أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط امس الأربعاء عن قلقه حيال الهجوم التركي باتجاه العمق السوري، وبينما وصف وزير خارجية روسيا الموقف الأميركي حيال هذه الازمة بالمتناقض للغاية، دعا الرئيس الايراني الكرد للسماح للجيش السوري بالدخول الى مناطقهم واخراج القوات الاميركية منها.
الجامعة العربية
وأكد مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن هذه العملية من جانب أنقرة تمثل انتهاكا صريحا للسيادة السورية، وتهدد وحدة ترابها، وستفتح الباب أمام المزيد من التدهور في الموقف الأمني والإنساني، مضيفا أن التوغل التركي في الأراضي السورية يهدد بإشعال المزيد من الصراعات في شرق سوريا وشمالها، وقد يسمح باستعادة داعش لبعض قوتها، وان المطلوب الآن هو إعطاء دفعة للعملية السياسية في سوريا بعد تشكيل اللجنة الدستورية، وليس الانخراط في مزيد من التصعيد العسكري.
وأضاف المصدر أن المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية كان قد أكد في اجتماعه الأخير الشهر الماضي على إدانة التدخلات الخارجية في عموم سوريا، مطالبا الجانب التركي بسحب قواته من الأراضي السورية كافة. كما أكد المجلس على رفض أي ترتيبات قد ترسخ لواقع جديد على الأراضي السورية بما لا ينسجم مع الاتفاقات والقوانين الدولية، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقات مع دول
الجوار.
روسيا
في الوقت نفسه.. انتقد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، موقف الولايات المتحدة تجاه سوريا، وقال في مؤتمر صحفي عقب لقائه مع وزير الخارجية الكازاخستاني مختار تليوبيردي: «من الصعب أن أقول ما الخطأ في التصرفات الأميركية في سوريا، لكنها متناقضة تماما». ونوّه لافروف بأن روسيا دعت الولايات المتحدة مرارا إلى وقف الاحتلال غير القانوني للأراضي في منطقة التنف السورية حيث أنشأت قاعدتها.
كما أشار لافروف إلى أنه خلال زيارته الأخيرة إلى كردستان العراق، ناقش تناقض التصرفات الأميركية في المنطقة، مضيفا: «إنهم [الكرد] قلقون للغاية لأن مثل هذا التعامل المتساهل مع موضوع حساس للغاية يمكن أن يثير المنطقة بأكملها، ويجب تجنب ذلك بأي ثمن». وتابع:»نحن نطرح وجهة النظر هذه على الجانب الأميركي، وآمل أن يسمعونا. لكن في الممارسة العملية، لا نرى تغييرات كبيرة في سياساتها المتضاربة غير المتسقة». وقال وزير الخارجية الروسي:» إن موقفنا ينطلق من ضرورة حل المشكلات في سوريا عبر الحوار بين السلطة المركزية في دمشق وممثلين عن الكرد، الذين هم سكان تقليديون لهذه
الأرض».
وأعربت موسكو في وقت سابق، عن أملها في أن تلتزم تركيا بوحدة الأراضي السورية. كما أكدت ضرورة تفادي أي أعمال من شأنها أن تعرقل التسوية السلمية في
سوريا.
ايران
وخلال اول تعليق للرئيس الايراني حسن روحاني بشأن العملية العسكرية شمال سوريا قال:» إن تركيا لديها كل الحق للقلق بشأن حدودها الجنوبية». ولفت الانتباه الى انه» يجب على الكرد والذين هم سوريون في الأساس الوقوف إلى جانب الجيش السوري والسماح له بالدخول إلى مناطقهم وأن يخرجوا القوات الأميركية من منطقة
تواجدهم».
كما شدد روحاني خلال تعليقه على انه» يجب تبديد مخاوف الحكومة التركية من حدودها الجنوبية والحل الوحيد هو الانسحاب الأميركي ودخول الجيش السوري الى المنطقة».
