تتويج بابل يوحد العراقيين

العراق 2019/07/05
...

بغداد / الصباح
سجل العراق مساء يوم أمس الجمعة إنجازاً لافتاً آخر تمثل بموافقة لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة “اليونسكو” التي انعقدت في العاصمة الأذرية باكو ضم مدينة بابل الأثرية إلى سجل لائحة التراث العالمي، لتنضم إلى الأهوار وقلعة أربيل وقلعة آشور الشرقية ومدينة سامراء الأثرية والحضر التي انضمت إلى اللائحة العالمية في أعوام سابقة. 
يشار إلى أن آثار بابل كانت مدرجة على لائحة منظمة “اليونسكو” للتراث العالمي، قبل أن تحذفها المنظمة، نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، بسبب تلاعب النظام المباد بالمدينة الأثرية، وتغيير بعض المعالم، وإعادة بناء أجزاء من دون التقيد بأسلوب علمي.
وفور إعلان النتيجة ضجت قاعة المؤتمرات في باكو باحتفالات الوفد العراقي ممزوجة بالأهازيج ورُفع العلم العراقي عالياً، في حين توالت برقيات وتغريدات التهنئة والتبريكات من القيادات السياسية.
ذاكرة البشرية
وقال رئيس الجمهورية برهم صالح، في تغريدة على (تويتر): «نبارك لكل ابناء العراق ادراج بابل على لائحة التراث العالمي، فبالأمس انضمت الاهوار الى هذه اللائحة، واليوم تلتحق بها بابل وغداً ستدرج المواقع الاثرية الاخرى بإذن الله بها ليستعيد العراق مكانته التي يستحق».
بدوره، بارك رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، في بيان لمكتبه الإعلامي، تلقته «الصباح»، «الجهود الكبيرة التي بذلت من أجل إنجاح هذا الملف من المعنيين في وزارة الثقافة والآثاريين والجهات المساندة ووسائل الإعلام، كما اتقدم بجزيل الشكر للدول التي وقفت مع العراق ودعمت هذه الجهود». 
واضاف عبد المهدي «تأتي هذه المناسبة لتضيف معاني قيّمة الى مكانة العراق بين الأمم، وهي تذكير بأن أرض الرافدين هي بالفعل عماد ذاكرة البشرية، وأصل انبثاق الحضارة منذ أن بدأ الإنسان التدوين»، متطلعاً الى أن «تنال بابل وسائر المواقع الآثارية الأخرى الأضواء والاهتمام والرعاية، وجهود البحث والتنقيب العالمية، لتستكمل الإنسانية سجل تأريخها الذي بدأ من بلاد ما بين النهرين».
في حين قال رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، في تغريدة على حسابه بتويتر: “مبروك لعراق الحضارة والتاريخ والثقافة إدراج مدينة بابل التاريخية على لائحة التراث العالمي لـ”اليونسكو”، وشكراً لكل من عمل ودعم وساند من أبناء الوطن والدول الشقيقة وأصدقاء الإنسانية”. 
كما هنأ الامين العام لمجلس الوزراء حميد نعيم الغزي ابناء شعبنا بمناسبة إدراج بابل على لائحة التراث العالمي، مشيداً بالجهود التي بذلت  في تحقيق هذا الإنجاز متمثلة بوزارة الثقافة  والمسؤولين في محافظة بابل والجهات الساندة .
واكد الغزي ان ادراج بابل ضمن قائمة المواقع السياحية سيجعلها مقصداً للسائحين والباحثين من داخل وخارج العراق، لافتاً الى ان هذا الانجاز يضاف الى الجهود الحكومية بعد ادراج الاهوار ضمن لائحة التراث العالمي، الى جانب مساعيها في الحفاظ على التراث العراقي في مختلف انحاء البلاد وتثبيت هذه المواقع وغيرها عالمياً.
 
