سعاد البياتي
لم أجد شيئاً أجمل من قانون وضعه الإمام علي (ع) وهو القائل (آلةُ الرئاسة سعة الصدر)، وهذه بالفعل اليومي وما يصادفنا من إرهاصات الحياة تعد قانوناً، لحماية نفسية أكثر مما نتوقع، فصفات الهدوء والمرونة تعد من أكثر السمات إيجابية لكي نتعدى حواجز التفكير السلبي وما يرافقه من سلوكيات نخطئ أحياناً فيها، فالتجارب عديدة في ذلك، لا سيما مع أولادنا حينما يخطئون أو يحاولون أن يؤسسوا لحياة فاقدة لمعناها، حينها يحتاجون إلى سعة الصدر، بعيداً عن العصبية والتشنج معهم، فمن خلال المرونة يكتشفون ما لهم وما عليهم، فمن أراد أن تكون حياته مستقرة ويتحكم بها، مهما كانت، فليتعلم قانون المرونة وسعة الصدر واستلام أي طاقة سلبية واخضاعها في داخله إلى جذوة من التحمل والهدوء، ليستكشف بعد مرور الوقت أنه مهما كانت الطاقة سلبية فقد تحولت إلى تجربة أو ابتسامة أو خير، وأصبح مثلاً جميلاً في أعين من حوله.
ومن الجدير بالذكر أن أول الذين علينا اتخاذهم قدوة ومنهاجاً هو رسولنا الكريم(ص) الذي كانت من أبرز صفاته سعة الصدر في الكثير من الأمور، التي باتت تثقل كاهله وتعيق أمر الاسلام، لذا أفضل من علينا التحلي بالمرونة معهم، هم أفراد الأسرة، فهؤلاء الأحبة والأقربون إلى القلب والروح لم يخلقوا مطابقين لنا في الرأي والمزاج، بل هم متفاوتون معنا في كل ما يخص حياتهم وسلوكهم ومتطلباتهم ، فلنحسن التعامل معهم بشكل يوفر لهم إمكانية التصرف بعقلانية وسكينة لنشعرهم بقربنا إليهم، وأن كل ما يتعلق بأمورهم مرتبط بمشاركتنا رأيهم وتفكيرهم مع جرعة طيبة من التسامح والحلم الأكثر رحابة لهم.
والأمر ذاته يتعلق بمحيط العمل، وما يصادفنا فيه من اختلافات ومزاجات، فسعة الصدر مطلب أساسي في ذلك لترويض التعامل وحسن أداء العمل، فهناك بعض الأعمال تتطلب مقدرة ومساحة كبيرة من التحمل، كالتدريس والتمريض والبحث الاجتماعي في كل مجالاته المتعددة، وغيرها من المهن التي تتطلب الهدوء وطول البال، كي تتمكن من أداء واجبها بمزاج متفاعل محلى بالصبر وسعة الصدر، التي هي هالة مضيئة في الحياة الواسعة.