علي دعدوش
تختلفُ المفاهيم والتسميات العلميَّة في الاقتصاد، بحسب التخصص والفروع المشتقة منها. وعند الكلام في التخصص الدقيق لا بُدَّ من تسمية المتغيرات الاقتصاديَّة بمسمياتها العلميَّة، ومن هذه التسميات مصطلح إعادة تسمية العملة (Redenomination) أو كما يُطلق عليه (حذف الأصفار من العملة)، وعادة تلجأ إليها الدول لمعالجة التضخم الجامح وانخفاض قيمة العملة المحليَّة، إذ يتمُّ استبدال العملة القديمة بعملة جديدة بسعرٍ ثابتٍ عن طريق حذف 3 أصفار من العملة القديمة على الأقل.
تصبح إعادة تقييم العملة، عندما يتعلق الأمر بالتضخم الجامح، أمراً ضرورياً؛ لأنَّ الأمر يتطلبُ عدداً كبيراً للغاية من الأوراق النقديَّة القديمة لتسهيل التبادل التجاري، لا سيما في الأسواق المحليَّة، وتصبح الأوراق النقديَّة الصغيرة عديمة الفائدة، إذ يحتاج الفرد الى ملايين الأوراق النقديَّة مقابل شراء حاجات منزليَّة أو غذائيَّة بسيطة أو ضروريَّة، ومثال ذلك ما حدث في العام 2006 حين أعادت زيمبابوي تسمية عملتها بمعدل (1000 دولار زيمبابوي) قديم مقابل دولار زيمبابوي جديد.
فضلاً عن ذلك، فقد يحدث (حذف الأصفار من العملة) أيضاً عندما تنضمُّ دولة ما إلى اتحادٍ نقدي، مثلما حدث في منطقة اليورو، وتبدأ في استخدام عملة مثل اليورو بدلاً من عملتها المحليَّة، وعندما تمَّ تقديم اليورو عام 1999 استخدمت الدول الأعضاء العملة الجديدة لأول مرة في المدفوعات الإلكترونيَّة والمحاسبة، ثم تحولت من أوراقها النقديَّة والعملات المعدنيَّة المحليَّة إلى اليورو في العام 2002.
وهناك عدة أسباب وراء إعادة تسمية العملة (حذف الأصفار)، ويمكن تلخيصها بـ (التحكم في التضخم، التسهيل التجاري والاقتصادي، العوامل السياسيَّة كتغيير الحكم مثلاً، فضلاً عن الاعتبارات التقنيَّة كتحديث الأنظمة الماليَّة، والتي عادة ما تكون جزءاً من مشروعٍ أكبر لتحديث النظم الماليَّة في الدولة، مثل التحويل إلى أنظمة رقميَّة جديدة للتعامل مع العملة).
ممَّا وردَ نجد أنه لا يتمّ إجراء (حذف الأصفار) بشكلٍ عشوائي، بل يتمُّ تنفيذها بعد دراسة شاملة للاقتصاد والتحديات التي تواجهه، ويجب أنْ ترافقها إجراءات اقتصاديَّة وماليَّة أخرى لحماية الاقتصاد من التقلبات الماليَّة، ومن ثم، فإنَّ إعادة تسمية العملة هو قرارٌ معقدٌ يتطلبُ دراسة شاملة للاقتصاد والسياسة في الدولة، ويجب أنْ يتمَّ تنفيذها مع التقليل من الآثار السلبيَّة المحتملة على الاقتصاد والمواطنين.