ما أسباب هيمنة الذكورة على مهنة التلحين؟

ثقافة 2024/08/14
...

 بغداد: رشا عباس

 تصوير: نهاد العزاوي 

في سؤال توجهت به "الصباح" إلى المختصين والمهتمين، لماذا هيمنة الذكورة على مهنة التلحين وانحسر دور المرأة بهذا الجانب؟ اجتمعت الآراء على الظروف الاجتماعية، التي تتطلبها مهنة التلحين وهي اللقاءات المستمرة بالشعراء والمطربين والمنتجين والتنقل والسفر المستمر والمكوث لساعات متأخرة في الاستوديو والاحتكاك بالموسيقيين.. حال دون دخول المرأة بعالم التلحين، إضافة إلى أسباب أخرى.

الموسيقي مصطفى زاير أشار إلى أن إمكانية تعلم الموسيقى والعزف للرجال بدأ قبل النساء، لا سيما بعد منتصف القرن الماضي، اذ ظهرت محاولات تلحينية للنساء أهمها تجربة أم كلثوم، فقد غنت أغنيتين من ألحانها، إضافة إلى مطربة المقامات العراقية الراحلة سحر طه، وهناك في كل بلد عربي محاولات نسائية ولكنها تبقى 

فردية.

وأضاف عالمياً نسبة الرجال في العزف والتأليف الموسيقي والقيادة أكثر والسبب الأهم أن المرأة، حتى وإن بدأت في امتهان الفنون بمقتبل حياتها، بعد الزواج وتأسيس الأسرة، يكون همها الأكبر هو العائلة وتربية الاطفال ومساعدة الزوج في بناء الأسرة، فتقوم بالتضحية بأحلامها من أجل هذا الشيء، وهو مايجعل المرأة دوماً عظيمة والرجل يلحن ويكتب لها أجمل 

الالحان.


قيودٌ وعراقيل

اما عازفة البيانو رنا جاسم فقالت:" التلحين ليس حصرا على الذكور، هناك العديد من الفنانات قدمن أعمالا لحنية وأنا واحدة من تلك النساء حاولت بشكل فردي تلحين العديد من الأناشيد والأعمال، بالرغم من صعوبة الأمر، متمنية أن تنجح وتأخذ المرأة دورها الحقيقي في كل مجال بمساعدة

الرجل. 

وبين الفنان ستار ناجي أن السبب في قلة النساء بالتلحين، يكمن في عدم تسليط الضوء عليهن تحاشيا من نظرة مقيتة من قبل المجتمع، التي لا تحبذ عمل المرأة في مجال الفن والموسيقى بشكل خاص، مما أدى إلى انحسار عدد 

الملحنات في العراق بالذات فالمسألة ليست بالكفاءة والعدد، إنما بالقيود والعراقيل والتقاليد المجتمعية.


ضغوطاتٌ مجتمعيَّة

الباحث الموسيقي ستار الناصر أوضح أن الظاهرة موجودة ليس في العراق فحسب، بل في المشهد الموسيغنائي العربي، والى حد عالميا ومع هذا الواقع نقول، هناك ايضا ملحنات قمن بتلحين بعض الأغاني مثل السيدة أم كلثوم، إضافة إلى محاولة رائدة للسيدة ملك لحنت اغنيتها المشهورة "صباح الخير

يالولة". 

وواصل الناصر الأسباب كثيرة أهمها الواقع في البلدان العربية، لا سيما العراق فإن طريق الغناء والموسيقى ليس سالكا والضغوطات المجتمعية كالتشدد الديني والعشائري والعائلي وغيره، بل هناك تعقيدات وصعوبات على الفنان المطرب أو الموسيقي أو الملحن وهذا وبشكل أشد وأكثر صرامة 

على المرأة .


نوعيَّة التلحين

من جانبه عرج الدكتور دريد الخفاجي إلى أن فكرة التلحين وصناعة الأغنية أو الموشح أو البستة العراقية، ظهرت في فترة متأخرة بالمنطقة العربية في حدود منتصف القرن التاسع عشر، في هذا الوقت لم تكن المرأة العربية نالت جزءا من التحرر والاستقلالية وامكانية التعامل والتعاطي مع المنتج والمسارح والجهات، التي تقدم الأغاني والأسطوانات.

مؤكدا أن التلحين وصناعة الأغنية يتطلبان إعدادا وتعاملا مع الشاعر وجلسات تعديل للنصوص وبحثا ولقاء مع أشخاص آخرين، فضلا عن التعامل مع مغنين وعرض الافكار عليهم. يتعذر على المرأة أن تتحرك بهذه

الاتجاهات. 

وتابع الخفاجي اغلب الملحنين يبذلون جهدا كبيرا ووقتا طويلا واجتماعات كثيرة ولقاءات تمتد لساعات متأخرة من الليل، وجهدا كبيرا وتفرغا، حتى يخرج العمل بشكل كامل، وتلك عوائق أمام المرأة في المجتمعات العربية لا سيما العراق.