الخدمات المؤسساتيَّة الممتازة

اقتصادية 2019/06/29
...

ياسرالمتولي 
 

ونحن على اعتاب مرحلة اصلاحات ادارية “مفترضة” قوامها تثبيت المناصب العليا، لا بد من تأشير متطلبات البناء الاداري السليم الذي يرافقها، خصوصاً في جانب حيوي مهم يتعلق بالخدمة الممتازة لصلتها بالمواطنين.
الكل منا يقر بضعف الخدمات التي تقدمها اغلب المؤسسات والتي لا تتناسب وحجم وامكانات البلد وسمعته .
وكأني اعيد واؤكد مقالاً  سابقاً لي، قبل اكثر من عقد من الزمن وهنا على هذه الصفحة وذات الزاوية كان يحمل عنوان “خدمات فقيرة في بلد غني”.
والذي اثار شجوني واعادني للاستذكار ما شهدته بالامس القريب من صرح خدمي مثير للاعجاب، يمكن ان يكون انموذجاً للخدمات المؤسساتية الممتازة ويتركز حديثي هذا حول بناية المصرف العراقي للتجارة الجديدة والتي ضمت ثلاثة مراكز لخدمة المواطنين، ووفقاً للاهمية النسبية لعملهم،  فهناك قسم لزبائن المصرف الاعتياديين وآخر لزبائن الوزارات والمؤسسات الحكومية وآخر للزبائن من رجال الاعمال وبالمواصفات ذاتها، والخدمة تجعلك تشعر بمدى الاهتمام بالزبائن وتشعرهم بقيمتهم كمراجعين لاحدى مؤسسات الدولة، والاقسام الثلاثة فقط قسمت لاغراض التنظيم وفرز تعاملات الزبائن كل حسب اختصاصه وبالاهتمام والخدمة ذاتيهما.
هذه الظاهرة استوقفتني كثيراً عند مقارنتها بالخدمات التي تقدمها اغلب المؤسسات ومنها مؤسسات تمارس ذات الاختصاص (مصارف حكومية) وغيرها وما يواجهه المواطن من مذلة وعدم
اكتراث .
والغريب ان تلك المؤسسات التي خلقت لخدمة المواطن قانوناً تحصل على ايرادات ضخمة مقابل الخدمات التي تقدمها لكنها  غير مكترثة بالجوانب التنظيمية التي تشعر المواطن بقيمته وراحته عند المراجعة .
السبب طبعاً تنقصنا ثقافة العمل الوظيفي الامثل، ما يعكس السلوك الوظيفي غير اللائق بمكان المؤسسة.
من اجل ذلك قلت الاصلاح الاداري المفترض عليه يتعين على الادارات الجديدة التي ستتصدر المشهد الاداري مستقبلاً الانتباه الى ضرورة خلق ثقافة السلوك الوظيفي الموازي لحجم الخدمات المقدمة وهذه مهمة كبيرة ومتجذرة،  لكنها  ليست  صعبة
التحقق.
اتمنى على قرائي الاعزاء ان لايسيئوا الفهم والظن في قصدي بهذا التحليل للظاهرة، لان حديثي هو خارج نطاق “منظومة الفساد” لكونها تعيق كل شيء ومع تأكيدات الحكومة بمكافحته، فان الذي كتبته كان ويبقى اماني مشروعة وكانت مؤجلة ومع تسارع الاحداث وبعض مؤشرات وبواعث الامل بانفراج نوايا الاصلاح الاداري اصبح بمقدورنا التفكير بصوت عال من اجل بناء وطننا واسعاد ابناء شعبه والخدمات الممتازة عربون
السعادة.‏‫‬‬‬