قائد بعثة الناتو: الاتفاق مع الحكومة العراقيَّة على 32 هدفاً طويل الأمد

العراق 2025/02/17
...

 بغداد: الصباح


أعلن قائد بعثة الناتو في العراق، الجنرال لوكاس شخويرس، أمس الأحد، أن مهمة البعثة غير قتالية وتقتصر على تقديم المشورة والمساعدة في التدريب وملفات أخرى لتحقيق 32 هدفاً جرى وضعها بالتنسيق مع الحكومة العراقية.

وفيما أشاد بقدرة القوات العراقية على التكيُّف مع المستجدَّات العسكرية ورفع جاهزيتها للتعامل مع التداعيات الإقليمية المحتملة، لفت إلى أن الوضع الأمني هادئ والاستجابة لردع تهديد عصابات داعش سريعة وفعالة، معلناً التحرك لإرسال ضباط عراقيين للتدريب في أكاديميات دول الناتو.

وقال الجنرال لوكاس شخويرس في مقابلة أجرتها وكالة الأنباء العراقية (واع) واطلعت عليها "الصباح": إن "مهمة الناتو في العراق غير قتالية، إذ تقتصر على تقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن بناءً على طلب الحكومة العراقية"، منوهاً بأن "الحكومة قامت بدعوة الناتو قبل ست سنوات بهدف تقديم المشورة والمساعدة في التدريب لقوات الأمن، ويرتكز العمل بشكل أساسي مع وزارة الدفاع، إلا أنه يشمل أيضاً وزارة الداخلية لاسيما الشرطة الاتحادية".

وأوضح، أن "مهام بعثة الناتو في العراق تركز على تقديم المشورة والمساعدة في المجالات التي تطلبها الحكومة العراقية ضمن قدرات الناتو"، وهناك 32 هدفاً طويلة الأمد تمثل العمل الأساسي لعمل البعثة، وعند تحقيق النجاح بأحد الأهداف يتم الانتقال إلى هدف جديد وفقاً لطلب الحكومة العراقية وبالتالي فإن ما يحمله المستقبل يعتمد بشكل كبير على احتياجات الحكومة العراقية وتوجيهاتها".


رغبة من الناتو بشراكة

 قوية مع العراق

وأوضح، أن "العلاقة بين العراق والناتو، تشهد تعمقاً ملحوظاً، إذ كانت هناك زيارة للأمين العام لحلف الناتو، والقائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا (SACEUR) وهو أحد أبرز القادة العسكريين في الحلف إلى العراق"، مبيناً أن "كليهما أكدا أن هذه الخطوة كبيرة وتشير إلى رغبة قوية لتعزيز الشراكة، وهو ما يعكس رغبة العراق كذلك في بناء شراكة قوية مع الناتو بهدف تطوير قدرات قواته الأمنية".


بعثة الناتو تدخل عامها السابع

وأشار، إلى أن "بعثة الناتو تسعى إلى شراكة طويلة الأمد مع الحكومة العراقية، وهي تدخل الآن عامها السابع ومن المحتمل الاستمرار بالعمل ضمن مهام المشورة والتدريب لأعوام أخرى والهدف من تلك الشراكة بناء علاقة قوية بين العراق ودول الناتو".


استقرار الوضع الأمني في العراق

ولفت، إلى أن "الوضع في بغداد وعموم مدن العراق هادئ ولا توجد أي حوادث، إلا أنه لا يخفى على الجميع وجود بعضٍ من بقايا عصابات داعش الإرهابية في البلاد، والقوات الأمنية العراقية تتعامل معها بحزم وسرعة بشكل جيد جداً، بالاستعانة المحدودة بقوة المهام المشتركة"، مؤكداً أن "الوضع في العراق لا يمثل الخطورة التي يشهدها الجزء الشمالي الشرقي من سوريا، حيث توجد هناك معسكرات لاجئين كبيرة، بالإضافة إلى عدد كبير من سجناء داعش المحتجزين في السجون، ومن الضروري أن تبقى هذه المعسكرات تحت حراسة مشددة للغاية، فإطلاق سراحهم بأي شكل من الأشكال قد يشكل تهديداً خطيراً على العراق".


دعم دولي للعراق

وأشار، إلى "وجود بعثات في البلاد تدعم القوات الأمنية العراقية في محاربة داعش، من بين هذه البعثات، قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب، وتضم هذه القوة عدداً من دول الناتو، حيث تشارك في إطار ائتلاف أوسع يتجاوز حدود الحلف".

