وسط حركة المتبضعين والبسطات، تكاد لا ترى واجهة أقدم مكتبة في محافظة ديالى تقع في مدينة بعقوبة، ويعود تاريخ تأسيس هذه المكتبة الى العام 1944، وعند دخولك إليها تلفح رائحة الكتب القديمة بأغلفتها السميكة أنفك، وتعيدك لمذاق وملمس الكتب الورقية، وعبقها قبل الثورة التكنولوجية، وغزو الكتاب الالكتروني.
يقول مهند حسن اقدم روادها: "لسنوات وانا اتردد عليها لعمل البحوث، واستعارة الكتب التي احتاجها في اثناء دراستي الجامعية، وهي ارث ثقافي، لكنها تعاني من الإهمال، واتمنى عودتها كما كانت ممتلئة بحركة القراء". تتكون بناية المكتبة من ثلاث قاعات كبيرة وثلاث غرف، وتبلغ مساحتها 250 م ، وتعد المكتبة الأم في المحافظة، ولها سبع مكتبات فرعية في الاقضية والنواحي، وقديماً كانت تشغل بناية مستأجرة في منطقة السراي بالقرب من نادي المعلمين، وفي عام 1959 انشئت بنايتها الحالية، التي تقع بالقرب من جامع الفاروق.
تتحدث سارة العزاوي احدى روادها: "الاقبال على المكتبة قليل جداً وشبه منعدم، وهي بحاجة الى ترتيب واهتمام ومواكبة التقدم، بالإضافة الى وجودها وسط حركة السوق ما أثر في حيويتها ومجمل نشاطها"
يذكر أن المكتبة تحتوي على 22 الف كتاب في مختلف الاختصاصات، وتعود الى فترة الخمسينيات والستينيات، وتضم أيضا مئات من الرسائل الجامعية، وفيها غرفة لصيانة الكتب التالفة، وإعادة تأهيلها للحفاظ عليها، ويجمع المكان أغلب مثقفي المدينة من طلاب جامعيين ومحبين للعلم والثقافة للتزود بالمعرفة، وإدارة النقاش حول الموضوعات المختلفة.
ومن محتويات المكتبة كتاب لسان العرب لابن منظور، وهو عبارة عن معجم لغوي، ويشتمل على مجموعة كبيرة من الشواهد الصحيحة التي استقاها المؤلف من القرآن الكريم والحديث النبوي، ويرمي منه الاستقصاء والترتيب، وأيضا كتاب علم المعاجم، وهو ذلك الجزء من علم اللسانيات الذي يهتم بدراسة الكلمات، وطبيعتها ومعناها وعناصر الكلمات ودراسة كل معجم للغة من اللغات. فيما ابدى باسم محمد اقدم رواد المكتبة استغرابه من التغير الذي طرأ عليها قائلا:
" فوجئت بالبسطات ومحال البائعين تغطي المكان المؤدي لها وقلة روادها، وفضل بعضهم ايجاد المعلومات التي يحتاجها من على الانترنت، في وقت يبقى للمكتبة والكتاب طعم
خاص".