العراقُ حاضرٌ في جميع الأعمال الفكريَّة والأدبيَّة

ثقافة 2025/02/04
...

 القاهرة: ضياء الاسدي


وسط حضور نخبوي لافت، أكد المترجم والشاعر العراقي د. عبد الهادي السعدون على دور الثقافة العربيّة في تشكيل أولى ملامح الشعر الحديث في أوروبا مشدداً على أهمية التعامل بصدق عند ترجمة الأعمال الأدبيّة العربيّة إلى الإسبانية أو بالعكس مع ضرورة ترجمة النصوص الإبداعيّة لأدباء وكتاب يحظون ويتمتعون بقيمة أدبية

لافتة.

ونوَّه السعدون خلال ندوة أقيمت في قاعة ديوان الشعر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب قدمها المترجم والأديب د. طلعت شاهين، إلى أن الترجمة العشوائية تفضي الى انتاج نصوص غير حقيقية وتبتعد عن الأدب العربي ببون 

شاسع. 

معرباً عن حرصه الكبير في أن يكون العراق حاضراً في جميع أعماله الفكرية والأدبية لا سيما أنّه اصدر أربع أنطولوجيات وثقت الأصوات الشعرية في العراق الذي يتميز بتنوعه الإبداعي الكبير.

وخلال مداخلات الحضور تطرّق السعدون إلى أن السؤال "من أنا" هو القلق الوجودي الذي لم يغادر تجربته الإبداعية وحالة الاغتراب التي يعيشها بعيداً عن الوطن. 

مؤكداً أن قضية الهوية والاغتراب هي الهاجس الحقيقي في جميع اعماله وأن المنافي تمنح شعوراً دائماً بعدم الانتماء الى المكان في أي مكان، مؤكداً أنَّ القلق الوجودي والسؤال عن "من أنا؟" هو المحور الأساسي لتجربته الإبداعيَّة، وهو انعكاسٌ لحالة الاغتراب التي يعيشها..

وفي معرض حديثه عن الثقافة الاسبانية التي أبحر في أبجديتها طويلاً، ألمح سعدون إلى أنّه يدافع عنها ومنحاز اليها لأنّها ثقافة حقيقيّة وحري بالمترجم أن يبرزها على أتم وجه لأنّها ثقافة متوسطيّة ولا نستطيع أن نصفها بالمشرقية وهناك قول لإحدى المستعربات مفاده أنَّ المرء عندما يقشط الجلد الإسباني يظهر الجلد المشرقي وحتى المثقف الإسباني يقر بذلك ولا ينكره اطلاقا ويمتلكون الأسبان الشراهة المشرقية ولا يتذمرون من ذلك على العكس تماماً من بعض الأفكار والنزعات العنجهيّة السائدة في 

اوروبا. 

مبيّناً أنَّ بناء ونشوء الشعر الأوروبي المعاصر منذ العام 1100 للميلاد بدأت من الموشحات العربيّة ثمّ تحولت الى اللغة الإسبانية ومنها بدأت موجات الشعر تجتاح أوروبا برمتها، مستعرضاً الجهد الخلّاق الذي بذله في البحث والترجمة طيلة 30 عاما في 

إسبانيا.

وفي حديث لـ "الصباح" لخص السعدون ندوته الفكريَّة قائلا: تركزت على وجوب أن يكون المثقف فاعلاً في أي بلد يتواجد فيه وأن تكون له صلة وثيقة بجميع مفاصلها. مضيفاً: أنا محظوظ لأنني استطعت أن أنشئ شبكة تعاون مع الكثير من الأكاديميين من الجانب الإسباني وكنتُ وسيطاً للتعريف بالثقافتين العربية والإسبانية من خلال الترجمة وأرجو أن تكون ذات نفع لأجيالنا المقبلة".

وبشأن جديدة في عالم الترجمة قال: "بعد صدور ما يقل عن 45 كتابا في الترجمة والشعر أواصل البحث والكتابة في ترجمة أعمال الشاعر الإسباني المعروف ميغيل دي ثربانتس سابيدرا المعروف بـ "دون كيشوت" إذ ترجمت خمسة كتب من سلسلته التي تتكون من 12 كتابا، ولكن شغفي لترجمة الشعر لا يقاوم وأنا مستمر في ذلك، لا سيما أن آخر كتاب للشعر ترجمته للشاعر الأرجنتيني ليوبولو كاستيو الذي اخبرني أنه سيزور العراق قريبا، كما ترجمت للشاعر الكوبي فيكتور روديريغيث، فضلا عن رواية من الأدب الفاسكي وهو أدب مجهول وموجود في اسبانيا". 

وأجاب عن سؤالنا المتضمن، متى يقتل المترجم روح النص؟ قائلا: يقتله عندما يتدخل المترجم بفرض أسلوبه على أسلوب الكاتب الحقيقي، وضرورة احترام المناخ الداخلي للنص، لأن الابتعاد عن احترام النص بمعنى أنني أعمله على شاكلتي واهوائي وهذه معضلة الكثير من النصوص 

المترجمة. 

مختتماً حديثه بأن كتابة القصة هي الأقرب الى روحه الإبداعية وهي من تصرخ في هواجسه وان استحضار الكتابة فيها تنساب من الأدب العراقي المترع بالقص كما في "القصخون" معرباً عن أمله في زيارة قريبة لبلده العراق الذي يسكن روحه في حلّه 

وترحاله.