بيتي سار.. فنانة الوعي التخريبي

ثقافة 2024/04/18
...

 ابتهال بليبل


الفن، ليس مجرد نشاط. هو الوجه الآخر للوضع الإنساني، ووظيفة لونية وتشكيلية تحمل الأفكار التي تكون من وجهة نظر ذاتية، كما لو أن الأمر يتعلق هنا بإظهار كل ما نحاول هدمه أو ايجاد وضع مغاير في إطار تعددية الثقافات واختلافها.

هكذا تنتمي أعمال الفنانة الامريكية بيتي سار إلى استعمال متعمَّد للاشياء بهدف إنتاج مجموعة إشارات وأفكار يحكمها مزيج لوني يعطي المعنى حيزا عميقا. يتعلق الأمر هنا، كما نلاحظ، بمفهوم واسع عن توظيف المواد المهملة والمنسية، تبدو ظاهريا من دون معنى، أو ربما انتهت صلاحية وجودها أو الفائدة منها. لكن، حينما نعاينها بعد أن تخرج من بين أصابع الفنانة، فأنك ستكتشف أنها البداية. 

تشتغلُ الفنانة المعروفة بأعمال التجميع والكولاج بيتي سار على ثيمات تتعلق "بالهوية والاستعمار والهجرة القسرية والنسوية" وتسعى دائماً إلى إعادة إنتاج المثيولوجيا الأفريقية عبر تركيبات بأشكال مشفرة المعنى.. هذا الانتاج الذي يركز دوما على شخصيات أسطورية يثير الوعي التخريبي لكل شيء نمطي ويدمجه بالرمزي. فدائما هناك غاية أساسية تعود لها الفنانة في كل أعمالها التي تنتمي عادة إلى "الفنون السوداء"، وهي بشاعة الاعتداء الروحي والجسدي الذي توفره حقائق الوضع الاجتماعي، ومحاولة طرحها بوعي سياسي.

ففي أعمالها المصنوعة من الأشياء كالأقمشة والكرات الزجاجية وبقايا الكراسي والطاولات والأخشاب والدمى والشموع والأعشاب والثمار والأشجار والزهور المجففة والأصداف البحرية وإطارات النوافذ القديمة ولافتات إعلانية وغيرها من مواد تحاول إعادة تدويرها بصحبة الورق والرسومات التخطيطية والألوان، نلمح أشكالا فكرية معبرة، وهناك دائما امرأة تشرع بتحويل كل صورة سلبية كانت جزءًا من حياتها إلى ايجابية. إنها تشعر بالسعادة، وتشتغل على كل ما يدفعها لتكون "هي ذاتها" فنرى أعمالها عبارة عن دعوات للمواجهة والتحرر والتحدي والأمل بعيدا عن الخوف والتردد.

بيتي سار التي تأخذني الكثير من أعمالها نحو الفن النسوي، نجدها تركز على تعدد الثقافات والسيرة الذاتية والجسد الأنثوي ومدى تعلقه بالروحانيات والطاقات الايجابية، فعكست اشتغالاتها على الكثير من القضايا التي تناولتها النسوية، مثل هيمنة الرجل والأمومة وعمل المرأة والعبودية وغير ذلك من حقوق وحريات.