جلسة عاجلة للحكومة اللبنانية تقر ورقة الحريري الإصلاحية

الرياضة 2019/10/21
...

بيروت/ جبار عودة الخطاط
 
صحى لبنان صبيحة امس الاثنين على حالة الإضراب العام الذي شل تقريبا الحركة في العاصمة بيروت ومعظم المناطق اللبنانية على إيقاع التظاهرات الصاخبة لليوم السادس على التوالي.. الامر الذي جعل ساسة لبنان في سباق عاجل لإنجاز الورقة الإنقاذية أو الإصلاحية التي طرحها رئيس الحكومة سعد الحريري، اذ التأم مجلس الوزراء اللبناني في جلسة وصفت بالمصيرية في قصر بعبدا عقب لقاء بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة الحريري وقد صرح الرئيس عون بعد اللقاء انه يتفهم ألم المتظاهرين الذين خرجوا في مطالب مشروعة ولكن من الظلم إطلاق شعارات تتهم الجميع بالفساد.
 
إقرار الإصلاحات  
وفور انتهاء الجلسة بعد ظهر امس.. اكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري  في مؤتمر صحافي، رسميا موافقة الحكومة على حزمة الإصلاحات وعلى موازنة العام  2020، واصفا ورقة الإصلاحات بأنها انقلاب اقتصادي في لبنان.
وأعلن الحريري، في المؤتمر الصحافي، الموافقة على الورقة الاقتصادية التي تقدم بها وتتضمن إلغاء وزارة الإعلام، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 بالمئة.  وقال: “لا أطلب من الشباب والشابات في الشارع أي شيء، بل أنا في خدمتهم”، متابعا “الموازنة لا تتضمن أي ضرائب جديدة، أو إضافية، بمساهمة من القطاع المصرفي”.  وأضاف رئيس الوزراء اللبناني “تم خفض نسبة  50 بالمئة من رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين”، متابعا “وخفض موازنات مجلس الإنماء والإعمار، وصندوق المهجرين، ومجلس الجنوب بنسبة 70 بالمئة”.
وتابع: “إقرار مشروع قانون العفو العام قبل آخر السنة الحالية، وإعداد قانون استعادة الأموال المنهوبة، وإقرار مشروع قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل نهاية السنة الحالية”، لافتا إلى “إلغاء وزارة الإعلام وعدد من المؤسسات العامة فورا، وإعداد خطة لدمج هذه المؤسسات، ولا يخاف أحد على وظيفته”.
وشدد الحريري “لو كان مطلبكم انتخابات جديدة، فأنا معكم”، موضحا “القرارات التي أخذناها اليوم ليس للمقايضة، ولا أطلب منكم الكف عن التظاهر والتعبير عن الغضب، هذا قرار أنتم تأخذونه ولا أحد يعطيكم مهلة، ولن أسمح لأحد بتهديدكم”.
 
جلسة عاجلة 
وقبل دقائق من انعقاد المؤتمر الصحفي كانت جلسة مجلس الوزراء اللبناني انتهت على وقع تلك الاعتصامات والاضرابات، وبحسب الموقع الرسمي للرئاسة اللبنانية فأن الجلسة تضمنت التركيز على مناقشة الورقة الاصلاحية المقدمة من رئيس الوزراء سعد الحريري بكل بنودها، وموازنة العام 2020 والنصوص التابعة لها والموافقة عليها .
وتضمنت مقترحات ورقة العمل الاقتصادية إقرار موازنة 2020 من دون أي عجز، من خلال المزيد من التقشف في النفقات العامة وتصفير حسابات خدمة الدين العام في سنة 2020، وزيادة ضريبة الأرباح على المصارف من 17 بالمئة الى 34 بالمئة لسنة واحدة. بالإضافة إلى خفض أجور النواب والوزراء الحاليين والسابقين بنسبة 50 بالمئة، وخصخصة قطاع الاتصالات إما جزئيا أو بالكامل، وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة. كذلك سيتم بيع المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، بالإضافة إلى بيع قسم من بعض المؤسسات التي تملكها الدولة مثل middle east وغيرها.
وتضمنت الورقة الاقتصادية ايضا.. اكتتاب المصارف بسندات خزينة بقيمة تصل إلى نحو 5 ترليونات ليرة، بفائدة قدرها نصف في المئة، على أن يتولى مصرف لبنان تأمين نحو 4 ترليونات ليرة لخفض خدمة الدين العام.
 
