حسين رشيد
تتنوع طرق واساليب الدعوة للتعايش المشترك والتسامح والتسالم الاهلي، الذي يوفر بنية مجمتعة هادئة تكون الاساس لمجمتع متحضر متقدم منتج، مجمتع يؤمن بالاخر والحوار، والحقوق والواجبات، مجتمع يوظف كل خطوة وحركة وحدث لترسيخ التعايش والتسامح واللذين ما ان توفرا وترسخا سيكون للحياة شكل اخر وللوجود معنى اخر.
ومن بين تلك الاساليب استخدام الاغنية والموسيقى وما يستلهم منهما من رقصات تتحول الى مشتركات بين المكونات المجتمعية لاي بلد مع الاحتفاظ بالموروث الغنائي والموسيقي لكل مكون حسب طبيعة مكونات اي بلد سواء تلك التي مرت بتجارب حروب وصراعات اهلية او تلك التي تعمل على ترسيخ السلم الاهلي بين مكوناتها المجتمعية.
العراق واحد من تلك البلدان التي عانت القمع والقسوة ايام النظام المباد، والذي اسس لجملة صراعات طفت مرة واحدة على سطح المجمتع بعد سقوطه المدوي، تلك الصراعات هي الاخرى وجدت البيئة الملائمة لها في الاتساع وحرق الاخضر بسعر اليابس، لتقسم المدن وخاصة العاصمة بغداد حسب المكون او الطائفة حيث تقطعت اوصالها وتم شرخها بقوة السلاح والقتل والتهجير والعنف المجمتعي.
بعد طي تلك الصفحة المحزنة وسيل الدعوات للتصالح والتسامح والتعايش، وبعد ان استعاد المجتمع عافيته وسليمته الاهلية وعادت الشوارع والازقة والمحلات والمقاه تجمع كل الناس المتسامحة والمتعايشة مع ذاتها اولا ومع الاخر ثانيا، هناك ثمة اغاني واهازيج (هوسات ) تبث يوميا على الفضائيات والقنوات الخاصة بالاغاني فيها من العنف واستخدام السلاح والدعوة للثأر ما يستدعي التوقف عنده، وضرورة مراجعة تلك الاغاني والاهازيج (الهوسات )”الشعبية” المحفزة للعنف واستخدام القوة واخذ الثأر والتي أخذت تنتشر بين الصبيان والشباب ممن بعمر المراهقة ما يعني زراعة نوع مبطن من العنف والانتماء العشائري والطائفي في نفوسهم عبر الادمان على سماع تلك الاغاني والاهازيج (الهوسات ) الشعبية ان كان عبر البث اليومي في الفضائيات والاذاعات او سمعها في مناسبات الاعراس تحت وقع الاطلاقات النارية، اضافة الى اجواء تصوير تلك الاغاني التي لاتخلو من استخدام مختلف الاسلحة بمن فيهم “المؤدون” او بتعبير اصح (المهوسجية) مع تحفظي حتى على هذه المفردة فمثل هؤلاء ليسوا مطربين ولا مغنيين ولا حتى مؤدين.
قبل ايام وبالمصادفة وعبر احدى الاذاعات استمعت لاغنية (دويتو) وائل جسار وامال طاهر بعنوان (لشو نزعل) فيها من رقة المفردات والمعاني ما يبث البهجة والسرور في النفس والدعوة لطي صفحة سابقة والبدء باخرى جديدة فالدنيا كما تصورها الاغنية رحلة علينا عيشها بلا قسوة وحزن.
اغنية محفزة للبقاء والوجود والتمتع بالحياة، فيها من رقة الاصوات وجمال الكلمات وعذوبة اللحن الكثير مثلما فيها الكثير من الدعوات للتسامح
والتعاون.
لشو نزعل لشو العتاب لشو الهموم ... لشو نبكي الدنيا رحلة وما رح بتدوم
لشو نحزن على إمبارح إذا كان العمر رايح ... تعو نفرح تعو نسامح تعو نمحي أثر الغيوم
تعالوا نطلق هكذا اغاني وكلمات فيها معاني وانسانية وتسامح، مزينة بالالحان تتموسق مع الروح والذات واصوات تدخل اسماعنا بلا استئذان، تعالوا نطلق العنان لتلك الاغاني المشجعة على العيش والمحبة والصفو، المتبنية لقيم التسامح والتعاون.