وتابع، أن "حلف الناتو يعمل مع العراق والشركاء العالميين لمكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار، وهناك شركاء آخرون يُسهمون في القضايا الأمنية، فعلى سبيل المثال فإن بعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية تساعد في تدريب الشرطة المحلية التي تلعب دوراً أساسياً في ضمان أمن المواطنين في القرى والمدن، ومن أجل تنسيق الجهود بشكل فعّال يتم إجراء محادثات منتظمة مع بعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية، بالإضافة إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاء آخرين في 

البلاد".


الاتفاق على 32 هدفاً 

طويل الأمد

وأردف، أن "الحلف، يركز على الإصلاح المؤسسي، ويتناول سبل تحسين الآليات على المدى الطويل وبناء السياسات، فضلاً عن تعزيز جاهزية القوات الأمنية العراقية لمواجهة التحديات المستقبلية، إلى جانب تنفيذ عمليات مستدامة طويلة الأمد".

وأشار، إلى "الاتفاق مع الحكومة العراقية على 32 هدفاً طويل الأمد، حُددت بشكل مشترك لدعم مهمة الناتو في العراق"، مبيناً أن "تلك الأهداف تشمل مجالات متعددة، من التسليح إلى تدريب القوات الأمنية العراقية، بالإضافة إلى تنفيذ التدريبات وفقاً لمعايير الناتو، والمساعي مستمرة لتحقيق هذه الأهداف بأسرع ما يمكن".

واستطرد، أن "استراتيجية الناتو في العراق دائماً ما تتغير وتتطور باستمرار، وهذا الاتجاه ينعكس أيضاً في الطلبات الواردة من القوات الأمنية العراقية، حيث تركز بشكل متزايد على الأشكال الحديثة من الحروب"، منوهاً بأن "الناتو يعمل على معالجة المتطلبات لضمان أفضل

النتائج".


نظام تصنيف خاص

واستدرك بالقول: إن "الناتو، يستخدم نظام تصنيف خاصاً يتيح لأي جندي طلب زيّه العسكري بسهولة، وداخل كل زيّ عسكري هناك رقم صغير وعند إدخاله إلى النظام الحاسوبي سيحصل الجندي على الزي"، لافتاً إلى أن "هذا النظام سيتم تطبيقه في العراق، فلكي تكون شريكاً في الناتو، يمكنك الاستفادة من أنظمة الدعم اللوجستي الخاصة بهم، وتحقيق ذلك يتطلب مهام أساسية تبدأ بإنشاء مكتب، ثم توفير الأجهزة والبرامج وتدريب الأشخاص على استخدامها". وأوضح، أن "العمل جارٍ على بناء هذه الخطوات الصغيرة تدريجياً، ومن خلال تحقيقها يمكن قياس مدى التقدم المتحقق بشأن الأهداف الـ 32 الطويلة 

الأمد".


3  أهداف رئيسة

وأضاف، أن "الأهداف الرئيسة لتقديم المشورة للقوات الأمنية متعددة وتشمل ثلاثة مجالات رئيسة، أحدها يركز على تحسين عملية شراء الأسلحة وهو أمر مرتبط بالنظام المالي في العراق، حيث يتم التأكد من أن عمليات الشراء تتم بكفاءة، مما يضمن تجهيز القوات الأمنية العراقية بالمعدات والأسلحة التي تحتاجها في المستقبل، فيما يتضمن الجانب الآخر تدريب الضباط، بدءاً من الضباط الصغار في الأكاديمية، وهو أمر ضروري لبناء قيادة قوية ومستدامة للمستقبل، وفي هذا السياق يعمل قسم التعليم على تطوير قدرات الضباط وتعزيز معايير التدريب، علاوة على هذه الجهود هناك أنشطة إضافية من خلال فرق العمل متعددة التخصصات والتي تلعب دوراً أساسياً في تعزيز التعاون وتكامل الجهود الاستشارية عبر مختلف المجالات".


برنامج القدرات العملياتية

وأكد، أن "التدريب وفق معايير الناتو، يُسهم في تقييم قدرات القوات الأمنية العراقية ورفع مستواها لتتوافق مع تلك المعايير، إذ إن برنامج (مفهوم القدرات العملياتية OCC) مخصص لهذا الغرض، ويُدار هذا البرنامج من قبل القيادة العليا للقوات المتحالفة في أوروبا، والتي تتخذ من بلجيكا مقراً لها".

وتابع، أن "تقديم البرامج التدريبية وتقييمها، سيعزز جاهزية الوحدات العراقية بشكل فردي، لضمان توافقها مع معايير الناتو وتحقيق أداء عالي المستوى".


