انتصار الدم على الجلاد

آراء 2025/02/06
...

 حسين علي الحمداني


الجلادان سعدون وعادل الوجه الحقيقي لنظام قمعي جثم على صدور العراقيين سنوات طويلة، هما يعرفان جيدا من أعدموا، لم يكن الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) بالمجهول لديهم، ولا أخته الشهيدة العلوية بنت الهدى مجهولة هي الأخرى، يعرفان جيدا أنهما يطلقان رصاص غدارتهما على بيت عرف لدى العراقيين وعموم المسلمين بأنه بيت العلم والعبادة والتقوى، يعرفان جيدا كل هذا، ومع هذا كانت بنادقهما مصوبة نحوهما و(شفل البعث)، ينتظر أن يحفر قبرا لهما، كما حفر من قبل ومن بعد آلاف المقابر الجماعية.


هذه ليست جريمة عادية بقدر ما إنها (أم الجرائم) كون مرتكبيها استسهلا قتل آل الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفيما بعد اقتادوا آلاف العراقيين بدم بارد لتكون أرض العراق عبارة عن مقبرة جماعية لكل الذين قالوا لا للظلم والطغيان ولكونهم من أتباع هذا المرجع الكبير، الذي أنار بفكره مساحة كبيرة في الفقه والاقتصاد وإدارة الدولة، في زمن غابت فيه الدولة وعلت فيها أصوات السلطة الباحثة عن كل معارض كي تزج به في ظلمات سجونها تمهيدا لدفنهم في مقبرة جماعية هنا أو هناك. هذه المقابر التي شكلت جزءا من جغرافية العراق فيما بعد، حيث بحث ما تبقى من الآباء والأمهات على ما تبقى من رفات أبنائهم في مقابر شتى توزعت بين أرض العراق لتشهد على جرائم النظام القمعي.

الجلاد فضل الهروب وتصور أن في ذلك نجاة له، لكن إرادة الله وجهود الخيرين من أبناء العراق وأجهزته الأمنية ظلت تبحث عنه وعن غيره من أولئك الذين لا يمكن أن نسميهم أدوات للنظام بقدر ما إنه النظام القمعي نفسه، لم يكونوا (مأمورين) بقدر ما أنهم أصحاب قرار ومن المقربين للنظام والمشاركين الفعليين في صناعة العنف وترهيب الناس وقمعهم ورصد تحركاتهم وكتابة التقارير عنهم وإصدار الحكم عليهم.

هرب بكل جرائمه، ربما غير اسمه وتغيرت بعض ملامحه بحكم أربعة عقود ونيف من الزمن، لكن المجرم له سمات معروفة تبوح بها ملامحه وعيونه الخائفة من الجميع، لهذا لم تكن الأرض كبيرة بل صغيرة جدا عنده، ربما أصغر من أصغر مقبرة جماعية أشرف عليها وهو يحمل (غدارة) أو مسدس صغير أهداه إياه (زعيم العصابة) جراء خدماته التي أبقت النظام أطول فترة ممكنة.

هذا الجلاد لم يكن يتصور أن يلقى القبض عليه في يوم ما، ربما ساوره الشك إن العقود الأربعة كانت كافية أن ينسى الناس شهداءهم، وتناسى هذا الجلاد إن هنالك عيونا ترصده، فكان صيدا كبيرا لرجال لم ينسوا يوما أي شهيد من شهداء العراق، فكيف ينسون قاتل الشهيد محمد باقر الصدر(قدس).

لقد انتصر شهداء العراق مرة أخرى وهم يرون جلاديهم في قفص محكمة العدل، محكمة الشعب، المحكمة التي ستقتص لكل الشهداء، الذين ضحوا لأنهم يحبون العراق وشعبه ويكرهون الطغاة.