يجتهدُ معظم الأمهات في تربية أبنائهن على الأخلاق القويمة منذ نعومة أظفارهم، فتعلمه الأم كيف يتكلم، وكيف يتعامل مع الآخرين، وكيف يحافظ على نظافة الشارع، وكيف يعبر عن مشاعره بصورة مهذبة. وبمرور السنوات تتفاجأ الأمهات بسلوكيات صادمة من الأطفال، كأنْ يكذب الطفل أو يستعمل ألفاظًا غير لائقة أو يسرق.
والسرقة عمومًا تتضمن فكرة أخذ الأشياء التي يرغب فيها الطفل خلسة، وفي بعض الأحيان حتى دون الطلب المباشر أو تلقي الرفض على طلبه أو ما شابه، فما هو مفهوم السرقة عند الأطفال؟ وهل يُدرك أنَّ ما أخذه سرقة فعلًا؟ ومتى تكون هناك علامات خطورة في حالات السرقة عند الأطفال؟
فترة الحضانة
قد يبدو الأمر بسيطًا، حين تمرّين مثلًا بجوار مخبز فيمد يده ليأخذ رغيف خبز من دون أن تشعري به، أو يأخذ حلوى من السوبر ماركت من دون أنْ يستأذن ومن دون أنْ تريه أنت أو أحد العاملين في المتجر. وفي فترة الحضانة سيعودُ لك بقطعة حلوى داخل حقيبته أو في جيبه، وربما يصل الأمر لفتح حقيبتك وأخذ بعض النقود أو حتى أحد متعلقاتك الشخصية. إن كنا نتحدث عن الصغار دون سن السابعة، فإنَّ الأمر غالبًا لن يتعدى أكثر من هذه الأشياء، فهل تسكتين على مثل هذا السلوك أم تعاقبين الطفل أم تقومينه.
أوامر وتوجيهات
لا يُعد هذا السلوك سرقة بمفهومها لدى الكبار، لكن عليك التعرف أولًا على سبب هذا السلوك. ففي السن الصغيرة دون السابعة لا يدرك الطفل أصلًا مفهوم الملكيَّة، ولا يستطيع تقدير ضرورة احترام ملكية الآخرين. أما في العمر الأكبر في سن المرحلة الابتدائية والإعدادية، فإنَّ الطفل يخضع تحت الكثير والكثير من الأوامر والتوجيهات سواءً في المدرسة أو البيت، ويتصرف في كثيرٍ من الأحيان لإشباع رغباته دون النظر إلى العواقب. كما أن هناك أيضًا بعض الممارسات من الآباء التي قد تدفع الأبناء لمثل هذا السلوك، مثل: عدم احترام رغبات الطفل عند الشراء. تجاهل طلبات الطفل أو رفضها من دون تبرير واضح ومقنع. عدم تعويد الطفل على أدب الاستئذان قبل أخذ الأشياء. محاولة الطفل للفت انتباه الآباء، فالنقص العاطفي لدى الأطفال يدفعهم لسلوكيات غير مقبولة أحيانًا. الإصابة بالسرقة المرضية، وهي حالات قليلة، ولكنها موجودة، وتحتاج لاستشارة طبيب نفسي وتقويم سلوك الطفل بعد التشخيص الصحيح.
إصلاح السلوك
يعدُّ استمرار الطفل في أخذ الأشياء بعد توجيهه وتوعيته ونصحه، وأحيانًا عقابه، دليلًا على وجود خلل حقيقي في سلوكيات الطفل، ويمكن أنْ يتم تشخيص الطفل بالسرقة المرضية أو ببعض الانحرافات السلوكيَّة كنتيجة لظروفٍ عائليةٍ مثلًا، وهذه الحالات تحتاج إلى استشارة متخصص، وأحيانًا لعلاج نفسي وسلوكي للطفل.
بالتأكيد كل الأمور قابلة للإصلاح إذا ما انتبهت لسلوك الطفل مبكرًا، وفي سبيل إصلاح هذا السلوك، عليكِ باتباع النصائح التالية: لا تقولي له أبدًا إنه سارق أو لص، فهذا اتهامٌ باطلٌ بالفعل. تحدثي مع الطفل بهدوء، واجعليه يخبرك بسبب أخذ اللعبة من الحضانة مثلًا. تأكدي من إعادة الأغراض المسروقة. تأكدي من تعريف طفلك بعواقب السرقة عليه وعلى صاحب الأغراض. تحدثي مع الطفل كثيرًا عن الأمانة، فتثبيت المبدأ في عقله سيساعده كثيرًا على مراقبة سلوكه بنفسه. راجعي نفسك إنْ كنت مقصرة في تلبية طلبات الطفل. اشرحي له فكرة الشراء، وأنه لا بد أن ندفع المال مقابل الحلوى التي نأخذها من السوبر ماركت، وخذيه معكِ واجعليه يشتري الحلوى بنفسه ويدفع المال للبائع. اشرحي له أهمية الاستئذان قبل أخذ الأشياء من أصحابها، واحترام رفضهم. ادعميه نفسيًّا وشجعيه ليخبرك بما يفعل ولا يخاف منك.
وعند علاج السرقة عند الأطفال لا تعامليه كأنه لصٌ ولا تشككي دومًا في سلوكه. لا تتعاملي معه بعصبية وعنف ولا تسبيه أو تسخري منه، أخبري نفسك على الدوام بأنه يجب ألا تغضبي، فالأطفال يقومون بسلوكيات خاطئة دومًا، ودورك هو تصويب سلوكهم. لا تأخذي أشياء طفلك من دون استئذان سواء أنتِ أو إخوته، فهذه رسالة تعني أن الاستئذان غير مهم. لا تعاقبيه إنْ تعامل معك بصدق، فهذا قد يؤدي به في المرة القادمة إلى الكذب. لا تتكلمي عن الأمر مع الآخرين أمام الطفل أبدًا، اجعليه سركما الصغير.