إرسال ضباط عراقيين لأكاديميات

 دول الناتو

وأشار، إلى "وجود خطط لإرسال ضباط عراقيين من الأكاديمية العسكرية وكلية الشرطة للتدريب في أكاديميات دول الناتو، حيث يقوم الحلف بتنفيذ العديد من الأنشطة التدريبية خارج العراق، وبحسب الأهداف طويلة الأمد يتم إرسال الأفراد إلى دول مثل إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا، أو المملكة المتحدة، حيث تشارك جميع دول الناتو في هذه البرامج".

ونوه، بأن "ضابطاً عراقياً برتبة رائد، التحق بكلية الأركان في أستراليا، لذا فهناك تبادل مستمر للكثير من الأنشطة خارج البلاد، علاوة على إرسال فرق خبراء إلى العراق، لتقديم التدريب محلياً، وهو خيار أكثر كفاءة عند الحاجة إلى تدريب مجموعات كبيرة"، مبيناً أن "هذه البرامج تشمل جميع المستويات، من الضباط في الكليات العسكرية إلى الجنود، وفقاً لموضوع التدريب".

وأشار، إلى أن "القوات الأمنية العراقية أثبتت قدرتها على التكيُّف السريع مع المواقف الجديدة، مثال ذلك قيام بعثة الناتو بتشغيل نظام اتصالات جديد بسرعة ودمجه ضمن نطاق القوات الأمنية العراقية بكفاءة مذهلة وتحقيق ذلك بمستوى وسرعة تصعب مشاهدتها حتى في بعض دول الناتو"، معرباً عن "إعجابه برؤيته عروضاً لقدرة القوات العراقية على التكيُّف واستعدادها العالي".

وأوضح، أن "الأمن السيبراني وتقنيات تكنولوجيا المعلومات المتعلقة بالإنترنت، بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار، هي تقنيات تتطور بسرعة، لذا فمن المهم وضع سياسة واضحة حول آلية تنفيذ هذه السياسة في القوات الأمنية العراقية، فضلاً عن تحديد ما تحتاجه القوات من تدريب وإعداد لضمان فعاليتها عند تطبيق السياسة".


عناصر أساسية في الحروب الحديثة

وبين، أن "هذه التقنيات الجديدة تتطلب استثمارات مالية كبيرة، إضافة إلى تخطيط دقيق وتجهيز مناسب للقوات الأمنية العراقية لاستخدامها بفعالية، وكما يتضح للعالم كله من الحرب الأوكرانية-الروسية، فإن الأمن السيبراني وحرب الطائرات بدون طيار أصبحا عنصرين أساسيين في الحروب الحديثة، لذا فمن الضروري تطوير السياسات والاستراتيجيات اللازمة لتنفيذ هذه التقنيات داخل القوات الأمنية العراقية".


دمج الطائرات بدون طيار بعمليات المراقبة

ولفت، إلى أنه "على نطاق أصغر، قام الناتو بتطوير تمرين مع القوات الأمنية العراقية لدمج الطائرات بدون طيار في عمليات المراقبة، ثم توجيه المدفعية لضرب الأهداف بدقة أكبر على مسافات طويلة"، مؤكداً أن "هذا التمرين أثبت نجاحه الكبير وتم اعتماده ضمن هيكل القوات الأمنية".

واستكمل، "نحن نُسهم في هذا المجال، إلا أننا بحاجة إلى شراء هذه التقنيات لمواكبة التطورات السريعة في التكنولوجيا، وهو تحدٍ تواجهه العديد من الدول والعمل مستمر لإيجاد حلول له".


أمن الحدود

وأشار، إلى أن "مسألة أمن الحدود لا تندرج ضمن نطاق مهام بعثة الناتو في العراق، وبالرغم من ذلك فإن البعثة تقوم بتدريب القوات الأمنية العراقية على عمليات يمكن تطبيقها أيضاً في تأمين الحدود، فمثلاً كيفية إغلاق الحدود مع سوريا هو أحد المواضيع التي يتم تدريب القوات العراقية عليها، بالإضافة إلى تدريب الوحدات على تنفيذ الدوريات وإنشاء المواقع الأمنية"، منوهاً بأن "بعثة الناتو في العراق لا تذهب إلى الحدود كون مهامها غير قتالية وإنما تقدم النصائح وتساعد القوات في الاستعداد لهذه العمليات".


دعم دور المرأة في القوات العراقية

وأوضح، أن "حلف الناتو يعمل على دعم العراق في تعزيز التنوع وتمكين المرأة من القيادة في قواته العسكرية والأمنية من خلال عدة مبادرات واستراتيجيات"، مشيراً إلى أن "حق المرأة في الخدمة بالقوات الأمنية يعدُّ حقاً مشروعاً".

