«مطابع شبكة الإعلام».. الأولى في إنجاز المناهج الدراسية

العراق 2019/08/06
...

بغداد / هدى العزاوي /تصوير/ علي الغرباوي
 
مزق صوت تشغيل مكائن المطبعة العملاقة أرجاء بناء مديرية المطابع التابعة لشبكة الإعلام العراقي، وارتجفت قلوب العاملين وهم يحصون الدقائق المتعاقبة والساعة في أيديهم لمعرفة كم من الوقت يلزم لانجاز مطبوعات وزارة التربية وفق المعايير، وهم مندفعون برغبتهم لإنهاء ما يقارب (63) مليون ملزمة تمثل 22 عنواناً من المناهج الدراسية لجميع المراحل خلال مدة محددة أقصاها (60) يوماً، وأكد المسؤولون في الشبكة ان مطابعها هي الأولى بكل فخر في إنجاز المناهج وفق التوقيتات المتفق عليها؛ بل قبل تلك التوقيتات.
وأشاد رئيس شبكة الإعلام العراقي فضل فرج الله، بما حققته مديرية المطابع من إنجاز خلال الفترة الماضية خاصة بما يتعلق بالتعاقد مع وزارة التربية، لتكون أول مطبعة تسلم مجموعة كبيرة من الكتب المدرسية المتفق عليها الى وزارة التربية، مؤكداً أن "مطابع الشبكة من أهم المطابع على مستوى العراق وذلك من ناحية الخطوط الانتاجية وسرعتها التي لا تضاهيها أي مطبعة أخرى".

 ولفت فرج الله الى أن "القوة الانتاجية التي تتمتع بها مطابع الشبكة لا تقتصر على صحيفة أو مجلة فقط؛ وهذا ما وضعنا أمام تحدٍ للحصول على أكبر قدر ممكن من المطبوعات من أجل تشغيل هذه المطابع العملاقة المقسمة (مطبعة الرول ستة أبراج) و(مطابع الشيت 4) التي تتمتع بقدرة متميزة والحصول على مردود مالي لتطوير عمل الشبكة بمرافقها المختلفة"، مبيناً، انه "في هذا العام استطاعت الشبكة الحصول على عقود طباعية كبيرة جداً مقارنة بالسنوات الماضية ورفع اسم مطابع شبكة الاعلام العراقي في هذا المجال".
وأكد رئيس شبكة الإعلام العراقي، "اننا سننجز ما علينا من تعاقد مع وزارة التربية وقبل المدة المحددة بكثير، فإلى الآن سلمنا وزارة التربية مجموعة كبيرة من الكتب -كما ذكرت آنفاً- والتي تم التعاقد عليها خلال فترة زمنية قصيرة"، منوهاً بأن "مطابع الشبكة على استعداد كامل لطبع كل ما تحتاجه الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة من كتب وإصدارات مهما كانت نوعيتها، وبجودة عالية جداً".
 
جهود كبيرة
من جانبه، بين مدير مديرية المطابع في الشبكة محمود جاسب خضير، ان "وزارة التربية أحالت على مطابع الشبكة ودار الكفيل التابعة للعتبة العباسية عشرة جداول؛ أي ما يقارب 22 عنواناً ما بين المراحل (الابتدائي، المتوسط، والاعدادي)".
وبينما يسرع العاملون من مختلف الأعمار لاستقبال عدد الطبعات الخاصة بالكتب، وتبويب مجموعة من الرزم لتجهيزها، يضيف خضير، وعيناه تراقبان سير العمل: "بدأ العمل بطبع المطبوعات ذات الكميات الكبيرة على (مكائن طبع الرول) وتوزيع المجموعة الصغيرة على (مكائن الشيت) وفق جداول ووجبات طباعية"، لافتاً الى أن "المنجز من الكتاب الأول الذي تبلغ كميته ما يقارب مليونا وثلاثمئة وسبعين ألفاً هو 70 بالمئة جاهز للشحن، أما الكتب الاخرى التي تبلغ كميتها من 200 الى 300 ألف فالمنجز منها ما يقارب 3 كتب، كما ان الكتب الصغيرة أيضا منجزة".
وفي وسط غمرة حركة لا تفتر للعاملين؛ يتابع مدير مديرية المطابع محمود جاسب خضير سير العمل، ويقول بابتسامة ثقة تعلو وجهه: إن "أول ثمرة جهد تم تسليمها الى مخازن وزارة التربية وتم إعداد شحنة أخرى لغرض تسليمها، ونحن على ثقة كاملة - إن لم تواجهنا أي ظروف خارجة عن الإرادة - سنكمل ما نطمح اليه خلال المدة المحددة".
وعن أبرز الكتب التي تم إنجازها، يضيف خضير: "كتب القراءة للصف الاول الابتدائي التي وصل إنجازها الى نحو 750 ألف كتاب جاهز للشحن، فضلاً عن إنجاز كتاب الأحياء والكيمياء والفلسفة وكتاب الجغرافية للصف الخامس الأدبي في مرحلة الطباعة وكذلك كتاب الحاسوب في مرحلة الإنجاز".
 