أرض القوانين
وفي السياق نفسه، قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي، في بيان تلقته «الصباح»: «مرة اخرى ينتصر العراق ضد الإرهاب بعد ان حاول تدمير جميع آثاره وهدم الثروات التاريخية الموجودة في البلاد»، مبيناً «اليوم تعلن «اليونسكو» ضم بابل وقبلها الاهوار الى لائحة التراث العالمي، لتكون بابل اليوم بتاريخها وحاضرها ومستقبلها قبلة لأنظار المجتمع الدولي، قبل ان تكون أرضا لسّن اولى القوانين في التاريخ» .
وأكد الكعبي «دعمنا الكامل كسلطة تشريعية لوزارة الثقافة والسياحة والآثار من خلال توفير جميع الإمكانيات اللازمة من خلال التنسيق المباشر مع الحكومة وتشريع القوانين وإصدار القرارات التي من شأنها حماية مدينة بابل الأثرية وحفظ تاريخها ورمزيتها ومكانتها ومعالمها»، داعيا الجهات ذات الصلة لإيلاء اهتمام «خاص وجدّي وعاجل من جميع النواحي للاهوار وبابل باعتبارهما محط أنظار العالم الان لاسيما ان إحياءهما وتطويرهما بالشكل اللائق مسؤولية تقع على عاتق كل عراقي غيور على بلده».
من جهتها، هنأت لجنة الثقافة والاعلام والسياحة والاثار النيابية الشعب العراقي بمناسبة ادراج بابل التاريخ والحضارة ضمن لائحة التراث العالمي.
وذكرت اللجنة، في بيان تلقته «الصباح»، ان «اللجنة برئاسة سميعة الغلاب ونائب الرئيس حمدالله الركابي والنائب علي الحميداوي الذين حضروا عملية مناقشة ملف بابل واجراء التصويت في اجتماع الدورة الثالثة والأربعين الذي عقد في العاصمة الاذربيجانية باكو اليوم بمشاركة 180 دولة عبرت عن سعادتها البالغة لهذا الانجاز الكبير».
واكدت اللجنة ان «المفاوضات وتحشيد الجهود اثمرت عن تصويت اعضاء لجنة التراث العالمي البالغ عددهم 21 عضوا بالاجماع على اضافة بابل ضمن اللائحة العالمية التابعة لمنظمة اليونسكو».
وشكرت اللجنة « اعضاء جميع الدول الشقيقة والصديقة التي تعاونت وبذلت الجهود لمساعدة العراق سواء بالتصويت او المفاوضات»، مشيدة بـ»الوفد العراقي ممثلا بوزير الثقافة وفريقه التفاوضي والمستشارين ومحافظ بابل ورئيس مجلسها والدبلوماسية العراقية وسفير العراق لدى اليونسكو وجميع من شارك في هذا الكرنفال الذي رفع اسم العراق مجددا في المحافل الدولية».
وبينت اللجنة ان «جميع الدول الاعضاء اشادت بالعراق وتضحياته امام الهجمات الشرسة التي تعرض لها دفاعا عن العالم في محاربة الارهاب الاعمى»، مشيرة الى ان «بابل وعبق تاريخها الذي يمثل آلاف السنين كان من المفترض تتويجها باللائحة العالمية منذ عقود كثيرة، الا اننا اليوم حصدنا الانجاز بجهود الجميع الذين سعوا وبذلوا الجهود الكبيرة من اجل تاريخهم وحضارتهم العريقة».
 
