بغداد / شيماء رشيد
مهند عبد الوهاب
يستعد مجلس النواب لرفع الحصانة عن النواب المطلوبين للقضاء بتهم متنوعة تتراوح ما بين التشهير والفساد، وبينما أكدت كتل سياسية في المجلس دعمها لمطالبات مجلس القضاء الأعلى الخاصة بهذا الملف، بين خبير قضائي أن البرلمان لم يقم بخطوة رفع الحصانة عن أحد من أعضائه منذ انطلاق أولى دوراته في 2006 سوى حالة واحدة أبطلتها المحكمة الاتحادية.
وأوضح نائب رئيس اللجنة القانونية محمد الغزي، ان “البرلمان ماضٍ في رفع الحصانة عن النواب المطلوبين للقضاء لانه إجراء قانوني ودستوري وعلى النائب أن يدافع عن نفسه أمام القضاء”.
وقال الغزي لـ “الصباح”: “بالنسبة للوزراء الموجهة لهم تهم فساد والذي صرح بهم رئيس الوزراء فيجب إحالتهم على القضاء قبل التصريح، لأنهم لا يتمتعون بالحصانة سواء كانوا سابقين أو حاليين، لذلك فالإجراءات القانونية من السهولة أن تقام بحقهم”، داعيا رئيس الوزراء باعتباره رئيس جهاز مكافحة الفساد “الى المضي بإجراءات التحقيق وإحالة المطلوبين على الجهات المعنية باعتبارها هي من تنظر بهذه الامور حتى تثبت إدانتهم من عدمها”.
وأضاف، ان “مجلس القضاء الأعلى فاتح في وقت سابق مجلس النواب بوجود شخصيات أصبحت تتمتع بعضوية البرلمان وكانت سابقاً حاصلة على مناصب تنفيذية في الحكومات السابقة موجهاً لها بعض تهم الفساد، وعلى مجلس النواب أن يرفع عنها الحصانة فضلاً عن نواب حاليين”، مشيرا الى أن “عددهم أكثر من 30 نائبا تتراوح تهمهم بين قذف وتشهير وأخرى تهم فساد”.
وأكد الغزي، ان “القانون يجب أن يأخذ مجراه، وإن رفع الحصانة إجراء دستوري وقانوني، وعلى مجلس النواب أن يوافق حتى يستطيع النائب أن يدافع عن نفسه أمام القضاء”، مبينا ان “البرلمان لن يتخذ أي إجراء لأن الموضوع أصبح بيد القضاء”.
بدورها، أكدت كتلة الحكمة الوطنية تأييدها مطالبة مجلس القضاء الاعلى برفع الحصانة عن بعض النواب الذين كانوا يتبوؤون مناصب تنفيذية.
وقال النائب عن كتلة الحكمة الوطنية خالد الجشعمي لـ»الصباح»: «إننا مع مطالبة مجلس القضاء الاعلى برفع الحصانة عن بعض النواب الذين كانوا يتبوؤون مناصب تنفيذية ولديهم ملفات فساد مفتوحة لدى القضاء»، مشددا على «ضرورة رفع الحصانة عنهم للمثول امام القضاء».
وطالب الجشعمي، “هيئة رئاسة مجلس النواب باحالة طلب مجلس القضاء الاعلى والمحاكم العراقية برفع الحصانة عن النواب الذي عليهم ملفات وتحويلها مع الوثائق الى اللجان المختصة لدراستها حتى لا تكون هناك أمور كيدية”، مبينا ان “الحصانة وضعت لحماية النائب في حال تصدي النائب لحالات فساد أو رأي معين”.
وأشار الى أن “هناك 40 كتاب وصل من المحاكم الى مجلس النواب لرفع الحصانة عن بعض النواب”، مستدركا ان “الـ 40 كتاباً لا تعني أن العدد 40 نائبا، وإنما قد يكون هناك أكثر من ملف عن نائب واحد»، مشدداً على ضرورة «التمييز بين الفساد المالي والاداري وبين التصريحات ومحاكم النشر، ونحن ضد رفع الحصانة عن النواب في حال التعبير عن الرأي أو التصريحات»، مطالبا «رئاسة مجلس النواب بتحويل طلبات المحاكم الى لجان نيابية مختصة لدراستها وعرضها على جدول الاعمال». من جانبه، اعتبر النائب عن تحالف سائرون رائد فهمي، ان رفع الحصانة عن أي نائب بناءً على طلب قضائي لا يمثل إدانة له بل هو إجراء إداري لتسهيل عمل القضاء.
وقال فهمي في حديث صحفي: إن «طلب رفع الحصانة عن بعض النواب لم يأت من جهة سياسية بل من القضاء، ما يعني انه مبني على مستندات ووثائق، وبالتالي فإن اثبات البراءة يكون من خلال الذهاب الى القضاء وتنفيذ تلك التهم»، مبيناً ان «رفع الحصانة لا يعني أن النائب مدان بل هي خطوة إجرائية لن تؤثر بشيء سلبي في النائب وهي لتسهيل عمل القضاء».
وأضاف فهمي، ان «ما نتمناه ألا يكون موضوع الحصانة انتقائيا، خاصة ان مجلس النواب وضع في مقدمة أولوياته مكافحة الفساد»، لافتا الى ان «احترام استقلالية القضاء يجعلنا ملزمين بالتعامل مع طلبات كهذه بشكل شفاف بعيدا عن أي تحسس».
في السياق ذاته، أكد الخبير القانوني طارق حرب، ان البرلمان لم يرفع الحصانة عن أي نائب منذ أول جلسة له عام 2006.
وقال حرب في بيان تلقت «الصباح» نسخة منه: انه «لم يحصل أن رفع البرلمان الحصانة عن أي نائب منذ أول جلسة له سنة 2006»، مبينا ان «هناك حالة واحدة حدثت سنة 2008 عندما رفعت الحصانة عن النائب مثال الآلوسي وقد أبطلت المحكمة الاتحادية قرار البرلمان برفع الحصانة عن هذا النائب لعدم دستوريته»، وأضاف انه «عاد الى البرلمان قبل اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه وغلق التحقيق».
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان قد طالب الاثنين الماضي، مجلس النواب برفع الحصانة عن أعضائه «المتهمين بقضايا فساد» أثناء توليهم مهام تنفيذية، مشدداً على التعاون بين جميع الأجهزة في مجال قضايا النزاهة.