العقل السياسي الأميركي وأبرز مشاريع القضية الفلسطينية (2 ــ 3)
العراق
2019/06/17
+A
-A
جواد علي كسار
ليس الهدف من هذا الاستعراض التحليلي، للبارز من مشاريع أميركا حيال فلسطين، إحراز الوعي بالمخططات الأميركية للجيل الذي لم يعاصرها ويعرفها، أو لأولئك الذين عاصروها ونسوها وحسب، بل يقوم ذلك الاستعراض أيضاً على أساس نظرة أو فهم للسياسة الأميركية ، وهي تستند في واحدٍ من مبادئها على توظيف التراكم في الموقف والمشروعات، وإعادة إنتاج المشاريع والخطط والمواقف الجديدة من بطون ذلك التراكم، عبر تقانة سياسية جديدة، دونما إهمال المستجدّات المستحدثة في المنطقة والعالم والساحة السياسية.
بمعنى أن المشروعات الأميركية ليست مشروعات في التاريخ، وهي من ثمّ لم تستحل إلى تراث، بل ما زالت تملك جاهزية الفعل، ولها حضورها في الأفكار والمواقف والمشاريع الحاضرة، كما نشهد ذلك في «صفقة القرن» المرتقبة!
من هنا أهمية هذا الاستعراض الذي نمرّ فيه على أبرز مشاريع أميركا إزاء القضية الفلسطينية.
مبادرة كنيدي
في إطار استقرائنا لأبرز المشاريع الأميركية إزاء القضية الفلسطينية، نصل مع سنة 1961م إلى ما أطلق عليها بمبادرة الرئيس جون كنيدي (ت: 1963م).
لقد جاءت هذه المبادرة في إطار المراسلات التي ابتدأها الرئيس المصري جمال عبد الناصر (ت: 1970م) مع الرئيس الأميركي كنيدي في شباط 1961م، وذلك ضمن اعتقاد ساد القاهرة آنذاك، بإمكان بناء مرحلة جديدة من العلاقات الأميركية ـ العربية على أساس وصول الرئيس الديموقراطي كنيدي إلى السلطة!
ففي العام 1961م كتب كنيدي إلى عبد الناصر حول القضية الفلسطينية: «أنني أعرف أن القضية تنطوي على تعقيدات عاطفية عميقة، ليس من السهل إيجاد حلّ سريع لها». ثمّ أضاف الرئيس الأميركي مُكاتباً عبد الناصر: «إننا لعلى استعداد للمساعدة في حلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين المأساوية، على أساس مبدأ إعادة التوطين أو التعويض عن الممتلكات».
هذا عن الزاوية الفلسطينية. وأما عن الزاوية العربية ـ الإسرائيلية فقد كتب عنها كنيدي في رسالته: «إننا على استعداد للمساعدة على إيجاد حلّ منصف لمشكلة تنمية مصادر مياه نهر الأردن، وأن نقدّم عوننا لإحراز التقدّم في الجوانب الأخرى من هذه المشكلة المعقدة».
التحليل والنقد
لقد استجابت قاهرة عبد الناصر للمسعى الأميركي، أو بالحقيقة هي التي بادرت إلى تحريك المسعى. ولذلك لم يكن هناك مجال للحديث عن رفض عربي لمبادرة كنيدي.
ولكن بإمكاننا أن نفكك عناصر المبادرة ونسجّل عليها الملاحظات النقدية التالية:
أولاً: إن بداية ولاية الرئيس كنيدي، جاءت مقترنة دولياً مع ما أُطلق عليها بمرحلة الوفاق. وهي حالة من الانفراج أعقبت موجة من موجات الحرب الباردة، والتنازع بين المعسكرين الغربي والشرقي. ولما كان من دواعي سياسة الوفاق انفتاح كلّ من القطبين الدوليين البارزين على أنظمة «العالم الثالث» وقضاياه، لذا كان من اليسير علينا فهم اللهجة الأميركية التي بدا عليها شكل من أشكال الانفتاح، وهو ما أغرى القاهرة بالاندفاع من جديد صوب واشنطن كخيار لحلّ قضية المنطقة، بعد أن كانت العلاقة بين الطرفين قد شهدت فتوراً ملحوظاً في السنوات الأربع التي سبقت تولي كنيدي للسلطة، أي في مرحلة الحرب الباردة.
