محمد حسن الساعدي
بعد سقوط نظام صدام عام 2003 تمكن العراق من إعادة ترسيخ وجوده السياسي ومحاولة فرض نفوذه على علاقاته بالمنطقة، من خلال شبكة عنكبوتية من العلاقات السياسية والاقتصادية والتبادل التجاري بينه وبين الدول الإقليمية والعالم، لذلك ازدادت وتيرة العلاقة والمصالح الاقتصادية بينه وبين الغرب
ما يجعلنا نسلط الضوء على المشاركة الغربية المتزايدة في قطاع الطاقة المهم والحيوي في العراق، الأمر الذي أدى إلى زيادة التأثير السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعراق في عموم القضايا العربية، وساعدت في إشعال شرارة التحول الديمقراطي وتأثيره على الوضع الإقليمي والدولي.
يمكن القول إن الغرب خسر في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والذي تركز هذه المرة حول غزة، وخسر الإسرائيلي لأنه في الوقت الحاضر لم تستطع "إسرائيل" من إقناع العالم وحلفائها الرئيسيين من إثبات قدرتها على تحقيق نقاط قوة، أو على الأقل إعلان نصر أثناء الصراع مع الفلسطينيين أو اللبنانيين، وفتح جبهتين في آن واحد، أو أن يكون لواشنطن لها تأثير في الصراع (الروسي-الأوكراني)، ويبدو أن الغرب لم يتمكن من فعل شيء في هذه الصراع، والذي بعضه يتركز في الشرق الأوسط أو كان خارج منطقة نفوذه والتي ركز فيها على تايوان.
لقد أثبتت الإطاحة السريعة وغير المتوقعة بالنظام السوري إن الولايات المتحدة وحلفاءها ما زالوا قادرين على تغيير الأنظمة وحشد ونشر مجموعة واسعة من الأصول السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستخبارية، لإزالة زعيم حكم سوريا لفترة طويلة الأمد ليس من خلال الأدبيات الديمقراطية التي تنادي بها، بل من خلال التآمر وحشد القوة الظلامية والخارجة عن القانون، كما أنه أظهر أنه قادر على قلب توازن القوة الراسخ منذ فترة طويلة عند الضرورة، وهذه دروس بسيطة وقويه يمكن أن تستفيد منها دول كالصين وروسيا وإيران وجميع اللاعبين الرئيسيين الآخرين في الشرق الأوسط.
العراق عقد مؤخرا العديد من الاتفاقيات مع الشركات البريطانية وتحديدا مع شركة شل لمناقشة فرص توسيع التعاون بين العراق وشركة الطاقة العملاقة، بالإضافة إلى توقيع العراق مع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني والمصرف العقاري للتجارة إلى جانبي اتفاقيات أخرى في مجال المياه والبنى التحتية، إضافة إلى التعاون التعليمي وتبادل البعثات الأكاديمية اتفاقية أخرى مع شركة هاليبرتون لتطوير حقلي نهر ابن عمر وسندبان النفطيين.
يعد العراق أعظم جائزة إلى الغرب في الشرق الأوسط بسبب الاحتياطي النفط المهول، التي يمتلكها والتي تعد الأرخص في المنطقة وأثبت العراق أنه كنز لا يمكن تفويته من الطاقة، سواء الغربي أو الشرق على حد سواء وموقعه الجغرافي المهم الجاذب في قلب الشرق الأوسط.
حالة الانفتاح الذي يمارسها العراق على العالم تعزز فرص نفوذه إلى المنطقة وتجعله محطة من محطات التفاهم والحوار بين مختلف الدول الإقليمية والدولية، وهذا فعلاً ما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية في حلحلة الكثير من الملفات العالقة بين دول المنطقة، وتجعله يأخذ مكانه الطبيعي في تهدئة المنطقة وإبعاد العراق عن ساحة الصراع، ليكون نقطة الالتقاء لا ساحة صراع.