 
إصرار المتظاهرين  
وواصل اللبنانيون، امس الاثنين، الخروج مجددا إلى الشوارع في يوم مفصلي تزامن مع عقد مجلس الوزراء جلسته الأولى منذ بدء التظاهرات وانتهاء مهلة حددها رئيس الحكومة سعد الحريري، مما أدى إلى قبول خطة الإنقاذ الإصلاحية.
وكان المتظاهرون الذين أبدوا امس المزيد من مظاهر الإصرار على مواصلة غليانهم الجماهيري الحاشد دعوا الى تعزيز الحضور والتوافد بكثافة لمناطق الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، كما وجهوا دعوات لإقفال كل الطرق، من أجل (إسقاط الحكومة) .
وذكر بيان صادر عن مبادرة “لحقي” اللبنانية: “تعيش قوى السلطة حالة إنكار وتستمر بالمماطلة في تنفيذ مطالب الناس”، مضيفة: “نجدد الدعوة للشعب اللبناني للاستمرار في التظاهر بساحة رياض الصلح وباقي المدن”.
وتابع البيان: “اليوم هو يوم الحسم: إضراب عام، قطع طرقات، وشل الحركة بشكل كامل في البلد”.  واختتمت المبادرة بيانها بالقول: “لنتحرك بتظاهرات في جميع المناطق مع تظاهرات مركزية في رياض الصلح وباقي المدن حتى انتهاء مهلة رئيس الحكومة: فإما الاستقالة أو التصعيد”.
 
الفرزلي: ثمرة الاحتجاج
الى ذلك قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، في تصريح صحفي: ان “الإصلاحات والقرارات التي أقرتها الحكومة اللبنانية، اليوم (امس الاثنين)، لم تكن لتكون بأي شكل من الأشكال في جميع المجالات لولا هذه الحركة الشعبية الصارخة التي فعلت فعلها، ورب ضارة نافعة”.
وأشار إلى أن هذه الإصلاحات “وضعت البلاد على سكة جديدة بحيث إنه إذا نفذت جميع القرارات وأعتقد أنها ستنفذ حتماً فإن البلد سيشهد عصراً جديداً في الحياة العامة وفي التعاطي مع المال العام وفي مسألة المحاسبة والمساءلة وفي تفعيل عمل المؤسسات الدستورية ومحاسبة كل مسؤول عن أي عمل يرتكبه”.
وشدد الفرزلي على أن البلد “أمام عصر جديد يجب أن لا يفوت هذه الفرصة”، مشيراً إلى أن “هناك بعض الغايات الشخصية وبعض الأجندات الخارجية وبعض المصالح السياسية التي لا مصلحة لها باستقرار الوضع وإعادة انتاج دور ومكانة الدولة في المجتمع اللبناني”.
ولفت النائب الى أن لبنان “مر بأزمة أدت إلى تحرك الاحتجاجات، والأزمة موضوعية وكنا نستغرب كيف أن الشعب حتى تاريخه لم يثر، ولكن في الوقت عينه هذا يثير شهية الدول والمتدخلين والطامعين لغايات إقليمية أو دولية أن تستثمر هذه الانتفاضة الشعبية فتقدم لها كل التسهيلات”.
 
سمير جعجع
كما طالب سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، رئيس الحكومة سعد الحريري بتقديم استقالته وتشكيل ما أسماها “حكومة الصدمة”.  وأضاف أن الحكومة التي ستشكل يجب أن تكون بعيدة عن الطبقة السياسية الحالية، مشيراً إلى أن “حكومة من المستقلين تبدو الحل الوحيد للأزمة الراهنة”. وتابع: “نحن لا نتحدث عن بديل. يمكن للرئيس سعد الحريري نفسه أن يرأس حكومة المستقلين التي أتحدث عنها”. وأشار جعجع إلى أن مشكلة رئيس الجمهورية ميشيل عون تكمن في أنه “لا يسمع نصائح أحد”.
 