واستطرد، أن "حلف الناتو لديه هدف طويل المدى يندرج تحت برنامج (النساء، السلام والأمن)، وهو جزء من الجهود لدعم دور المرأة في القوات العسكرية"، مبيناً أن "البعثة تناقش مع العراق باستمرار دور المرأة في قواته الأمنية وهناك زيادة ملحوظة في عدد الضابطات العراقيات في الجيش، بالإضافة إلى أن قسم النساء في القوات الأمنية، لاسيما وزارة الدفاع شهد تحسناً ملحوظاً في مكانته ودوره بالمقارنة على ما كان عليه في السابق".

وأردف، أن "مهمة الناتو في العراق تتطور بشكل مستمر لتتماشى مع التغيرات في البيئة الأمنية، ومن المتوقع أنه مع مرور السنوات ستحدث تغييرات في هذا السياق، فالأوقات تتغير والمطالب تزداد، فضلاً عن أن القوات الأمنية العراقية مستمرة في تطوير قدراتها، وستصل إلى معايير الناتو، مما يعني أن احتياجاتها من النصيحة والمساعدة ستكون أكثر تقدماً في المستقبل القريب".


تطوير الحرب المشتركة المتكاملة

ولفت، إلى أنه "من أهم الأولويات التي يجب أن يركز عليها العراق، هي تطوير الحرب المشتركة المتكاملة، فالقوات الأمنية تمتلك قوة برية قوية جداً، لكنها بحاجة إلى تعزيز قدراتها على دمج سلاح الجو والدفاع الجوي، والطائرات بدون طيار، وربط تلك القدرات عبر أنظمة قيادة وسيطرة متقدمة".

وأضاف، "على الرغم من التحديات، فهناك تطورات إيجابية، فمثلاً عند رصد أي نشاط لعصابات داعش الإرهابية في بعض مناطق العراق تكون الاستجابة سريعة وقدرة متزايدة على التعامل مع تلك التهديدات وكذلك استخدام الغارات الجوية والمدفعية"، مشيراً إلى أن "العراق بلد كبير وله العديد من الجيران، مما يجعل مهمة الحفاظ على الأمن تحدياً مستمراً".

وتابع، أن "قيادة القوات الأمنية العراقية منخرطة للغاية في أمن البلاد، إلا أن تطورات الأوضاع في الدول المجاورة، مثل سوريا تتطلب اهتماماً خاصاً، وقد لمسنا بالفعل إجراءات واضحة لضمان جاهزية القوات العراقية وحماية البلاد من أي تداعيات إقليمية محتملة".


مبادرات عديدة لدعم العراق

وأوضح، أن "تركيز بعثة الناتو الأساسي ينصب على المهام الرئيسة والتي تشمل مساعدة القوات الأمنية العراقية والشرطة الاتحادية على تحسين أدائها، إلا أن هناك العديد من المبادرات الأخرى في العراق، مثل برنامج الأمم المتحدة الانمائي، وبعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية، إلى جانب أشكال أخرى من الدعم المشترك". وأشار، إلى أن "هولندا تقدم أحياناً مشاريع للحكومة العراقية شأنها شأن العديد من الدول الأخرى للمساعدة في تطوير البلاد، لاسيما في مجالات حيوية مثل تحلية المياه وإدارة الموارد المائية وهي أمور ضرورية لمستقبل العراق"، داعياً "الدول المحيطة بالعراق وكذلك الدول الأبعد للمساهمة في دعم تقدمه واستقراره".

واستطرد، أن "معظم دول العالم الغربي ما زالت تعتقد أن الوضع في العراق غير آمن، ولذا كان من المهم بالنسبة لبعثة الناتو إثبات تحسن الأوضاع في العراق على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق قمت بزيارة مدينة بابل لإبراز القدرة على التنقل هناك خصوصاً"، مؤكداً أن "استمرار دعم أمن العراق أمر في غاية الأهمية لدول الحلف".


العراق شعب غني بثقافته

وأعرب، عن "تأثره بعمق كرم الضيافة العراقية منذ وصوله إلى البلاد في شهر أيار الماضي"، مبيناً أن "الشعب العراقي له قدرة مدهشة على التكيُّف مع ضيوفهم ويتمتع العراقيون بثقافة غنية مما يمنحنا حافزاً كبيراً على العمل لدعمهم في تحقيق بيئة أكثر استقراراً".

واختتم، أن "السلام والاستقرار حق أساسي لكل إنسان، وهو الأساس لحياة كريمة وسعيدة، وإذا كان بإمكاننا المساهمة في تحقيق ذلك بأي شكل من الأشكال، فإننا نلتزم بذلك بكل إخلاص. هذا هو جوهر عملنا، وهذا هو سبب وجودنا هنا".