تطوير حيوي
مدير التحضير الطباعي حيدر علي مجيد، يؤكد في حديثه، ان "رئاسة شبكة الإعلام عملت على تطوير جانب المطابع كمديرية مهمة وحيوية من مديرياتها، وهذا ما تم فعلاً، حيث تم التعاقد مع أفضل الشركات الألمانية في مجال صناعة المكائن الطباعية".
ويوضح مجيد، انه جرى تعزيز مديرية المطابع بخطوط إنتاجية عملاقة ومتطورة وهي: 
اولا: ماكنات طبع الرول web machin
حيث تم تعزيز المطبعة بماكنتين الاولى مكونة من ستة أبراج والثانية من برجين، حيث تعتبر هذه المكائن من أسرع الماكنات الطباعية في العالم ويصل معدل انتاجها الى 100 ألف ملزمة في الساعة الواحدة بواقع 32 صفحة ملونة بالكامل وبدقة طباعية تصل الى 2400 pdi كمعدل إنتاج للبرج الواحد، كما يمكن تشغيل وتوليف الأبراج الطباعية للعمل معاً وبنفس الوقت للحصول على إنتاج أعلى من حيث الكمية وبوقت أقل.
وجرى تعزيز مكائن الرول بوحدة التجفيف للحراري الذي يتيح للماكنة الطباعة على الورق (الارت) أي الورق المصقول الناعم واللماع، ومن أهم ما يميز مكائن الرول احتواؤها على منظومة كاميرات متحسسة للألوان مثبتة داخل المكائن تعمل على ضبط مسار الورق ومعايرة الالوان بشكل الكتروني مما يحقق هذا الأمر نسبة مطابقة التصميم مع المطبوع الورقي بشكل عال جداً.
كما تم تعزيز المكائن بأنظمة حمل الورق والتغذية الورقية بشكل اوتوماتيكي، حيث تتم تغذية الورق الرول أثناء الطباعة بشكل مستمر دون توقف الماكنة، وهذا الأمر يغني عن التوقف من أجل تبديل الرول الذي قد يستغرق ساعات في المطابع الأخرى، كما ان وحدات العد والرزم تعمل مع الماكنة بشكل اوتوماتيكي ودقيق.
ثانياً: خطوط الطباعة شيت فيد sheefed 
لقد تم تعزيز المديرية بأربع مكائن طباعية نوع koenig and bauer  شيت فيد ذات الصناعة الألمانية وتعمل بنظام الأربعة والخمسة ألوان مع منظومات التجفيف الحراري مع إمكانية استخدام الأحبار السرية والخاصة كالذهبي والفضي والميتاليك والبرونزي، وتصل سرعة الماكنة الواحدة إلى 16 ألف ورقة بالساعة قياس 70×100 سم، وتم تعزيز هذه المكائن بأجهزة مراقبة دقة المطبوع التي تقوم بعمل مسح ضوئي (scan) للمطبوع كل 3 دقائق ومن ثم معايرة الأحبار بشكل الكتروني ودقيق، وتعتبر هذه المكائن من أكبر المكائن دقة في العالم، حيث تصل دقة المطبوع فيها الى 4000dpi ، وتختلف هذه المكائن عن مكائن الرول بإمكانية الطباعة على مختلف أوزان الورق ابتداءً من 40 - 700 غرام وبمختلف المقاسات والأنواع كالورق الارت والورق الهندسي والارت مات والورق البلاستيكي.. الخ.ويبين مدير التحضير الطباعي حيدر علي مجيد، ان "مطابع الشبكة تسهم برفد الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية والاهلية والاعلامية والجامعات بمختلف المطبوعات، منها أوراق المخاطبات والفواتير والدفاتر الامتحانية والصحف، إضافة الى رفد الشبكة بمطبوعاتها الخاصة كجريدة (الصباح) ومجلة (بين نهرين) ومجلة (الشبكة) والمطبوعات الأخرى، كما تم التعاقد والائتلاف مع دار الكفيل للطباعة والنشر التابعة للعتبة العباسية المقدسة مؤخراً على طباعة ثلاثة وستين مليون ملزمة بواقع 23 عنوان كتاب دراسي، حيث تمت المباشرة بالعمل فعلاً وفق مخطط زمني مدروس ومعد مسبقاً، وتم التركيز على إخراج المطبوعات بالشكل الذي يليق بحجم وقدرة مطابع الشبكة".
 
