بغداد: نوارة محمد
يرى مختصّون في شؤون البيئة أن التشجير الممنهج هو حل طبيعي لأزمة الحرارة المرتفعة في العراق، فهو فضلا عن ذلك يؤمن للبلاد بيئة نظيفة مفعمة بالأوكسجين، لكن هذا الحل يصطدم دائما بمسألة شح المياه وهذه الحجة لا تجد تفهما من قبل المواطن الذي يعزو شدة الحرارة إلى سلسلة من قضايا الفساد أهمها التعمد في تحويل المدن إلى غابات "كونكريتية" صماء.
تقول سوزان قاسم، وهي مهندسة زراعية إن "العراق يتعرض منذ عقود لعملية تجريد من الغطاء النباتي، وهذا الجانب بقي لفترة من دون إدامة أو تعويض ما سبب في خسارات بالغة يصعب تداركها".
وتضيف: لا بدَّ من حملة وطنيَّة لإعادة التشجير ووضع قوانين للتعامل مع المساحات التي تخصص للبناء، فضلا عن قوانين تحافظ على جوهر البيئة والتواجد النباتي. هناك الكثير من أنواع الأشجار القادرة على التكيف مع شح المياه، لكن هذا الملف أو هذه العشوائية في تدمير الغطاء الأخضر تقترن بسلسلة من مراحل الفساد، وإذا أخذنا غياب الضوابط فإن الأمر يصبح شديد التعقيد.
أما حسين البهادلي، فهو أيضا يرى أن الحل يكمن في زيادة المساحات الخضراء، وهذا الأمر من وجهة نظره مسؤولية حكوميَّة، كما يتساءل: لا نعرف لماذا تتجاهل كل الحكومات المتعاقبة حالة التصحّر التي نراها تستفحل كل سنة ولا نعرف لماذا تقوم جهات حكوميّة وخاصة في المحافظات بتجريد المدن من المساحات الخضراء واستبدالها بالأرصفة "الكونكريتية"؟
ويتابع حسين: على مجلس النواب تشريع قوانين فاعلة لمعالجة هذه الأزمة التي تتصل بالحياة والبقاء على هذه الأرض، والعمل على دراسة واقعنا البيئي بالشكل الذي يتيح المعالجة وتحسين الوضع الحياتي في ظل ارتفاعات الحرارة.
من جهتها تقول إسراء عدنان، وهي ناشطة بيئيّة إنّ "هناك سوء تعامل مع البيئة، ودائماً ما تعتدي الأعمال العمرانيّة على الغطاء النباتي وتتخلّص من الأشجار بتجريفها".
وتتابع: لا يوجد أي رادع في التعامل مع الأشجار وكل الذين يعملون في المجال الهندسي المعماري يفتقدون إلى ثقافة البيئة، ومن ثمّ يسهمون في تدمير الغطاء النباتي وقتل الأشجار لكسب أمتار إضافية من الاسمنت.
وتختم أسراء حديثها بالقول إنّ "مدننا قبيحة والسبب في ذلك يعود لغياب اللون الأخضر، وأن هذا لا يعرضنا فقط لأضرار الحرارة المرتفعة فقط، وإنما يصيبنا بالأمراض النفسيّة ويجعل الحياة في شد متواصل وأزمات متلاحقة".