{أمهات وأبناء}: أطروحة مؤثرة عن ديناميكيات الأسرة

ثقافة 2025/02/11
...

  أليكس بريستون

  ترجمة: كريمة عبد النبي


يعدُّ الكاتب الأميركي آدم هاسليت واحداً من المؤلفين الأذكياء والمشهورين الذين أوصلتهم الولايات المتحدة الى النجوميَّة الأدبية الدولية بعد أن قدم ثلاث روايات حازت الكثير من الاعجاب من قبل القرّاء والنقاد على حدٍّ سواء، كما يعدُّ واحداً من كتاب القصص القصيرة وقد رشّح مرتين لجائزة بوليتزر.

قدم هاسليت روايته الأولى بين عامي 2007- 2008 وهي بعنوان "يونيون أتلانتيك" أو "اتحاد أتلانتيك" تناول فيها الأزمة المالية وتبعاتها. أما روايته الثانية فكانت بعنوان "تخيلني رحلت" التي تحكي عن الأبوة والاكتئاب. الرواية الثالثة موضوع البحث والتي صدرت مؤخراً فهي بعنوان "أمهات وأبناء" ومحور موضوعها هو الغياب.

تتناول هذه الرواية موضوع غياب الابن بيتر، محامي في الأربعينات من العمر، عن والدته "آن" التي تعمل في إدارة "مكان للضيافة" مخصص للنساء ويقع على تلال فيرمونت ضمن ولاية فيرمونت المشتهرة بالتلال المتموجة.

الرواية تتحدث عن التجربة وتنقل القارئ عبر فصولها الى عالم بيتر في البداية، ومن ثمَّ الى عالم والدته آن إذ تتكون لدى القارئ صورة عن حياة كلا الشخصيتين. يعمل بيتر محامياً متخصصاً بقضايا اللجوء في مدينة نيويورك حيث يقضي معظم أوقاته مع أولئك الذين يعانون اليأس والعوز. يتوصل القارئ من خلال فصول الرواية الى أن الحياة الشخصية لبطل الرواية تكاد تكون معدومة بعد أن قدمه الكاتب بصورة الانسان الوحيد واليائس المحاصر بماضيه والسنوات الأولى من حياته الدراسية التي شهدت إقامة علاقة قصيرة ومترددة مع صديقة له في نفس المدرسة. بقي الشعور بالذنب يطارد بيتر منذ إقامة تلك العلاقة وكان ينحو باللائمة على والدته بسبب المأساة التي حدثت له خلال هذا السن من عمره. ولغرض نسيان ما حصل اثناء السنوات المبكرة من حياته، انغمس بيتر في قضاياه كمحامٍ.

ويقول بيتر "كل ما أقوم به هو العمل، ومن خلال عملي أسعى لجعل الناس يتحدثون عن قصصهم وأنني أحاول أن أحقق هدفي، من خلال سردهم لمعاناتهم والأحداث التي يمرون بها في حياتهم".

أما والدة بيتر فقد كانت كاهنة عند بداية حياتها، إلا أنّها تركت زوجها الأميركي وعملت مع صديقتين لها على شراء قطعة أرض في فيرمونت وانشاء مكان للضيافة خاص للنساء حيث تستقبل فيه النساء اللاتي يعانين من الانكسار، وكذلك اللاتي يتعرضن للضرب. كانت والدة بيتر تصغي لهؤلاء النسوة وتستمع الى معاناتهن من دون إصدار أية أحكام عليهن. ومن هنا يقدم الكاتب أوجه التشابه بين عمل كل من بيتر كمحامٍ يصغي إلى موكليه ووالدته التي تعمل على الاستماع لمشكلات ومعاناة النسوة اللاتي يقصدن مكان الضيافة لغرض الاستشارة.

ومن ضمن شخصيات الرواية الأخرى ليز شقيقة بيتر، وهي شخصية كوميدية وفوضوية تعمل في مجال استضافة الاجتماعات التنكريَّة كما تعتني بالكلاب المحتضرة. وعبر صفحات الرواية تبحث ليز عن معلومات تخص أحد أسلافها وهو من جنرالات الحروب الثوريَّة. 

تقدم الرواية صورة جميلة عن الأم والآن على الرغم من أن تلك الصورة تبدو عميقة ومعقدة. وهذه الصورة تشبه صورة العلاقة التي يقدمها الكاتب الروسي تورغينيف بين الشباب والشيوخ عبر روايته الشهيرة "الآباء والبنون" التي تصور الصراع الفكري والاجتماعي بين الشباب والشيوخ في روسيا. وتعد هذه الرواية واحدة من أروع وأقوى الروايات التي قدمها هذا الكاتب الروسي.


عن صحيفة الغارديان البريطانية