نهاد نجيب: تاريخ الإعلام بدأ من المنادي في حواري بغداد القديمة

الصفحة الاخيرة 2019/07/27
...

بغداد / فاطمة رحمة
تميز نهاد نجيب، بخامة صوت قوية، خلال عمله في الاعلام لسنوات طويلة، مُلقباً بشيخ المذيعين. اختص بتقديم نشرة الاخبار الرئيسة، على مدى اربعين عاماً، ومن اهم الخلاصات المتحققة في مسيرته الطويلة.. اعداد البرامج وتقديمها وكتابة المقالات التي لم ينقطع عنها حتى الان.
مشيراً الى ان فكرة التمثيل لم تكن غريبة عليه: “في مرحلة المتوسطة والاعدادية كنت من عشاق التمثيل المسرحي.. ورئيساً للجنة الخطابة والتمثيل في مسقط رأسي.. كركوك وقمت ببطولة واخراج مسرحيات عدة، اشهرها (العرضحالجي) وانا اول من قدمها مسرحياً والفنان قاسم الملاك، قدمها تلفزيونياً.. صاحب الفكرة رضا الشاطي.. فنان كوميدي قدمها عبر شاشة تلفزيون بغداد بداية الستينيات وقد ابدع في تجسيد شخصية العرضحالجي”.مواصلاً: “جديدي الذي لازمني منذ مسيرتي الأولى، وما زال يرافقني، هو كتابة سلسلة مقالات اعلامية وثقافية، لجريدة الزمان وغيرها من الصحف والمجلات بالاضافة الى الاستشارات الاعلامية.. المرئية والسمعية، بين الحين والآخر” وأكد: “الاعلام الحالي عبارة عن اعلانات ذاتية، تنطبق عليه الآية الكريمة: “كل حزب بما لديهم فرحون” والمثل الشائع: كل يبكي على ليلاه”.
متابعاً: “يبدأ تاريخ الاعلام من المنادي الذي كان يدور في الازقة والحواري في بغداد القديمة، ومن المحافل الشعرية التي كان الشعراء يتنافسون فيها على المنابر، ويتفاخرون بامجاد قبائلهم”.
 
ذاكرة المهنة
وبين نجيب ان: “ هناك احداثاً مهنية تبقى عالقة في الذاكرة.. كتغطية مناسك الحج والمؤتمرات والمهرجانات الدولية.. داخل العراق وخارجه وعضوية لجنة التحكيم في المهرجان الدولي لبرامج الاذاعة والتلفزيون في القاهرة والتعليق على مناسبات جماهيرية  كبيرة في نقل خارجي مباشر.. ارتجالاً” موضحاً: “هذه الامور تصقل اداء المذيع وتطوره وتكسبه خبرة”.
 
حضور جذاب
لافتاً الى ان من مميزات قارئ نشرة الأخبار: “الصوت الصالح والجميل وسلامة اللغة والثقافة العامة والرصينة والحضور المقنع.. الجذاب.. القوي والتعامل الجيد مع الكاميرا والمايكروفون، اي ان يكون صديقاً وفياً لهما.. ولا يمكن لكل من هب ودب في عشية وضحاها ان يصبح مذيعاً، كما يحصل للاسف في معظم الفضائيات” ذاكراً: “من المواقف الاستثنائية التي عشتها اثناء العمل صدمت بسيارتي طفلاً وهو يركض بسرعة من دون أن ينتبه واصيب بكسر في قدمه ما اضطرني ان احمله الى المستشفى لعلاجه، بعدها سلمت نفسي الى مركز الشرطة للابلاغ بالحادثة، وتم توقيفي وصادف انني كنت مكلفاً في جدول المذيعين بقراءة النشرة الاخبارية الرئيسة لمساء ذاك اليوم، وعند اتصالي بادارة التلفزيون لتوفير بديل، ردوا بعدم توفر بديل واضطر ضابط الشرطة ان يرافقني الى استوديو الأخبار في الصالحية ودخل معي وجلس خلف الكاميرات وهو يحدق بي وانا اقرأ الاخبار بشكل طبيعي جداً، وكأن شيئاً لم يحدث، بعدها اعترف الضابط بانه كان متقصداً ان يرافقني ليدخل التاريخ حسب قوله، وهو سعيد لانه شارك في هذا الحدث الاعلامي.. وبعد خروجنا من التلفزيون رافقني الى القاضي الخفر في بغداد واخلي سبيلي بالكفالة، وبعد ايام تم علاج الطفل.. من الطريف ان الطفل وبعد عشرين عاماً كتب لي يطلب صداقتي عبر  برنامج التواصل الاجتماعي الفيسبوك وهو شاب يافع”.
مؤكداً: “اجمل ما كان يسحرني من التقاليد الاذاعية والتلفزيونية.. الاخلاص في العمل وحبه والتمسك بلائحة شرف المهنة والتفاني من اجل اقناع المتلقي من مشاهدين ومستمعين، بما كنا نقدمه اداءً وثقافة ومعرفة اعلامية صادقة ونزيهة” وتابع: “حملت خبرتي الغنية في مجال فن الالقاء والتلفظ إلى ميدان عملي، منظماً عشرات الدورات للمذيعين والمذيعات، في محاضرات عملية ونظرية.. داخل العراق وخارجه، معتداً بشرف محاضراتي في التلفزة الجزائرية وغيرها من الدول، واعتز ان لي تلاميذ من مشاهير المذيعين والمذيعات في بلدي العزيز العراق وخارجه”.
متأسفاً بقوله: “لا اتفاءل باي شيء من معطيات المرحلة الاعلامية الراهنة؛ لانني لا اجد المذيع المناسب في المكان المناسب..  اي غياب الاختيار المهني، لكن لا انكر أن هناك شباباً مبدعين، يشكلون ظاهرة جيدة، لكنها.. لقلتها.. تضيع في خضم الهبوط الثقافي
 المتلاطم”.