سقف زمني
في احد الممرات المؤدية الى ماكنة الرول يقف مسؤول شعبة الرول حيدر سعدون، وعلى جبينه تلتمع قطرات من العرق، وهو يراقب عملية طبع العناوين الخاصة بوزارة التربية ويقول: "منذ إحالة المطبوعات لمطبعتنا بشراكة مطابع دار الكفيل تضافرت جهود جميع العاملين للعمل على مدار 21 ساعة، وذلك لإنجاز التعاقد بحسب السقف الزمني المحدد من قبل الوزارة، لذا اعتمدنا على تقسيم العمال على نظام (الشفت) الذي يبدأ من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساءً، ليتخذ الشفت الآخر مسيرته بشكل عكسي منذ الثامنة مساءً وحتى ساعات الصباح الباكر، ليكون هناك شفت ثالث مرتبط بين الاثنين يبدأ من الرابعة حتى الحادية عشرة مساءً". 
ويشير سعدون الى العامل عمر حميد الذي يقف على مقربة من الرول لغرض تجهيزها للطباعة قائلا: "المرحلة الأساسية تبدأ من (حميد) الذي يقوم بتجهيز الرولة للطباعة ومن ثم تتسلسل المراحل الأخرى لإظهار المطبوع وفق المعايير التي فرضتها وزارة التربية"، مبيناً انه "يمكن لماكنة الرول تحديد سرعة انجازها بشكل مضاعف، ودور العاملين يكون من خلال متابعة المطبوع وعزل التالف منه إن وجد الذي لا يشغل حتى نسبة 1 بالمئة".
 
نجاح المشروع
وللمرأة دور في نجاح عمل المطبعة، وهذا ما لاحظته "الصباح" خلال جولتها الميدانية داخل مديرية المطابع، وقد بدا على ملامح الكثير منهن التعب والارهاق وبينما كانت ضمياء خليل "مساعد الطباع" منشغلة في عملها قالت بصوت منهمك: "كل العاملين دون أي استثناء على قدر من المسؤولية لإنجاح هذا المشروع، ولا فرق بين الرجل والمرأة إذا كان الأمر متعلقا بنجاح المؤسسة".   
وعن عمل قسم فرز الألوان يقول مازن حميد كاظم :إن "القسم يقوم بمعالجة الألوان ومن ثم فصلها للطباعة، فضلاً عن تسلم التصاميم الخاصة من قسم التصميم لإنتاجها على الماكنة ومن ثم طبعها على (بليت)، والانتقال الى استكمال المراحل الأخرى".
 
مواصفات ومنجزات 
"عمل مديرية المطابع لم يقتصر على مكائن الرول فقط"، وهذا ما أكده مسؤول قسم ماكنة الشيت حيدر حسن، ويوضح "كانت هذه الماكنة هي المرحلة الاخيرة من مشاريع الشبكة لتطوير الجانب الطباعي، فهذه الماكنة تطبع الورقة الواحدة (بقياس 100× 70 سم) أو (90× 60 سم)، لذا تم خلال 3 أيام طباعة ملزمة قراءتي للصف الاول الابتدائي"، لافتاً الى "تمتع هذه الماكنة بالدقة المتناهية في عملية الطبع، والحمد لله لم تواجهنا أي معوقات خلال العمل، وإن وجدت فهي خارجة عن إرادتنا ويتم تلافيها باللحظة وذلك بسبب الحرص على مطابقة الصورة للكتاب ومن ثم إحالتها للإنتاج للتأكيد على مطابقتها للألوان".
ويؤكد حسن، ان "الكتاب ليكون جاهزاً يمر بعدة مراحل، هي الطباعة والإنتاج والفرز والتكسير والتصحيف، وكل ما يتعلق بمقتضيات الإنجاز النهائي للشحن دون ترك أي معوقات تقلل من قيمة منجزاتنا سواء كانت من ناحية التسلسل أو الألوان وغيرها من معايير الجودة"، مشيراً إلى محطة تجميع الكتب بحسب التسلسل قائلا: "نهتم بجميع التفاصيل، فالنوعية قبل الكمية، فهناك لجان من قبل وزارة التربية لمتابعة الكتب للتأكد من مطابقتها للمواصفات قبل تمريرها".
 
ملازم وتسلسل
ويقول صفاء جواد من "قسم التصحيف" :إن "أغلب العاملين بهذا القسم يشرعون بعد الملازم التي يحتويها كل كتاب وبحسب التسلسل الى أن تصل الى مرحلة الصمغ والقص ليكون بعدها الكتاب جاهزا".
وعلى مقربة من (جواد) يقف مشغل معمل الصمغ (رسول محمد) وهو منهمك بفرز الصمغ بنوعيه البارد والحار، ليشاركنا الحديث عن عمله، قائلا: إن "نمط العمل بالماكنة يكون من خلال تجميع ما يحتويه الكتاب من ملازم ومن ثم لصق كل منها لتبدأ مرحلة الغلاف والتجهيز النهائي".
وفي ختام جولة "الصباح" الميدانية في المطابع، يؤكد مدير مديرية المطابع التابعة لشبكة الاعلام محمود جاسب خضير، أنه "بتضافر الجهود ينجح أصعب مشروع، لذا أدعو من خلالكم الجهات ذات العلاقة الى تثمين جهود جميع العاملين الذين وصل بهم الحال للمبيت لتحقيق طموح وزارة التربية بمنجزاتنا وبالسقف الزمني المحدد".