ثانياً: رغم ما قلناه في النقطة الأولى، فإن جوهر الموقف الأميركي من خلال مبادرة كنيدي لم يتغيّر، ولم يتقدّم خطوة ولو طفيفة إلى الأمام، نسبة لما لاحظناه في المبادرتين السابقتين.
لقد تجاهل كنيدي تماماً وجود أي شيء اسمه القضية الفلسطينية. أي تجاهل حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه بأي صيغة من صيغ التعبير السياسي، بينما أكد مقابل ذلك أن كلّ المسألة الفلسطينية تنحصر في نطاق وجود لاجئين فلسطينيين وحسب!
ثالثاً: يلاحظ على صعيد القضية العامة أو ما تطلق عليه أميركا بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، أن مبادرة كنيدي تقرّ أولاً بوجود «إسرائيل» وتؤكد سلامتها في نطاق حدود آمنة، ثمّ تنتقل إلى وجود هذا الكيان من خلال ما يُثيره هذا الوجود من قضايا فرعية.
المبادرة تتحدث مثلا عن مشكلة نهر الأردن وكأنها القضية الوحيدة في واقع المنطقة، مع أن الجميع يعرف أن هذه المشكلة أثارتها «إسرائيل» بالإعلان عن نيتها تحويل مصادر مياه نهر الأردن.
وهكذا نجد أن حالة التجزئة إلى الوحدات الصغيرة والفرعية، هي تعبير عن ثابت أميركي في التعاطي المنهجي مع مشكلة المنطقة، لا فرق في أن يكون ذلك من خلال الوزير دالاس أو الرئيس كنيدي، مع فارق شكلي يمكن أن نسجّله بتحفّظ شديد، على أسلوب الطرح والصياغة اللفظية.
إذن، لم تخرج أميركا في مشروعها الجديد هذا، عن حدود القواسم العامة التي نظرناها في المشروعين السابقين (اللجنة المشتركة ومشروع دالاس) ومن ثمّ ما زال المنطق الأميركي في حدود تمسكه بثوابته التي لا تجيز له النظر إلى قضية فلسطين، بوصفها قضية شعب يملك حقّ استرجاع أرضه وتقرير مصيره كما يريد. ثمّ أن واشنطن ترفض كلّ ما يتصادم مع ثوابت منطقها هذا، القائم في عنصر آخر من عناصره المركزية على أساس الحفاظ على «حدود وأمن إسرائيل» وهذا ما سيتكرّر مع صفقة القرن!
مشروع الدكتور جونسون
انطلقت بداية هذا المشروع من خلال قيام الإدارة الأميركية بتكليف الدكتور جوزيف جونسون رئيس مؤسّسة كارنجي للسلام العالمي، بوضع برنامج حلّ لقضية اللاجئين، حسب تعبير الإدارة المذكورة التي كانت ولا تزال، تنظر إلى القضية الفلسطينية واختزالها بمسألة اللاجئين.
لقد كلفت واشنطن جونسون بإعداد برنامج الحلّ المطلوب عام 1961م، من خلال «لجنة التوفيق الدولية» التابعة للأمم المتحدة لتعطي للبرنامج بُعداً دولياً رسمياً.
في 2 تشرين الأول عام 1962 أعلن جونسون برنامجه من خلال ثماني نقاط، كان أبرزها:
1ـ إعطاء اللاجئين الفلسطينيين فرصة للاختيار بين العودة إلى فلسطين والتعويض.
2ـ تقوم الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالإسهام في توفير الأموال اللازمة للتعويضات.
3ـ نصّ البرنامج الأميركي في بنده الخامس على: «إن من حقّ إسرائيل أن تجري كشفاً أمنياً على كلّ لاجئ يختار العودة».
