تحليل / علي النعيمي
في وقفات سابقة، تناولنا المنتخب الايراني لكرة القدم فنياً وقلنا في حينه ان ستراتيجية هذا الفريق تغيرت جذرياَ بعد رحيل المدرب السابق البرتغالي كارلوس كيروش وإسناد المهمة إلى البلجيكي مارك فيلموتس الذي بدأ يميل إلى الفلسفة الهجومية وتفعيل طرفي الملعب بشكل واسع والرهان على لاعب أو لاعبين في الوسط لتفعيل الهجمات في الامام و بكثافة عددية كبيرة عطفاً على أسلوبه الخططي السابق مع المنتخب البلجيكي خلال كأس العالم في العام 2014 بل ويعتمد بدرجة كبيرة على ظهيرين هجوميين ضاربين على غرار ألدرفيريلد و فيرتونغن الفاعلين في التحضير وبناء اللعب وتطوير الهجمات وخلق الحالات والخيارات المثالية في طرفي الملعب وعكس الكرات الى الوسط عبر الثلاثي دي بروين وهازارد ميرتنز، وهذا ما سعى الى تطبيقه مع المنتخب الايراني خلال المباريات السابقة عندما منح للظهيرين رضائيان وميلاد محمدي في طرفي الملعب وفتح خيارات التمرير بالتزامن مع تحركات جهان بخش او سردار آزمون ومهدي ترابي مع اللامركزية في تموضعهم بعد الزج بنور الهى بالإضافة الى الركائز الاساسية في وسط الملعب حاج صافي وأوميد ابراهيمي وترك خط الهجوم تحت امرة كريم انصار فرد ومهدي طارمي واستمرت منهجية فيلموتس في تفعيل طرفي عبر الزج بأميري ومسعود شجاعي أي أن هذه الفلسفة هي بخلاف منهجية الكيروشية الدفاعية القائمة (البلوك المتحرك في منتصف الملعب وتعقيد خيارات التمرير والصراع الشرس في وسط الملعب عبر الثنائيات والكرات المشتركة ومن ثم الاعتماد على التحول السريع وطريقة اللعب المباشر الى الامام اما عن طريق الكروسات الهوائية او الكرات البينية بين المدافعين علاوة على استغلال الكرات الجانبية الطويلة).
لاعبا ارتكاز
لكن يجب الملاحظة والتوقف عند نقطة مهمة ولابد ان نشير اليها في هذه الوقفة انه وبعد استلام البلجيكي مارك فيلموتس مقاليد تدريب المنتخب الإيراني، لم يعد يلعب بلاعب ارتكاز واحد على غرار حقبة المدرب السابق كيروش كما درجت العادة والذي كان يطبقه بامتياز أوميد ابراهيمي بالرقم (9) أو بديله روزبة جشمي بالرقم (4)، بل بدأ يعتمد على لاعبين اثنين في وسط الملعب بمهام دفاعية هجومية أي بالإضافة إلى ابراهيمي وضع الظهير الأيسر إحسان حاج صافي بالرقم (3) في وسط الملعب علما بأن هذا اللاعب يتم توظيفه في فريق تراكتور في مركز طرف ايمن، بالإضافة الى البديل احمد نور إلهي بالرقم( 6) وبالتالي، فقد تغير نظام اللعب من 4-3-3- أو 4-1-4-1 الى 4-2-3-1 او 4-4-2.
تباعد خطوط اللعب
ويعني ذلك ان الفريق الايراني الحالي خرج من فلسفة كيروش السابقة « الفريق يدافع ويهاجم ويتحرك بكتلة واحدة «او «البلوك المتحرك في منتصف الملعب في زون محدد بسبب تقارب خطوط اللعب» او « تعقيد خيارات التمرير والصراع الشرس في وسط الميدان بواسطة الثنائيات» وقد شاهدنا في مبارياته الأخيرة تباعداً واضحاً بين الخطوط اللعب مع وجود ثغرات كثيرة في خط الوسط وعلى كاتانيتش الافادة من منطقة الثنائي (ابراهيمي – حاج صافي) او (ابراهيمي – الهي) التي شكلت هذه المنطقة تهديداً واضحاً على المرمى الإيراني على الرغم من ان رباعي خط الدفاع الحالي لا يزالون يطبقون الواجبات في الخلف بثبات عال بيد ان المشكلة تتعلق باستلام وطلب الكرة من المنافسين بين خطي الدفاع.
أسلوب اللعب
ينتهج مدرب منتخب إيران البلجيكي مارك فيلموتس خلال مبارياته السابقة طريقتي لعب الأولى: تميل إلى اللعب المباشر بسبب دفاع المنطقة الذي فرضه الفريق الآخر كما حصل في مباراة البحرين عندما تم تجريد الثلاثي من أي خطورة وهم رأس الحربة أنصار فرد ومحبي وطارمي وكان الأخير يميل إلى التمركز في الطرف الأيسر والانتقال الى العمق بسبب الرقابة الصارمة على سردار ازمون منسق الهجمات وبالتالي كانت اغلب الكرات هوائية أو بينية تلعب الى خلف المدافعين البحرينيين أي التحرك في الفراغ خلف الفريق المنافس او انتظار الكروسات في منطقة الجزاء، أما الأسلوب الثاني هو اللعب غير المباشر وتدوير الكرة في الثلث الدفاعي للفريق المقابل وارغامه على التراجع الى الخلف بحدود 35 ياردة عن مرماه ما يتيح الفرصة لأزمون ومحمدي وحاج صافي لتسلم الكرات بين الفراغات وتحت الضغط والرهان على الحل الفردي في الاختراق لخلخلة التنظيم الدفاعي للمنتخب الاخر والقدرة على تطبيق اللعب المركب الركض التداخلي في طرفي الملعب او الاختراق عبر القادم من الخلف في مناطق قريبة من قوس الجزاء للتسجيل.