المرجعية تطالب بتشكيل هيئة قضائية للتحقيق بتداعيات التظاهرات

العراق 2019/10/26
...

بغداد / الصباح
 
طالب ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، امس الجمعة، بتشكل هيئة قضائية مستقلة للتحقيق بشأن التداعيات التي شهدتها التظاهرات، بينما دعا الى إلغاء أو تعديل بعض القوانين التي تمنح امتيازات كبيرة لكبار المسؤولين واعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي واتخاذ اجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، مع سنّ قانون منصف للانتخابات.
وحظيت توجيهات المرجعية الدينية العليا بتأييد سياسي وشعبي كبير.
سلمية التظاهرات وعدم الانجراء الى العنف
وفيما يلي نص ما ورد من مكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله) في النجف الأشرف والذي تلاه الشيخ الكربلائي خلال خطبة أمس الجمعة، وتسلمت "الصباح"، نسخة منه.
في هذه الأوقات الحساسة من تاريخ العراق العزيز حيث تتجدد التظاهرات الشعبية في بغداد وعدد من المحافظات، ندعو أحبّتنا المتظاهرين واعزتنا في القوات الأمنية الى الالتزام التام بسلمية التظاهرات وعدم السماح بانجرارها الى استخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب.
إننا نناشد المشاركين في هذه التظاهرات أن يمتنعوا من المساس بالعناصر الأمنية والاعتداء عليهم بأيّ شكل من الأشكال. كما نناشدهم رعاية حرمة الأموال العامة والخاصة وعدم التعرض للمنشآت الحكومية أو لممتلكات المواطنين أو أيّ جهة أخرى.
إنّ الاعتداء على عناصر الأمن برميهم بالأحجار 
أو القناني الحارقة أو غيرها والإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بالحرق والنهب والتخريب مما لا مسوّغ  له شرعاً ولا قانوناً ويتنافى مع سلمية التظاهرات ويبعّد المتظاهرين عن تحقيق مطالبهم المشروعة ويعرّض الفاعلين للمحاسبة.
ونذكّر القوات الأمنية بأن التظاهر السلمي بما لا يخلّ بالنظام العام حق كفله الدستور للمواطنين، فعليهم أن يوفّروا الحماية الكاملة للمتظاهرين في الساحات والشوارع المخصصة لحضورهم، ويتفادوا الانجرار إلى الاصطدام بهم، بل يتحلّوا بأقصى درجات ضبط النفس في التعامل معهم، في الوقت الذي يؤدون فيه واجبهم في اطار تطبيق القانون وحفظ النظام العام بعدم السماح بالفوضى والتعدي على المنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة.
إنّ تأكيد المرجعية الدينية على ضرورة أن تكون التظاهرات الاحتجاجية سلمية خالية من العنف لا ينطلق فقط من اهتمامها بإبعاد الأذى عن ابنائها المتظاهرين والعناصر الأمنية، بل ينطلق أيضاً من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد الذي يعاني من تعقيدات كثيرة يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل الى الفوضى والخراب، و يفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي، ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والاقليمية، ويحدث له ما لا يحمد عقباه مما حدث في بعض البلاد الأخرى من اوضاع مريرة لم يمكنهم التخلص من تبعاتها حتى بعد مضي سنوات طوال.
إنّ الاصلاح الحقيقي والتغيير المنشود في ادارة البلد ينبغي أن يتما بالطرق السلمية، وهو ممكن اذا تكاتف العراقيون ورصّوا صفوفهم في المطالبة بمطالب محددة في هذا الصدد.
وهناك العديد من الاصلاحات التي تتفق عليها كلمة العراقيين وطالما طالبوا بها، ومن أهمها مكافحة الفساد وإتّباع آليات واضحة وصارمة لملاحقة الفاسدين واسترجاع أموال الشعب منهم، ورعاية العدالة الاجتماعية في توزيع ثروات البلد بإلغاء أو تعديل بعض القوانين التي تمنح امتيازات كبيرة لكبار المسؤولين واعضاء مجلس النواب ولفئات معينة على حساب سائر أبناء الشعب، واعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي، بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات، واتخاذ اجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، والوقوف بحزم امام التدخلات الخارجية في شؤون البلد، وسنّ قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ويرغّبهم في المشاركة فيها.
مرة أخرى نناشد المتظاهرين الكرام ألا يبلغ بهم الغضب من سوء الأوضاع واستشراء الفساد وغياب العدالة الاجتماعية حدّ انتهاك الحرمات بالتعدي على قوات الأمن أو الممتلكات العامة أو الخاصة.
إنّ رجال الأمن إنّما هم آباؤكم واخوانكم وابناؤكم الذين شارك الكثير منهم في الدفاع عنكم في قتال الارهابيين الدواعش وغيرهم ممن أراد السوء بكم، واليوم يقومون بواجبهم في حفظ النظام العام فلا ينبغي أن يجدوا منكم الا الاحترام والتقدير، فلا تسمحوا للبعض من ذوي الاغراض السيئة بالتغلغل في صفوفكم واستغلال تظاهراتكم بالاعتداء على هؤلاء الأعزة أو على المنشآت الحكومية أو الممتلكات الخاصة.
ونؤكد على القوى الأمنية ألا تنسوا أنّ المتظاهرين إنّما هم آباؤكم واخوانكم وابناؤكم خرجوا يطالبون بحقهم في حياة حرة كريمة ومستقبل لائق لبلدهم وشعبهم فلا تتعاملوا معهم الا باللطف واللين.
يبقى أن نشير الى ان التقرير المنشور عن نتائج التحقيق في ما شهدته التظاهرات السابقة من اراقة للدماء وتخريب الممتلكات لم يحقق الهدف المترقّب منه ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام، فمن المهم الآن أن تتشكل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع وإعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية.
 