نصر جديد
من جانبه، بارك رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، للعراق وشعبه الابي تصويت منظمة اليونسكو على ادراج بابل ضمن لائحة التراث العالمي.
وقال الحكيم، في بيان تلقته «الصباح»: «نصر جديد يضيفه العراق الى سجله الحافل بالانجازات»، مباركاً» للعراق وشعبه تصويت منظمة اليونسكو على ادراج بابل ضمن لائحة التراث العالمي».
واضاف «اذ نحيي جهود وفد العراق المشارك في المؤتمر، نشدد على ضرورة الاسراع بازالة كل ما من شأنه التأثير في البعد التراثي والحضاري لبابل والاهتمام بباقي المواقع والمعالم الاثرية والتراثية التي تمتد على طول مساحة هذا الوطن الاصيل».
وكان وزير الثقافة عبد الامير الحمداني، قد أوضح، في معرض اجابته عن أسئلة اللجنة قبل التصويت، أن العراق يتفهم التخوف العالمي، وقال: نتعهد بتقديم رؤية ادارية وخصصنا 200 مليون دولار من أجل بابل.
بدوره بارك مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي ادراج بابل ضمن قائمة التراث العالمي، مهنئا العراقيين كافة بهذا المنجر والنصر.
في غضون ذلك، عدّ رئيس ملف إدراج مدينة بابل على لائحة التراث العالمي رعد علاوي، انضمام بابل الى لائحة التراث العالمي بأنه جاء بعد سنوات من العمل والترميم للكثير من الأبنية والمواقع الأثرية التي قامت بها هيئة الآثار في وزارة الثقافة إضافة إلى المنظمات الدولية، ومنها بوابة عشتار ومعابد (ننماخ) و(نابوشخاري) وغيرها الكثير لتتكلل بنتائج ايجابية في تقديم حضارة بلاد الرافدين الى المحافل الدولية.
وقال علاوي، في حديث لوكالة الأنباء العراقية (واع) في أثناء حضوره جلسة التصويت: ان “عمل الفريق الذي حضر جلسة التصويت، كان عملا دبلوماسياً واعلامياً كبيراً بغية ضمان التصويت على ادراجها على قائمة اليونسكو”.
واضاف علاوي ان “عمل الفريق سيبدأ منهاجا جديداً يليق بمدينة بابل والتخطيط من أجل ان تبقى بابل بمكانتها التاريخية وابعادها عن العسكرة وهو شرط منظمة اليونسكو المتعلق بتأمين مدينة بابل الأثرية”.
 
تفاصيل التصويت
بينما كشف عضو الوفد العراقي المشارك في اجتماعات لجنة التراث العالمي، تفاصيل التصويت على انضمام مدينة بابل الاثارية ضمن لائحة التراث العالمي.
وأوضح الحميداوي، في تصريح صحفي، انه «بتوفيق وسداد إلهي وبجهود استثنائية للوفد العراقي المفاوض صوت أعضاء مؤتمر التراث العالمي بدورته الثالثة والأربعين والمنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو على ضم مدينة بابل التاريخية إلى لائحة التراث العالمي».
وأضاف انه «انتصار آخر يضاف على أعداء الانسانية وصناع الموت ومن أراد حرف بوصلة الزمن صوب العصور الغابرات، إذ تكاتفت الجهود وتعالت الهمم وبمهارة فائقة للوفد العراقي المفاوض تم كسب ثقة وقناعة وتأييد أعضاء لجنة التراث العالمي في منظمة اليونسكو البالغ عددهم (21) عضوا للتصويت بأغلبية مطلقة على ادراج مدينة بابل ضمن لائحة التراث العالمي».
وأشار الى «تمرير المشروع قفزة واحدة بعد الإجابة عن كل التساؤلات التي كانت تقف عائقا امام ادراج بابل على لائحة التراث العالمي». 
وتابع «إذ نزف البشرى إلى أهلنا في العراق واصدقائنا ومحبينا في العالم يسرنا أن نزجي خالص الامتنان ونثمن باعتزاز كل جهد وطني تصاغرت ذاته امام عظمة بابل ليكبر منجزا ووعيا في دعمنا ومؤازرتنا في مشوار ادراج بابل على لائحة التراث التي أصبحت ضمن مسؤوليات العالم الحر ومضامين صيانته وحمايته كأرث حضاري عميق ومتجدد».
يذكر ان اليونسكو أدرجت مدينة بابل الاثرية على لائحة التراث العالمي، مساء أمس الجمعة،  بعد اجتماعات ومفاوضات تم عقدها في باكو لعدة أيام لدراسة الملف من قبل الوفد العراقي ومنظمة اليونسكو والأعضاء في لجنة الآثار العالمية في المنظمة الأممية.