يتابع الوسط الرياضي باهتمام كبير سوق انتقالات اللاعبين المحليين للموسم الكروي المقبل، لاسيما بين الأندية الجماهيرية وتساءل العديد منهم لماذا جاءت صفقات بعض المدربين بمفهوم إغاظة النادي الآخر؟ ولماذا تصر الهيئات الإدارية على مبدأ تدوير (ذات اللاعبين) بين الأندية؟، أين هي مواهب هذا النادي أو ذاك؟ لماذا تراجعت عملية صناعة اللاعبين الجدد الذين يتم التدرج بهم من فئات الاشبال الى الناشئين الى الشباب وصولا بالفريق الاول؟ لماذا نبدد المليارات على جيوب لاعبين نضب عطاؤهم ولم يعد بمقدورهم تقديم أي شيء بينما تهمل بقية المفاصل الرئيسة في تطوير اللعبة على غرار جلب المدربين الأجانب لقطاع الفئات العمرية في كل ناد؟،
هذه الأسئلة وغيرها لا تزال السن المتخصصين تلهج بالحديث عنها متى توقف احدهم عند الصفقات الخيالية التي بدأت الأندية المؤسساتية المدعومة من قبل الدولة وليس من «مالها الخاص» تعلن عنها خلال فترة الموسم المقبل في حين تعاني أندية اخرى من قلة الدعم المالي المقدم لها من قبل مؤسساتها المانحة “الصباح الرياضي» تسلط الضوء اليوم على المعايير المتبعة في تقدير قيم اسعار اللاعبين وطرق المفاضلة قبل الانتقالات المتبع حاليا في معظم الدوريات العالمية الغائبة عن دورينا .
غياب المجسات الفنية
لشديد الأسف - لا تتوفر في الدوري العراقي والأندية المحلية أي معايير فنية عالمية حديثة تتعمد على الإحصاء والتحليل الكمي في تقييم جودة اللاعب ومسيرته لأن تلك المجسات التقنية هي التي تحدد تأثير اللاعب في ناديه السابق وتأثيره عند الزج به في مباراة كاملة على ان تتم مقارنة نتائجها مع النتيجة التي تحققت في حال عدم مشاركته مع التركيز على إمكانيات بديله، بالإضافة إلى فكر المدرب الخططي واساليب لعبه وطرق توظيفه المختلفة، كما توضح القوة الشرائية للنادي بالمقارنة مع أقرانه وعدم تعظيم مبالغ العقد إن كان لا يستحق ذلك وعليه نقول ان جميع صفقات دورينا اجتهادية ولا تخضع لأي معيار فني او مالي بقدر رغبة المدرب الفلاني بضم هذا اللاعب او ذاك من قبل رؤساء الأندية فضلا عن تكليف بعض روابط المشجعين في تقريب وجهات النظر وترغيب اللاعب من اجل التوقيع علاوة على رفع سعره من دون العودة الى أي مفاضلة واقعية.
أهمية اللاعب ومعدله العمري
باعتراف المدربين والمحللين والإعلاميين بانه لا يوجد لاعب عراقي واحد في الموسم الماضي كان مستواه الفني ثابتا بل اجمع المتخصصون على عدم مشاهدتهم لأي لاعب سوبر او مميز يستحق المبالغ الكبيرة التي دفعت له خلال الايام الماضية واللافت هنا ان البعض من إدارات الأندية تجاهل تلك الآراء ولا تستطيع هي بنفسها او كما تدعي لجنتها الفنية الخاضعة لإرادة رئيس النادي او روابط المشجعين حتى في تقدير أهمية اللاعب في الفريق سواء كان اللاعب أساسيا ويشكل الثقل الأكبر بحيث لا يمكن الاستغناء عنه في جميع المواجهات، أو إذا كان لاعبا ذا قيمة لكنه يشترك فقط لتأدية بعض الأدوار الخططية او لاعباً يؤدي أدوارا متعددة في بعض اللقاءات المعينة او انه احتياطي في أكثر أوقات الدوري وفي ضوء كل حالة يتم منحه نقاطا تبدأ من اعلى الى أسفل تماشيا مع قيمته وحاجاته، المهم خطفه من ناديه السابق ورفع قيمته التسويقية بخلاف ما هو معمول به في الدوريات الاوروبية التي تركز كثيرا على قيمة المعدل العمري ويتم تقسيمه الى خمس مراحل : الاولى تبدأ من ( 16 - 20)عاما تسمى بالقيمة الاستثمارية وتعطى تقييمات عالية لاسيما من الأندية العالمية التي لديها اكاديميات كروية وأسلوب لعب محدد وفلسفة خاصة في صقل المواهب والمرحلة الثانية (21 – 25) عاماً تسمى المرحلة الذهبية وهي شريحة مطلوبة من قبل الجميع وقد تشهد صفقات خيالية لاسيما اذا كان هذا اللاعب يمثل ظاهرة او مشروع نجم او يشكل إضافة مؤثرة في الفريق، اما المرحلة الثالثة ( 26 - 30) عاما تسمى بالمرحلة الخططية الفنية ويتم التركيز على الأدوار الخططية والفوارق الفنية والقدرات العقلية التي يصنعها اللاعب مع الأندية التي مثلها.
المحترفون الأجانب عبر اليوتيوب
تعتمد معظم الأندية الجماهيرية العراقية في تقييم مستوى اللاعب الاوروبي او الافريقي على اليوتيوب او على سيرته الذاتية الناجحة ولان الهيئات الإدارية تنطلق من مفاهيم إدارية لا فنية في التصنيف قد تتجاهل حقيقة ان هذا المحترف الذي كان مميزا في ناديه ودوريه السابق ليس شرطا ان ينجح ويتألق في البيئة العراقية لاختلاف الأدوار وأساليب اللعب ما بين المدرب فالمقاطع المعروضة ليست مقياسا او معيارا تفاضليا قطعيا، لكنها تجد في اليوتيوب سهولة كبيرة في التقييم بخلاف الدول الخليجية التي اخذت من الأندية العالمية مسالة تقييم المحترفين عن طريق تصنيف قوة الدوري الذي كان يلعب به المحترف في الملاعب الاوروبية التي تعد الأقوى ومن ثم تأتي بعدها دوريات اميركا اللاتينية بعد العودة الى مجموع العوائد المالية والارباح الصافية التي يحصل عليها كل ناد في دوريه ومن ثم تقييم الوضع المادي للفريق ووزنه في الخارطة القارية علاوة على قدرة اللاعب على التكيف فنياً واجتماعياً وسيكولوجياً وبدنياً وصحياً قبل تقييم عقد الصفقة لأن الكثير من هؤلاء أخفق في التأقلم مع تلك الدوريات
العالمية.