موقف وملاحظتان
في تشرين الثاني 1962م رفضت غولدا مائير (ت: 1978م) وزيرة خارجية العدو المشروع!
ولنا أن نسجّل على برنامج جونسون الأميركي الملاحظتين الآتيتين:
الملاحظة الأولى: ألغت الحكومة الأميركية ابتداءً القضية الفلسطينية المتمثل جوهرها بحقّ الشعب الفلسطيني في بلده وأرضه، وتعاملت مباشرة مع القضية بوصفها مشكلة لاجئين. وقد تمّ تكليف الإدارة الأميركية للدكتور جونسون في إعداد مشروعه على هذا الضوء.
الملاحظة الثانية: رغم اختزال الولايات المتحدة لمشكلة المنطقة في إطار مسألة اللاجئين وحسب، نجد أنها تفرض أكثر من قيد عليها. فهي مثلاً لا تجعل عودة اللاجئين حقاً طبيعياً لا يُناقش، بل جعلت العودة خياراً معادلاً للتوطين خارج فلسطين. ثمّ اشترطت على الذين يعودون انتقاءً للأفراد ينسجم مع التوجّه الأمني لـ«إسرائيل» ومن ثمّ أعطت «إسرائيل» حقّ اختيار من تشاء من هؤلاء اللاجئين، هذا إذا وافقت أصلاً على مبدأ عودة بعضهم، فيما تمثلت حقيقة الموقف في عدم موافقتها على ذلك، لا في مشروع جونسون ولا في غيره من المشاريع.
بعد هاتين الملاحظتين يصبح الحديث عن انحياز أميركا إلى «إسرائيل» من خلال مشروعها هذا، ونفيها وجود شيء باسم القضية الفلسطينية كما هي على الأرض، مجرد تحصيل حاصل، لسنا بحاجة إلى إثباته أو إقامة الدليل عليه. وبذلك لا نجد في الطرح الأميركي هذا ما يستحقّ تمييزه عن غيره مما سبقه.
لجنة التوفيق
في العشرين من تشرين الثاني عام 1963م قدّمت أميركا مشروع قرار إلى اللجنة السياسية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، يدعو «لجنة التوفيق الدولية» للاستمرار في مساعيها من أجل تنفيذ قرار الجمعية العامة الصادر في 11 كانون الأول 1948م. تبنّت اللجنة السياسية للجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار الأميركي، الذي نصّ على ما يلي: «يُسمح للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم، أن يفعلوا ذلك في أقرب وقت ممكن لذلك. ويتوجب دفع التعويضات عن أملاك أولئك الذين لا يرغبون في العودة، وعن كلّ خسارة أو إتلاف لتلك الممتلكات وفقاً لقواعد القانون الدولي، وبواسطة الحكومات أو السلطات المسؤولة».
هل نحتاج أن نؤكد مجدّداً بأن المشروع الأميركي الجديد، هو مجرّد تكراراً لمشروع جونسون الذي طرحه في عام 1962م والذي سبق لـ «إسرائيل» أن رفضته؟ وبذلك فأن الملاحظات الواردة حول مشروع جونسون تصح بتمامها على هذا المشروع أيضاً.
لكن إذا كان هذا المشروع لا يسجّل نتيجة جديدة خارج إطار النتائج التي استخلصناها من المشاريع السابقة، فلماذا إذاً تلجأ أميركا إلى مثل هذا التكرار؟ على سبيل المثال نجد أن مشروع قرار عودة اللاجئين يعود تأريخه إلى عام 1948م، ثمّ كرّرت واشنطن مضمونه عام 1962م، وبعد ذلك عادت لنفس العملية عام 1963م!
في معرض الإجابة نستعير فكرة استخلصها أحد الباحثين في تفسيره لسلوك أميركا حيال بعض القضايا، والفكرة تتلخص في أن أميركا تتصرّف إزاء بعض القضايا بدافع «إنتاج الوقت».
