بغداد: سرور العلي
نجحت زينب النعماني بتأسيس متحف يوثق أهم انجازات المرأة في حقب زمنية عديدة.. فهي تراه يختلف عن غيره من المتاحف، لأنه يحمل رسالة جمالية وإنسانية، كما تقول إن "المرأة الواعية تبني أسرة ومجتمعاً سليماً"، ومن هذا المنطلق كان هذا المتحف الذي يعد الأول من نوعه في العراق.
والنعماني باحثة ومختصة في شؤون المرأة والأسرة، عملت ممثلة للأمم المتحدة في الفرات الأوسط، ومشرفة على مشاريع تنموية تتعلق بالمرأة.
يتميز مشهد الدخول للمتحف الذي يقع في مدينة الحلة بعبق تاريخي، ويحمل الكثير من حكايات الماضي، فبين أجنحته وأركانه أرشيف كبير لمنجزات النساء، بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي حتى وقتنا الحالي، "لأن تلك الفترة مهمة وتشكل نقلة نوعية في مسيرة المرأة العراقية التي يجهل معظم أبناء الجيل الحالي شيئاً عنها"، على حد قول النعماني.
وتضيف النعماني في حديثها لـ(الصباح) أن "الهدف من المتحف ربط الماضي بالحاضر، وصناعة قيادات فتية رائدة وواعية بأهمية المرأة ودورها، وتأثيرها على المجتمع وديمومته، والعمل على تطوره ونهضته، ونقل صورة مميزة عن الإبداع النسائي، وإيصال رسالة للعالم حول ما تقدمه من منجز حضاري وثقافي، وكذلك تصحيح صورة الإعلام العالمي عنها غاية في ايجاد مكانة فريدة لها بين نساء البلدان الأخرى، فضلا عن تمثيل العراق في المحافل الدولية". وتؤكد النعماني أن شعار المتحف "هنّ الحياة" يأتي من عمق بابلي، إذ كان أهل بابل القدماء يقدسون المرأة
وتعتبر آلهة لديهم، فهي المسؤولة عن استمرارية الحياة، كونها تقوم بالإنجاب، وهي من اكتشفت الزراعة، لذلك ربط العراقيون القدماء بين الأرض والمرأة. يضم متحف "هنَّ الحياة" مئات المقتنيات والتحف والمجسمات، والأعمال الفنية التشكيلية المهمة، فضلا عن مختلف الفنون الأخرى، كالخزف والنحت والرسم والآلات الموسيقية، والمخطوطات
ومسرح للدمى، وقسم للموسيقى وللتراث الريفي والبغدادي، والأزياء والاكسسوار، وكذلك قسم خاص للمواهب والمبدعين والحرف اليدوية، وأدوات قديمة وملابس فولكورية، ومجسمات تمثل إرث نساء الجنوب. وتحدثت النعماني عن بعض التحديات والصعوبات التي واجهت مشروعها في بداية إنشائه، ومنها عدم توفر موقع مناسب للمتحف، وقلة الدعم المادي، ولكنها تجاوزت تلك العقبات بالاصرار والعزيمة، كما أن الشيخ سلام الطفيلي تولى رعاية المتحف، فأصبح الراعي الرسمي له، والواقع في مدينة حمورابي السياحية.
وبشأن المقتنيات توضح أن "بعضها يعود للمتحف، والبعض الآخر هي ثمرة تعاون العديد من الفنانين داخل البلاد وخارجه، وكذلك المهتمين على أن تكون في حيازة المتحف، لاسيما أنني عملت على مد الجسور التعاون والتنسيق مع رواد الفنّ التشكيلي محلياً ودولياً، وكذلك مع وسائل الإعلام المختلفة، غاية في التعريف بالمشروع والانتشار بشكل أوسع".
نظمت النعماني الكثير من المعارض الفنية والمهرجانات في بابل، وحصلت على العديد من التكريمات وشهادات التقدير والجوائز، أهمها شهادة من الأمم المتحدة، ومنظمة حقوق الإنسان في الأردن، ونالت تكريم من قسم تمكين المرأة، باختيار المتحف من أهم المشاريع الريادية المبتكرة في البلاد وكذلك في محافظة بابل.
ومن أهم الشخصيات النسائيّة التي تم تسليط الضوء عليها، هي أول وزيرة في الوطن العربي العراقية نزيهة الدليمي، والشهيدة بنت الهدى، والشاعرة نازك الملائكة، والمهندسة المعمارية زهاء حديد، والمحامية صبيحة الشيخ، ونساء غيرهن من اللواتي تركن بصمة في مجالات
علمية وأدبية وفنية، وتطمح النعماني إلى توسيع نطاق مشروعها، والحصول على المزيد من الأعمال الفنية الخاصة بالمرأة، غاية في عرضها داخل المتحف وتوثيقها كإرث عراقي أصيل وحتى يشاهدها الزوار والسواح.
وختمت النعماني حديثها بالقول إن "رسالتي لكل امرأة أن تؤمن بنفسها، وبأنها تمتلك قوة وقادرة على البناء والتغيير، وتعمل على زيادة وعيها بالاطلاع الدائم، وتحقيق طموحاتها من دون خوف وتردد".