب ومناداة البائع، مفيدة: في طفولتي كان صياح بائع النفط يزعجني، وعندما كبرت وجدت الطباخات النفطيَّة اِنتفت وحل بدلاً منها الغاز، وصار البائع يستخدم الموسيقى في الإعلان عن وصوله.
ونوّه البائع ناصر فهد: كان رأس والدي.. رحمه الله.. يصطك صياحاً وحنجرته تتهرأ، أما مع مكبرات الموسيقى، فأنجز العمل كما لو كان في نزهة.. مترحماً لزمن والدي.