سهى الطائي
يمثل المجتمع العراقي أسلوبًا فريدًا وتاريخًا غنيًا؛ إن تطور المجتمع اليوم يعكسُ التعبيرَ عن هذه الخلفيَّة الغنيَّة والمتنوعة، سواء من حيث التقاليد، أو المؤسسات السياسيَّة، والدينيَّة، والاجتماعيَّة.
إن التنوع الديني والعرقي في العراق؛ ليس مجرد حالة اجتماعيَّة، بل هو جوهرٌ تاريخيٌّ عميقُ الجذور. لقد تعايشت هذه المجتمعات، لعقودٍ من الزمن، لكنَّ التوترات السياسيَّة والطغيان أدت إلى تصاعد الصراعات. وإذا توفرت الظروف الملائمة، فإن التعايش لا يزال ممكناً.
ويعد التنوع الديني والعرقي في العراق «ثروة ثقافيَّة وإنسانيَّة هائلة»، إذ تعايشت مجموعات دينيَّة وعرقيَّة مختلفة تاريخياً، ويشمل هذا التنوع العرب والأكراد والتركمان والآشوريين والعديد من الأقليات الدينيَّة، إلا أن هذه المجموعات عانت لفترة طويلة من التمييز والاضطهاد.
يتميز المجتمع العراقي بدرجة عالية من التنوع، وهو ما يعكس التنوع العرقي والطائفي لمختلف مناطق العراق، إذ تختلف العادات والتقاليد، إلا أنها تشترك جميعها في قيم الضيافة واحترام الرجال العظماء والإخلاص القبلي، يعود تاريخها إلى آلاف السنين، ويعكس هذا التنوع الثقافي ثراءً للثقافة العراقيَّة، ويمكن إرجاع جذورها إلى الحضارة القديمة التي نشأت على أرض العراق.
لقد تشكلت الهويَّة العراقيَّة عبر تعاقب الحضارات، بداية من «سومر وأكد» وصولا إلى الدولة العباسيَّة، الأمر الذي جعل المجتمع العراقي يتميز بتعدديَّة ثقافيَّة ودينيَّة فريدة.
إن التاريخ الغني والهويَّة الثقافيَّة للعراق، تؤكد تقاليده الطويلة في التنوع، وتبرز جذوره العميقة في الحضارات القديمة مثل (السومريَّة، البابليَّة، والآشوريَّة). وقد أسهمت هذه الحضارات بشكلٍ كبيرٍ في الإرث الثقافي والمعماري، مثل بناء الزقورات، وقانون حمورابي.
ولا يزال العراق الحديث يعكسُ هذه الفسيفساء الثقافيَّة، حيث تستضيف مدنٌ مثل بغداد والبصرة مجتمعاتٍ متعددة الأعراق.
وعلى الرغم من التحديات والصراعات السياسيَّة التي شهدها العراق، إلا أن التنوع الثقافي يظل قوة موحدة للعراقيين. يعكس هذا التنوع التعايش طويل الأمد بين المجموعات المختلفة التي حافظت على تقاليدها مع المشاركة في خلق هويَّة عراقيَّة موحدة تتجاوز الاختلافات، وهو التنوع الذي يفهمه العراقيون من خلال «الأدب والفن والموسيقى والدين واللغة التراث الغني»، وتعمل العلاقات بين الهويات الفرعيَّة على تعزيز التماسك الوطني وتشكل الأساس لفهم الهويَّة الثقافيَّة للعراق ككل.
تاريخيًا، كانت التقاليد والعادات بمثابة آلياتٍ للحفاظ على الاستمراريَّة الثقافيَّة، والنظام الاجتماعي، ومع تطور المجتمعات، تكيفت هذه العادات، لكنها تظل جزءًا مهمًا من النسيج الثقافي، إذ تعمل كحلقة وصلٍ بين الماضي والحاضر، ما يضمن أنْ تنتقل القيم والأعراف من جيلٍ إلى جيل.
يقول الباحثون إنه لا بُد من فهم الهويَّة الثقافيَّة الشاملة للعراق، فيجب علينا أنْ ندرك أن البلاد هي «وعاء تنصهر فيه كل مجموعة عرقيَّة ودينيَّة وديموغرافيَّة» في العراق وتسهمُ في تشكيل ثقافة غنيَّة ومتنوعة. وعلى مرّ العصور، فقد امتزجت هذه الثقافات وتفاعلت مع بعضها البعض، الأمر الذي أدى إلى ظهور هويات وطنيَّة متعددة الأوجه.
العراق مهدُ الحضارة القديمة ومكان ذو هوياتٍ ثقافيَّة شديدة التنوع وغنيٌ بالمعتقدات العرقيَّة والدينيَّة. وتشمل هذه الهويات الثقافيَّة: (العرب، والأكراد، والتركمان، والآشوريين، والشبك، والصابئة، والكلدان، والأيزيديين)، وتحافظ كل مجموعة على تراثها الثقافي الفريد، الذي يعكس تنوع المجتمع العراقي.