تأييد لتوجيهات المرجعية ومنع التدخلات المضرة للعراق  
الى ذلك، أعلن حزب الدعوة الاسلامية امس، بيانا أكد فيه تأييده لتوجيهات المرجعية الدينية العليا. 
وذكر في بيان تسلمت "الصباح"، نسخة منه، ان "دعم حقوق المواطنين بالتظاهر السلمي لبيان مطالبهم  المشروعة ينبغي ان يكون بعيدا عن اعمال الشغب والتخريب والعنف الذي ليس له مسوغ شرعي ولا قانوني ضد الاجهزة الامنية وممتلكات الدولة والممتلكات العامة للناس والمؤسسات والأحزاب، كذلك فان القوات الامنية التي جاهدت للقضاء على الارهاب الداعشي مدعوة لرعاية المتظاهرين والتعامل معهم باللطف واللين والمحافظة على سلمية التظاهرات .
واضاف ان "المرجعية الدينية العليا التي عودت الشعب على التصدي في المواقف الحساسة  لتعيد مرة اخرى مواقفها الابوية في حفظ الوطن من مؤامرات التدخل الخارجي الدولي والاقليمي، وعدم فسح المجال للمتصيدين في الماء العكر بتضييع السيادة والحرية والاستقلال".
ولفت حزب الدعوة في البيان الى ان "التقرير الذي خلصت اليه اللجنة الحكومية يفتقر الى تشخيص المسؤولين عن العنف"، داعيا الى ضرورة "تشكيل هيئة قضائية مستقلة لمحاكمة المجرمين بشكل مهني وشفاف، واعلام الجمهور بالنتائج".
وطالبت القوى السياسية والحكومة بالارتقاء الى مستوى المسؤولية والتكامل في المواقف لمواجهة ما يتعرض له البلد من تفتيت وإسقاط للعملية السياسية ولمنع التدخلات الهاوية المضرة بالعراق ووحدته وشعبه.
 
خريطة طريق لحل جميع مشكلات البلاد 
الى ذلك، اكد المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في بيان تسلمت "الصباح"، نسخة منه، ان خطاب المرجعية المرجعية الدينية العليا يمثل خريطة طريق لحل جميع مشكلات البلاد لما يحفظ لها امنها واستقرارها وازدهارها ويلبي المطالب المشروعة لأبناء الشعب في الحصول على الخدمات الاساسية من تعليم وصحة وفرص عمل ومكافحة الفساد والاهتمام بالفئات المحرومة وذوي الدخل المحدود. 
واوضح ان "المرجعية الدينية رسمت بخطابها مسارا اصلاحيا من خلال تأكيدها على نقاط جوهرية في مقدمتها الالتزام بسلمية التظاهرات وعدم التعرض الى الممتلكات العامة ومناشدة القوات الامنية والمتظاهرين التحلي بأعلى درجات ضبط النفس منعا لوقوع اعمال عنف وشغب وفوضى قد تسمح لمزيد من التدخل الخارجي في شؤون البلد وتصفية الحسابات الدولية .
واشار المجلس الاسلامي الاعلى الى ان "الظروف الصعبة والحرجة التي يمر بها بلادنا العزيز وما تحمل معها من مخاطر حقيقية على الاستقرار والامن والسلم الاهلي ،تستدعي من الجميع  حكومة وشعبا واحزابا ومؤسسات وافرادا الى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية والسعي الجاد للالتزام بتوجيهات المرجعية الدينية التي هي صمام الامان لبلدنا وشعبنا واستقرارنا".
وطالبت الرئاسات الثلاث والسلطة القضائية والاحزاب بـ"وضع حلول عاجلة للازمة وكشف الحقائق كاملة للجمهور وتشخيص مواطن الخلل والفساد ووضع خطة كاملة للاصلاح الحقيقي ومغادرة مسارات المحاصصة والمحسوبيات وسن القوانين والتشريعات التي تضع حدا للفساد وتوفر الارضية الجيدة للاصلاح والبناء والتقدم 
والازدهار".