من هنا نستطيع أن نؤكد أن أميركا إنما لجأت للتكرار المذكور بهدف إنتاج المزيد من الوقت. أما ماذا تفعل أميركا بهذا الوقت، فإن الإجابة على مثل هذا السؤال ترتبط بالمعرفة الدقيقة بطبيعة الظروف التي كانت سائدة آنذاك. ولكننا نستطيع بشكل عام أن نتصوّر، أن واشنطن قد استفادت منه في منح «إسرائيل» فرصة لترتيب بعض أوضاعها، أو لتجاوز أزمة تمرّ بها. وقد تستثمره واشنطن في ترتيب علاقاتها العربية أو تجاوز بعض الصعوبات التي تمرّ بها سياستها في المنطقة. وقد تُعطي بالوقت المنتَج مبرّرات محلية يستفيد منها حلفاؤها من الأنظمة التابعة في المنطقة، لتمرير مشاريعهم أو تبرير بعض تصرفاتهم.
مشروع الرئيس جونسون
شهد عام 1967م مشروعين أميركيين لحلّ أزمة المنطقة، طُرحا من قبل الرئيس الأميركي آنذاك. ففي لقائه مع رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي الكسي كوسيغين (ت: 1980م) بعد حرب حزيران عام 1967م، اقترح الرئيس الأميركي ليندن جونسون (ت: 1973م) عشر نقاط أمام رئيس الحكومة السوفياتية، اعتبرها بمثابة الأساس لإحلال «السلام» وفق الرؤية الأميركية. أما أبرز هذه النقاط فنصّت على ما يلي:
1ـ انسحاب جميع القوّات العسكرية وإنهاء حالة الحرب.
2ـ اتفاق جميع الأطراف على الإعلان عن احترام كلّ طرف بالمحافظة على دولته المستقلة بذاتها!
3ـ ضمان المصالح الحيوية لجميع الدول في المنطقة وحمايتها.
4ـ ضمان السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لجميع الدول في الشرق الأوسط.
5ـ التخلي عن العنف في العلاقات بين دول الشرق الأوسط.
كانت هذه أبرز البنود التي أعلنها الرئيس الأميركي حول ما تسميه واشنطن بالنزاع العربي ـ الإسرائيلي. أما القضية الفلسطينية فقد كان نصيبها بنداً واحداً هو البند السابع، الذي ينصّ على الكلمات الخمس التالية: «تسوية عادلة ودائمة لمشكلة اللاجئين»!
ولما لم يجفّ حبر هذه المبادرة بعد، بادر الرئيس الأميركي جونسون في خطاب له بتاريخ 19 حزيران 1967م تناول فيه ما أسماها بقضية الشرق الأوسط، إلى طرح مبادرة جديدة وثانية حدّد من خلالها خمسة مبادئ للسلام، صيغت وفقاً لتصوّر واشنطن.
وكان من أبرز هذه المبادئ:
أولاً: لكلّ دولة في المنطقة بما فيها إسرائيل، حقّ في الحياة ينبغي احترامه من قبل جيرانها.
ثانياً: بعد أن تسجّل المادتان الثالثة والرابعة تفصيلاً للبند الأول، يأتي البند الخامس لينص من جديد على: «من الضروري احترام الاستقلال السياسي والسلام الإقليمي لجميع الدول في المنطقة. إن ما تحتاج إليه الدول المعنية بالنزاع الآن، هو حدود معترف بها بدلاً من خطوط الهدنة الهشة والمحترقة باستمرار، بالإضافة إلى ترتيبات أخرى تجعل الحدود آمنة من الإرهاب والتدمير والحرب».
رؤى نقدية
نجد أولاً أن النص مُصاغ خصيصاً لـ«إسرائيل» وهي طالعة للتو من عدوان كبير على الدول العربية، انتهى بسقوط أراض واسعة ضمتها إليها.
