العجوز الايطالي أريغو ساكي.. مدرب عظيم لا يشق له غبار أو يسبقه أحد في علمه الخططي و منهجيته الناجحة في التدريب، واشتهر بنظرية» الاولوية للعمل الجماعي على حسب موهبة الفرد» وجاء بنظرية خالف بها الجميع مفادها أن «قيمة التدريب في فهم التكتيك على حساب فعالية المركز « بالإضافة الى تألقه بطريقة للعب الدفاع المتراص في زون لا يتجاوز 30 م والانتقال السريع التي حصدت له الألقاب مع نادي اي سي ميلانو قبل عقود، ساكي الذي كان اشهر بائع احذية قبل التوجه الى كرة القدم لخص بحنكته المعهودة.
تساؤلات الشارع الرياضي العراقي الذي بات عاجزاً خلال هذه الأيام عن تفسير معنى «الأخطاء الفنية» وطريقة التعامل معها التي تحدث في مواجهات دوري الكرة او مع المنتخبات الوطنية وعما إذا كانت تلك الهفوات التي تحدث خلال المباريات هي أخطاء فنية فردية تتعلق بتكنيك اللاعب او جماعية تتعلق بالنهج الخططي وبنظام اللعب المطبق في تلك المباراة او حتى طريقة اللعب التي تؤمن بتوظيف اللاعبين بالشكل الامثل وبالتالي ستقع مسؤوليتها على عاتق المدربين.
يجيب ساكي (73) عاماً عن تلك التساؤلات ببساطة شديدة: « إذ كانت تلك الهفوات تحدث خلال الوحدات التدريبية والمباريات معاً فانها مشاكل فنية (فردية) تخص اللاعب وتتطلب منا تخصيص بعض الوقت لتطوير تكنيك اللاعبين والتنويع في التدريبات وتحديد المشكلة، اما إذا حصلت الأخطاء خلال المباريات فقط فمعنى ذلك ان هذه المشاكل تتعلق بالأداء التكتيكي او بالشق الخططي وطريقة التوظيف وظرف المواجهة والتركيز الذهني أحيانا وعلاجها أسهل بكثير من الحالة الاولى.
ويمضي ساكي قائلاً: « هناك خمسة أخطاء فنية شائعة واجهتني خلال مسيرتي التدريبية تتعلق «بـ:
- فشل اللاعب في الضغط على حامل الكرة في الفريق المنافس.
- الاخفاق في ابعاد الكرة من المناطق الخطرة (6) و(18) ياردة.
- التعامل مع الكرات الثابتة بجميع أنواعها.
- الدقة في الابعاد وقطع مسار الكرة وقيادة المنافس الى المناطق الصعبة.
- أخطاء حراس المرمى الشائعة.
ويرى ان « معظم المدربين لا يعطون أولوية قصوى في طرق المعالجة الميدانية خلال الوحدات التدريبية وان البعض منهم يستعجل النتائج او يفكر مباشرة في إبعاد اللاعب عن التشكيل الرئيس في حين ان التصحيح يتطلب المزيد من الوقت مع التكرار والتجريب ولا يوجد في قاموسه الاقصاء الفوري «.
ويردف قائلا: « منهجيتي في معالجة الأخطاء كانت تعتمد على الخطوات التالية:
- تحديد المشكلة الفنية: في هذه الحالة اعتمد على رؤيتي الخاصة في تحديد الهفوة والتخيل الذهني لحلها وتحديد نوع وأسلوب المعالجة وأحيانا ً استمع الى آراء المساعدين.
- مراقبة اللاعبين مباشرة: بواسطة المشاهدة المتكررة وجمع الأدلة عن طريق البيانات والاحصائيات واللقطات المصورة بواسطة مدربي التحليل والاداء مع ضرورة اقناع اللاعب بأن لديه مشكلة تقنية زائلة في طريقها للحل ودائما اسعى الى تحفيزه وبناء الثقة في داخله.
- البحث عن الايجابيات: دائما كنت أبحث عن الاحصائيات الايجابية والمواقف الصحيحة التي تصرف بها اللاعب خلال اللقاء او التمرين لتكون مدخلاً للحديث عن هفواته وتعامله السلبي مع حالات اللعب واحيانا اساعده في تفسير الأخطاء ان خانه التعبير.
- إيجاد الحلول: قبل ان أوجه النقد للاعب وتوضيح السبب، اي يجب عليّ ان أفكر بالحل النظري أولاً ومن ثم بالتمرين العملي والتفكير بالذي سوف أقوله لاحقاً للاعب لمساعدته في التغلب على المشكلة لا ان اكتفي بالنقد والاسهاب بالشرح وإظهار ايماءات الغضب وعدم الرضا.
- المعالجات الميدانية في التدريب: بعد شرح المشكلة واستيعاب اللاعب لها، نبدأ بالمعالجة خلال تمارين اللعب او التمارين المصغرة او حتى التمارين الفردية وامنحه حرية الابتكار او الاجتهاد الذاتي في التصرف مع الكرة.
- دعم اللاعب وتشجيعه: وذلك عبر تحفيزه وأخذ رأي زملائه وقد اطلب منهم تشجيعه خلال التطبيق وابلاغه بأن التصحيح قد لا يأتي بالسرعة المطلوبة لكن عليه المحاولة والتكرار والتقييد بالتعليمات والتوجيهات.
أتمنى ان يطبق السواد الأعظم من المدربين تلك النصائح كونها تجمع بين الأسلوب العلمي الصحيح في التدريب والنهج التربوي والنفسي في تطوير قدرات اللاعب الذهنية والمعنوية بصفته قيمة كبيرة ضمن صفوف التشكيل وليس تكملة عدد، في المقابل يجب ان تثق الجماهير بقدرات المدربين في الحل والتطوير لأنهم الأقرب الى اللاعبين والأكثر فهماً ومعرفة لخصائصهم التقنية.