وليد جنبلاط
أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، فقد دعا الى إجراء انتخابات نيابية على قاعدة نظام انتخابي جديد.
وأضاف “طرحنا ورقة اقتصادية، لكن لا بد من الإصلاح من الداخل وتعديل وزارات أساسية”.
وأوضح جنبلاط قائلا: إن “بعض الوزراء ومن بينهم (وزير الخارجية) جبران باسيل، يجب أن يتنحوا ولا يمكننا البقاء معهم في الحكومة”.
وتابع جنبلاط: “نشارك في اجتماع الحكومة  وفقا للورقة التي قدمناها”. وتابع أن “على حزب الله أن يتفهم غضب الشارع”، وأن “تغطية حزب الله على رمز الاستبداد الحكومي جبران باسيل يجب أن تتغير”. بحسب تعبيره.
 
إغلاق المصارف 
بدورها، أعلنت جمعية المصارف اللبنانية، أن البنوك ستبقى مغلقة الاثنين في مختلف أنحاء البلاد. 
لكن مصادر صحفية أشارت الى ان كبار المودعين في المصارف اللبنانية وتحت وطأة الأحداث الأخيرة قاموا بتهريب ودائعهم والنفاد برساميل أموالهم ليقع ضغط الأكلاف والخسائر على الفئات متوسّطة الدخل ويأتي هذا التهريب لأموال كبار المودعين تفادياً  للإجراءات التي قد تلجأ اليها الحكومة اللبنانية في سياق سعيها لاحتواء تداعيات الأزمة الحادة التي تعصف بلبنان نزولاً لمطالب الجماهير الناقمة ضد ما يسمى بالطبقة «الأوليغارشية» المالية، وهذا الإجراء يصطلح على تسميته بـ «قص الودائع»، عبر فرض ضرائب ذات طابع استثنائي لمرّة واحدة على الودائع التي تتجاوز مقدارا بعينه وعلى الاموال العائدة للمساهمين والرساميل المصرفية، وذلك بنسب تصاعدية، على غرار ما حصل في قبرص في العام 2013. إلا أن جدوى هذا الإجراء وعدالته ستتراجع كلما استطاع اصحاب الادّخارات الصغيرة والمتوسطة، علماً أن هروب الودائع ستكون له نتائح سلبية تتمثل بزيادة الضغط على سعر صرف العملة المحلية ويوجه ضربة لسبل  تمويل القطاعين العام والخاص.. 
 
خلفيات الأحداث 
ويعيش لبنان أزمة سياسية حادة منذ بدء التظاهرات في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية، ليل الخميس الماضي، بعد ساعات من فرض الحكومة رسما بقيمة 20 سنتا، سرعان ما تراجعت عنه، على المحادثات على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة “واتس آب”، بين ضرائب أخرى تدرس فرضها تباعا.
ويطالب المتظاهرون بعزل الطبقة السياسية كافة، والتي باتت تحت ضغط الشارع بحاجة إلى إيجاد حلول سريعة.
وكان الحريري منح، يوم الجمعة الماضي ، “شركاءه” في الحكومة، مهلة 72 ساعة حتى يؤكدوا التزامهم المضي في إصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار لاجل ذلك طرح الحريري ورقته التي تتضمن خفض رواتب جميع الوزراء، وإلغاء كل المخصصات المالية للنواب اللبنانيين.
وشملت الورقة أيضا خفض رواتب المدراء العامين بما لا يتجاوز 8 ملايين ليرة، ورفع رواتب القضاة إلى 15 مليون ليرة كحد 
أقصى.
ونصت مسودة الورقة الإصلاحية أيضا على فرض ضريبة على المصارف وشركات التأمين بنسبة 25 في المئة، ووضع حد أقصى لمخصصات السفر إلى الخارج بمعدل 3 آلاف دولار مع موافقة مسبقة من مجلس 
الوزراء.
كما تنص الورقة على وضع سقف لرواتب العسكريين لا يتجاوز رواتب الوزراء، بالإضافة إلى دعم الصناعات المحلية ورفع الضريبة على الواردات التي لها بديل محلي وتفعيل هيئة الرقابة الاقتصادية، وإلغاء جميع ما تم خفضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية، إلى جانب مساهمة المصارف لإنشاء معامل الكهرباء ومعامل فرز النفايات والمحارق 
الصحية.