وقبل ذلك بمقدورنا أن نلحظ الرئيس الأميركي جونسون في مبادئه الخمسة التي تشكل مبادرته، وكأنه غير مطمئن على سلامة «إسرائيل» من خلال نصّ المبدأ الأول، الذي يؤكد سلامة الكيان الصهيوني بصياغة مستقلة لصالح هذا الكيان!
من جهة أخرى نجد أن البعض ينجرّ وراء تصوّر واهم، يرى فيه أن واشنطن ربما عدّلت من نظرتها إزاء القضية الفلسطينية بعد حرب حزيران 1967م، مع احتفاظها بنظرتها التقليدية إلى «إسرائيل».
بمعنى أن هذا البعض يُراهن على فصل موهوم في النظرة الستراتيجية الأميركية لمشكلة المنطقة.
لمعالجة هذا الالتباس ورفع الوهم، نذكر فيما يلي النص الذي خصّصه الرئيس الأميركي في مبادرته للقضية الفلسطينية، حيث نصّت المادة الثانية على: «يجب حلّ مشكلة اللاجئين حلا عادلا».
تواجهنا في النص النظرة التقليدية الأميركية نفسها التي تقول: «لا» لوجود قضية فلسطينية، ومن ثمّ «لا» لوجود شعب فلسطين، و«لا» لحقه في أرضه وترابه وتحقيق المصير!
يبقى بإمكاننا أن نسجّل فرقاً بين مشروعي الرئيس جونسون، يتمثل في أن النص الأول المتعلق بقضية اللاجئين يتألف من خمس كلمات، بينما تكرّم رئيس الولايات المتحدة في النص الثاني ليجعلها ستّ كلمات!
القواسم المشتركة
إذا أردنا أن نعود إلى سؤالنا التقليدي: ما الذي يمكن أن نسجّله من ملاحظات نقدية على هاتين المبادرتين، فلن يكون أمامنا أفضل من إعادة تأكيد القواسم المشتركة الثلاثة التي أشرنا إليها فيما سبق، ونعيد بلورتها بالصيغة التالية:
أولاً: لا تحمل المشاريع الأميركية أي اعتراف بالقضية الفلسطينية، عدا كونها قضية لاجئين. وبذلك فإن مقترحات واشنطن تنصبّ على معالجة المشكلة في إطار مسألة اللاجئين وحسب.
ثانياً: يصرّ المنطق الأميركي من خلال مشروعي جونسون والمشاريع السابقة واللاحقة أيضاً، على أن «إسرائيل» وجدت في المنطقة لتبقى. وقد ذهب الرئيس الأميركي في مبادرته الثانية إلى أبعد من ذلك، حينما ابتدع أو أشاع الاصطلاح الذي ما فتئت «إسرائيل» وأصدقاؤها تردّده خلال العقود الماضية، المتمثل بالمطالبة بالحدود الآمنة والثابتة التي يمكن الدفاع عنها، ولا ننسى أيضاً أن «إسرائيل» تتمسك اليوم بأراضي الدول العربية، في ظلّ هذا المبرّر الذي أسّس له ومكّن له، الرئيس الأميركي جونسون ومن تلاه من الرؤساء اللاحقين، بلوغاً إلى دونالد ترامب وصفقة القرن!
الطريف أن إسرائيل قد غزت وبالتبرير نفسه أراضي لبنان في حزيران 1982م، وبالمنطق نفسه أعلنت عن ضمّ الجولان السوري إلى سيادتها، وتطالب بصلح كامل مع جيرانها وبعلاقات طبيعية معهم، وهذا ما ستضمنه صفقة القرن
الموعودة!
ثالثاً: القاسم المشترك الثالث الذي يتسم به مشروعا جونسون، هو التأكيد الأميركي على أن الحلّ مهما كان حجمه وطبيعته ولونه، إنما ينبع من «مبدأ» التفاوض العربي المباشر مع «إسرائيل» توطئة للصلح الشامل معها، وهو ما يمثل أيضاً موقف صفقة القرن المرتقبة، التي يقولون زيفاً أنها سرية وغير معلنة!