تفعيل الادعاء العام

العراق 2019/08/19
...

سلام مكي
جهاز الادعاء العام، من أخطر مكونات السلطة القضائية، بل هو أهم جهاز حكومي في الدولة، نظراً لما يتمتع به من صلاحيات واسعة، وسلطات لا تملكها أية سلطة أخرى. فلو طبق الادعاء العام نص المادة 2 التي تنص على ان الادعاء العام يهدف الى حماية نظام الدولة وأمنها والحرص على المصالح العليا للشعب ودعم النظام الديمقراطي وغيرها العديد من الاهداف والصلاحيات التي يتمتع بها الادعاء العام، والتي يمكن من خلالها حل الكثير من المشاكل والاخفاقات التي تعاني منها الدولة خصوصاً الجهاز الاداري للدولة، لكن بسبب تعطيل هذا القانون، واللجوء الى خيارات غير مجدية، تغلب عليها الجنبة السياسية، والنهاية لا يتحقق الهدف من وجود تلك
 الخيارات. 
ان اتخاذ أي إجراء من قبل الادعاء العام في شتى المجالات، خصوصاً تلك التي تتعلق بأمن ونظام الدولة، وبالتحديد في قضايا الفساد والارهاب، سوف يجد سنداً قانونياً، في المادة 2 اعلاه. 
حيث ان أي إجراء يمكن أن يندرج تحت خانة حماية نظام الدولة وحماية مصالح الشعب. فهذه الصلاحيات، غير مقيدة ولا مشروطة، ويمكن سلوكها دون قيد أو شرط. أما لو عدنا الى التفصيلات والصلاحيات المقننة والمحددة وفق سياقات معينة، كتلك التي تنص على التحقيق في جرائم الفساد المالي والاداري وجميع الجرائم المتعلقة بواجبات الوظيفة. 
وكذلك النص على استحداث دائرة رئاسة الادعاء العام وقضايا المال العام، في دوائر الدولة.. الفقرتان الأخيرتان، لا وجود لهما على أرض الواقع رغم مرور أكثر من عامين على تشريع قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 فلم يتم لغاية الآن، استحداث مكاتب للادعاء العام في دوائر الدولة، تتولى الرقابة على اعمال الادارة، ولم يتم منح الادعاء العام الحق في ممارسة دوره الطبيعي في مكافحة الفساد، عبر اجراء التحقيق في جرائم الفساد المالي والاداري، لصالح جهات رقابية أخرى، لا تنص قوانينها على اجراء التحقيق الاصولي اللازم للإحالة أو الغلق بحق الموظف المحال على
 التحقيق. 
وبالتالي فإن بقاء أهم فقرات قانون الادعاء العام دون تفعيل، والاكتفاء بجعلها حبيسة الورق دون ان يسمح لها بالتحرر والانطلاق نحو التطبيق واطلاق يد الادعاء العام للتحقيق والرقابة
 والتفتيش. 
ان الادعاء العام، هو صاحب الاختصاص الأصيل في مكافحة الفساد والتحقيق واتخاذ جميع الاجراءات القانونية والادارية في مكافحة الفساد، وهو اسبق وجوداً من بقية الجهات الرقابية، لكن ثمة توجهاً خفياً لتهميش هذا الجهاز، كونه يتبع السلطة القضائية التي يصعب اختراقها وتجييرها لصالح الجهات
 السياسية. 
كما ان حصر مهمة مكافحة الفساد بالسلطة القضائية، كأن يتولى الادعاء العام متابعة قضايا الفساد في مرحلة التحقيق وتتولى محاكم الجنايات أو الجنح تلك القضايا فيما بعد، دون المرور بأي أجهزة أخرى، هو أمر ليس فيه مصلحة للكثير من
 الجهات.