وتابع روحاني» المشكلة الأساسية في سوريا اليوم ليس شرق الفرات بل الإرهاب في إدلب ونأمل بتعاون الدول الأخرى وخاصة تركيا لكي لا نواجه مشكلة جديدة
في المنطقة».
الاتحاد الاوروبي
بدوره.. دعا رئيس الحكومة التشيكية، أندريه بابيتش، امس الأربعاء، الاتحاد الأوروبي إلى التحرك بشكل سريع لمنع الهجوم التركي على الأراضي السورية. وحذر بابيتش من تداعيات هذا الهجوم الخطير الذي سيطال الدول الأوروبية، وقال بهذا الصدد: «على أوروبا أن تكون أكثر نشاطا في هذا المجال وأن تسعى إلى حل الوضع». واعتبر بابيتش أن الأولوية يجب أن تعطى للمحادثات ولحل الأزمة في سوريا بالطريقة السلمية. في السياق نفسه، دعا وزير الخارجية التشيكي، توماش بيترجيتشيك، تركيا إلى احترام التزاماتها المتأتية من القانونين الدولي والإنساني معبرا عن خشيته من أن يؤدي إنشاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة إلى تدهور الأوضاع، مجددا دعم بلاده للحل السياسي للأزمة في سوريا. ورأى بيترجيتشيك أن تشكيل لجنة مناقشة الدستور يعطي الأمل بدفع المسار السياسي لحل الأزمة في سوريا سياسيا ودبلوماسيا بالتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي الأمر الذي سيسمح بالبدء بإعادة الإعمار والعودة الجماعية للمهجرين السوريين إلى بلادهم. وحذر بيترجيتشيك من أن حصول العدوان التركي على الأراضي السورية سيجعل الآمال المعقودة للتوصل إلى حل سياسي واستقرار الأوضاع في سوريا مهددة بشكل جدي.
تحشيدات
الى ذلك دفع ما يسمى «الجيش الوطني السوري» المعارض لدمشق والمدعوم من تركيا.. قوات كبيرة من العناصر والآليات المدرعة من مناطق سيطرته شمال سوريا إلى جبهة الحرب المواجهة لخطوط تواجد المقاتلين الكرد بمدينة منبج. وأفادت وكالة «الأناضول» التركية، بأن هذه التحركات تأتي في ظل استمرار الاستعدادات التركية لشن عملية عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في منطقة شرق الفرات. وأوضحت «الأناضول» أن «الجيش الوطني السوري» يهدف من خلال هذا الحشد إلى «تقوية خط الجبهة» ضد المسلحين الكرد، ومنع أي هجوم من قبلهم عقب انطلاق العملية العسكرية التركية.
من جانبه، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن فصائل مسلحة موالية لتركيا «تواصل حشدها وتجهيزاتها» في مناطق عمليتي «درع الفرات» و»غصن الزيتون»، اللتين نفذتهما القوات التركية شمال سوريا منذ العام 2016، وذلك «للالتحاق بالدفعات السابقة في محيط منطقة منبج، وإلى داخل الأراضي التركية عند الشريط الحدودي المقابل لمنطقة شرق الفرات». وأكد المرصد أن حشد عناصر الفصائل المسلحة يجري في إطار العملية العسكرية للقوات التركية وحلفائها في المنطقة.
استنفار مقابل
وعلى اثر هذه التحركات.. اعلنت ما يسمى (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا) في عين عيسى النفير العام مع احتمال انطلاق العملية العسكرية التركية في الساعات القليلة المقبلة وتزامنا مع تصاعد وتيرة التهديدات وتحشد الجيش التركي وحلفائه من السوريين الذين يسمّون أنفسهم بـ(الجيش الوطني السوري).
كما حمّلت في بيان اصدرته امس.. الأمم المتحدة واميركا والاتحاد الأوروبي وروسيا وجميع الدول والمؤسسات صاحبة القرار والتأثير في الشأن السوري «كامل المسؤولية الأخلاقية والوجدانية عن أي كارثة انسانية تلحق بشعبنا في شمال وشرق سوريا».