علي حنون
كثيرة هي اللحظات، التي يتم فيها تسجيل رصد مادي لسلوك عيِّنة من المدربين خلال منافسات دوري نجوم العراق، ومن بين تلك المُؤشرات حالة (الصراخ) المُستدام، التي تنتاب بعض الوجوه التدريبية وينتهجونها (سبيلاً) للتواصل مع لاعبي فرقهم أثناء المُباريات، التي تصل في مواقف معينة إلى درجة (الهستيريا) مُعتقدين أن في طريقتهم هذه إمكانية مُباشرة لإيصال تعليماتهم إلى اللاعبين، طالما أنهم يجدون في رؤيتهم بهذه الكيفية، نافذة تجعلهم يطلون من خلالها على باحة التناغم مع عطاء لاعبيهم.
نُؤمن بأن هناك غايات مُهمة تقف وراء مُتابعة أهل الشأن لمباريات الفرق العالمية وتعكس في مضمونها إفادة مُتعددة الجوانب من أحداث تلك المُقابلات، التي تُوضع - تصنيفاً - في خانة مُميزة فنياً، فاللاعب يذهب في الاتجاه، الذي يجعله يستفيد من الجانب المهاري لنجوم الكرة العالميين ما يعينه في تقديم صورة جيدة مع فريقه، وكذلك الجمهور من المُفترض أنه ينهل بدوره ما يُسعفه في أداء دوره كأحد أركان تطور اللعبة عبر استيراد فنون التشجيع الأكثر تحضراً، فضلاً عن تعلم الكيفية، التي ينتظم فيها المشجعون، والتي غالباً ما تُضفي رونقاً يعطي دافعاً معنوياً لفرقهم من دون الإساءة إلى جمهور الفريق المقابل..ولعل في طليعة الأدوات، التي ينبغي عليهم الإفادة من مُتابعة المباريات العالمية، هم المدربون، الذين تقع في حدود دائرة مسؤوليتهم المهمة الأولى في تطويع مهارات اللاعبين، خدمة للأداء الجماعي.
فسلوكيات المُدربين العالميين، سواء مع الأندية أو المُنتخبات، تعكس في المنافسات الكبيرة صوراً إيجابية نرى أنه من الطبيعي أن يأخذ بها مدربونا، طالما أنها تَرسم نهجاً مُؤسساً على أفكار تناغمية تبني العلاقة إلى درجة كبيرة بين المدرب ولاعبيه..وإلى جانب الفلسفة (الخططية)، التي تُسوّقها المُنافسات العالمية، فإن احترام المُدربين الكبار لإمكانات لاعبيهم الفكرية والأدائية تُعبِّد سبيل التعاطي بين الاثنين، فالمدرب عندما يَعي جيداً مهارات لاعبيه ويضع في ضوء ذلك طريقة اللعب في كل مباراة، فإن الأمر ينتهي بدخول اللاعبين أرض الملعب ولا تجد هناك صراخاً من قبل المُدربين، لأن هذا السلوك ربما في جانب منه يعطي انطباعاً بعدم أهلية اللاعبين على هضم الأفكار، التي طرحها المدرب قبل خوض اللقاء.
ما نُريد الإقرار به من أمر وتأشيره على أنه في حال استشرى وارتفع مُؤشره يُشكّل ثقلاً على اللاعبين هو أن بعض المُدربين يُواصلون (الصراخ) غير المُبرر على لاعبيهم وكأنهم يُعاودون شرح تفاصيل خطة اللعب خلال سير المباراة، بل أن ثُلَّة بينهم يتعاطون وعلى مسمع الجميع مع لاعبيهم بكلمات قاسية، وهو سلوك غالباً ما يأتي تأثيره سلباً، نتيجة سيل كلمات التشويش، التي تُصيب أفكار اللاعبين بسهام القلق وتجعلهم غير مُستقرين في أدائهم، ويقيناً أن مثل هكذا شؤون توضح حالين، الأول يتجلى بعدم إيجابية ثقة المدرب باللاعبين ما يدفعه إلى تذكيرهم بما تم الاتفاق عليه من أسلوب، وأما الثاني فهو يتعلق بإخفاق الجهاز الفني في إيصال أفكاره بصورة سلسة إلى اللاعبين، وفي الخيارين يكون هنالك خلل ينبغي الوقوف عنده بإمعان والسعي لإيجاد المُعالجات المطلوبة له، ذلك أن لجوء المدرب إلى هذه الطريقة للتواصل مع لاعبيه أثناء المباريات، إنما يعكس بُعداً غير مُتوازن في شخصيته المهنية وعدم امتلاكه لرؤى واضحة.