ابراهيم سبتي
هل نرمي الكرة في ملعب الاحتباس الحراري وبالتالي ننفق الوقت الثمين في التفرج على التصحر المخيف الذي راح يغزو الاراضي الصالحة للزراعة ببطء؟ إنه سؤال مفصلي يجبر المعنيين بأن لا تتوقف دراساتهم والتقارير السريعة والخطط المدروسة لتغيير الوضع القائم حاليا، وذاك الذي يسعى بخطى حثيثة لتدمير الأراضي خلال السنوات القادمة.
ففي كل خطوة ملموسة تجاه ما هو آت كفيل بمعالجة الأمر الذي إنَّ تُرك فسيؤدي لفقدان الدوانم الزراعية المروية وتحويلها إلى ارض بور لا حياة فيها فتدخلنا في مشاكل اقتصادية واجتماعية. والاسباب التي فرضت وستفرض التصحر الزاحف، كثيرة وربما نستطيع إجمالها بان نقول أولها هو الاحتباس الحراري وهي ظاهرة مناخية تحول الحياة إلى جفاف وبصورة مفاجئة ودون انذار مسبق، فلربما يأتي بالتدريج لكنه سريع حتما. اضافة لقلة تساقط الامطار وارتفاع درجات الحرارة في الصيف العراقي اللاهب، والتي أخذت تتصاعد في السنوات الاخيرة، ونستطيع اضافة التلوث الناتج عن النزاعات المتوارثة منذ سنوات بعيدة. إن حالة الجفاف تحتاج إلى عمل مدروس يمكن من خلاله مكافحة ما يمكن مكافحته من ارتفاع نسبة الجفاف في الاراضي الزراعية والتي ستدفع حتما السكان والاهالي إلى الهجرة إلى مراكز المدن، التي ستولّد مشكلات اجتماعية وسكانية وخدمية جديدة. انه امتحان كبير يواجه الجميع لتخطي هذه المشكلة والتي تحتاج إلى عناصر متوفرة منها الاستفادة القصوى من الموارد البشرية الموجودة في العراق، اضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة في تكوين السحب الماطرة، والتي بدأت بعض البلدان باستخدامها وحسب فائدتها ومدى مناسبتها للأراضي التي تحتاج للمياه لإنقاذها من الجفاف. أما المعالجات الاخرى لتوليد الحلول الطبيعية، فتكمن في وقف التمدد الصحراوي عن طريق السواتر الترابية الضخمة لمنعها من التمدد والقيام بحملة زراعية كبرى لزراعة الاراضي الواسعة، للحد من التصحر والتقليل من تأثير الرياح الحارة، التي تسبب في تحريك الرمال وتمددها. إن هذه الحلول تحتاج لدراسات عميقة وجدية لأجل اللحاق بما يمكن وقفه من غزو الجفاف والتصحر للاراضي الخصبة. إن العراق يقع في دائرة التأثير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري، والذي يشكل ظاهرة عالمية يتطلب تدخلا دوليا لحل المشكلة، التي بدأت تستفحل وتوثر على بلدان كثيرة. وخلال السنوات الماضية لاحظنا بأسف كيف اصاب الجفاف بعض البحيرات وتلاشي المياه، التي ظلت تتلاطم أمواجها على مدى التاريخ مثل بحيرة ساوة الطبيعية في محافظة المثنى، التي كانت بمثابة جرس انذار يذكّرنا بحجم الاخطار القادمة. إن الاستفادة من نهري دجلة والفرات في وضعهما الحالي يمكن أن يؤدي إلى بث بعض الحياة للأراضي القريبة منهما من خلال ايصال مياههما إلى تلك الاراضي، التي تعاني من بدايات لظاهرة التصحر وبالتالي زراعتها وتكوين تجمعات بشرية منتجة للحفاظ عليها. إن هذه الظاهرة تحتاج لتضافر الجهود وتشكيل لجان متخصصة لوضع الحلول السريعة المقدور عليها على الاقل في المستقبل القريب، حتى يتسنى وضع بعض الحلول الجذرية الكبيرة للأجيال القادمة.