شاكر الغزي
يجب أن لا يغضبنا كون الحياة قصيرة!.
فالمشكلة لا تكمن في قصر الحياة، وإنما في الاستعمال السيّئ للوقت الذي نتوفّر عليه. وبدل أنْ نغضب؛ يجب علينا أنْ نستفيد من كلّ الوقت المتوفّر لدينا أَجدى استفادة.
بعض الناس يُهدرون سنوات حياتهم في أشياء تافهة وغير ذات جدوى!، بل ويمكنهم أنْ يهدروا آلاف السنين ــ لو قُدّر أن يعيشوها ــ بنفس السّهولة والتفاهة! وسيشتكون، أيضاً، من كون الحياة قصيرة جداً!.
يرى سينيكا أنّ الحياة طويلة بما يكفي لنحقّق الكثير من الأعمال ذات القيمة، بشرط أنْ نقوم بالاختيارات الصحيحة والمناسبة، وأنْ لا نضيّعها في الأمور التافهة. بعض الناس يتفانون في كسب المال بطاقة هائلة لا تترك لهم وقتاً لأنْ يفعلوا أيَّ شيءٍ آخر. يسقط آخرون في شرك الشرب والجنس، ويكرّسون كلّ أوقاتهم لذلك.
ليس على الإنسان انتظار أنْ يكبر في السنّ ليكتشف ذلك؛ سيكون الوقت متأخراً حينها. أنْ يصبح الشعر أبيض، وأن يمتلئ الوجه بالتجاعيد، لا يعنيان ــ بالتأكيد ــ أنّ شخصاً كبيراً في السنّ قام بأعمال ذات قيمة! رغم أنّ البعض يتصرّفون كما لو أنّ ذلك صحيح تماماً.
عندما يبحر شخص ما، وينجرف مع التيّار تدفعه الرياح العاصفة، فهو لم يكن في سفر. بل، كان يُقذف به من مكان لآخر لكثيرٍ من الوقت. وهكذا هو الشأن في ما يتعلّق بعيش الحياة: أن تكون فاقداً للسيطرة ومنجرفاً مع الأحداث دون أن يكون لك الوقت الكافي لتعيش تجارب ذات قيمة ودلالة، هو أمر مختلفٌ تماماً عن العيش الحقيقيّ.
ولكن...
كيف يعرف الإنسان أنّه يعيش حياته العيش الحقيقيّ؟
كبرى علامات العيش الحقيقيّ هو أنك لن تشعر بالخوف من ذكرياتك عندما تكبر في السنّ!
عندما تهدر وقتك، فسوف لن ترغب في تذكّر الحياة التي ضيّعتها؛ لأنّ الأمر سيكون مؤلماً حين تتأمّل في الفرص التي لم تستغلّها. وبحسب سينيكا، فإنَّ بعض الناس إنما يشغلون أنفسهم بتوافه الأمور؛ لأنّ تلك هي الطريقة الوحيدة لتجنّب حقيقة ما فشلوا في تحقيقه. ولذلك، فهو يدعو إلى الاختباء وراء الانشغال بأعمال تافهة.
ويدعو، أيضاً، إلى الابتعاد عن عامة الناس!.