اليمن.. خنجر البحر الذي لا يصدأ

آراء 2024/07/24
...

خالد حميد صبري

صراحةً أعلنتها اليمن، ومنذ البداية، وبشكل رسمي وواضح، أنها مع فلسطين وضدّ الكيان، خلافاً لجميع دول المنطقة. قطعوا البحار وأغلقوا المضايق، وأوقفوا الموانئ وأخرجوها عن الخدمة، ولاحقوا الأساطيل وحاربوها، وضربوا حاملات الطائرات وأرغموها على الهرب، و(إيزنهاور)، فخر الصناعة الأمريكية، خير شاهد على ذلك. لم يدّخر اليمانيون جهداً في هذه المواجهة التاريخية نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم. أغرقوا سفن الكيان واحتجزوا بعضها، وقالوها بكل وفاء إن أمرها بيد المقاومين الفلسطينيين.
ومع استمرار الإبادة الجماعية التي يمارسها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة، ومحاصرتهم من جميع الاتجاهات، يواصل أنصار الله اليمانيون توجيه الضربات لهذا الكيان الإرهابي، يرسلون الصواريخ والمسيرات التي تقطع آلاف الأميال لتضرب أم الرشراش وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة. وهم بعد كل حين يعلنون عن مرحلة جديدة من التصعيد، كان آخرها الهجوم النوعي الذي نفذوه بطائرة مسيّرة في قلب تل أبيب، وهي خطوة لم يسبقهم إليها أحد، ليكونوا في صدارة الأخبار والعناوين وعلى مرأى ومسمع كل دول العالم. اليمانيون يفعلون كل ذلك من أجل فلسطين، وهم يخوضون هذه الحرب عن بصيرة وإيمان، ويعلمون جيداً أن إمكاناتهم بسيطة، إذا ما قورنوا بآخرين، ويعلمون أن سماءهم مفتوحة، ويمكن لطائرات الأعداء أن تتجول فيها بيسر، لكنهم يعلمون أيضاً أن الوقوف في المنتصف والتفرج على شعب يُذبح من الوريد إلى الوريد خيانة عظمى لضميرهم وعقيدتهم وأخلاقهم التي تربوا عليها. الشعب اليماني خاض الحروب وخبرها، وعانى القتل الجماعي طيلة سنوات، وذاق –ولا يزال- مرارة الحصار وآلامه، لذا كان أول المناصرين لأهل غزة، وأول الساعين إلى فكّ الحصار عنها. لم يتفاجأ أهل اليمن بالردّ الإسرائيلي، وقصف ميناء الحديدة، فهم يدركون أن موقفهم الداعم لفلسطين سيجلب لهم الكثير من الأعداء والاعتداءات، لكن ماذا ستؤثر تلك الاعتداءات في بلد محاصر وبيئة ما فطمت الحرب منذ سنوات؟  اليمن عصية على الجميع، ولم تتجرأ دولة لمحاربتها، لذا لجؤوا إلى التحالفات التي لم تنفع معهم من قبل، واجهوا الحروب بصبر نادر وعزيمة غير مألوفة، وخرجوا منها وهم أقوى من ذي قبل.  أما الآن، وقد اختلط الدم الفلسطيني بالدم اليماني، فإن أهل الخنجر لن يسكتوا ولن يتراجعوا، بل سيزدادون عناداً، وسيردّون وسيعاقبون من اعتدى ومن ساعد على الاعتداء، وهم يؤمنون أن هذا الكيان الصهيوني غدة سرطانية، خطرها كبير، وأن الوقوف بوجهه أمر حتميّ، لأن الهاويات ستبتلع الواقف على حافتها.