يصاب نحو 8 بالمئة من سكان الولايات المتحدة، بالانفلونزا كل عام، والأطفال والكبار هم الأكثر عرضة للخطر. واعتمادا على شدة فيروسات الانفلونزا التي تنتشر في موسم معين فان ما يتراوح بين 70 ألف شخص يموتون كل عام بسبب مضاعفاتها، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وتزيد السمنة من مخاطر اصابة الشخص بمضاعفات شديدة من الانفلونزا بما في ذلك الاستشفاء وحتى الموت. وقد تلعب أيضا دورا مهما في كيفية انتشارها، وفقا لدراسة طبية جديدة.
وتشير النتائج البحثية، الى أن البالغين الذين يعانون من السمنة المفرطة حينما يصابون بالانفلونزا فأنهم يلقون الفيروس لفترة أطول من البالغين غير المصابين بالسمنة، مما يزيد من فرصة انتقال العدوى الى الآخرين. وهذا هو أول دليل حقيقي على أن السمنة قد تؤثر بشكل مباشر في انتقال العدوى وهو وباء يعتبر أكثر من مجرد مرض ثقيل
الوطأة.
وبتحليل البيانات التي تم جمعها من نحو 1800 شخص لنحو 320 أسرة في نيكاراغوا، حقق الباحثون في تأثير السمنة على مدة تأثير الفيروس خلال ثلاثة مواسم من الأنفلونزا من العام 2015 الى العام 2017. ولاحظوا أن البالغين الذين يعانون من أعراض الأنفلونزا وفيروسات الانفلونزا المؤكدة مختبريا تستمر لديهم فترة أطول بنسبة 42 بالمئة مقارنة مع البالغين المصابين بالأنفلونزا الذين لم يكونوا يعانون من السمنة. اذ كان الفرق أكبر بين الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والذين يعانون من مرض انفلونزا خفيف أو الذين ليس لديهم أعراضها لمدة أطول بنسبة 104
بالمئة.
تم تحديد مدة تأثير الفيروس عن طريق اختبارات لعينات الأنف والحنجرة التي اكتشفت وجود فيروس الأنفلونزا ولكنها لم توضح ما اذا كانت الفيروسات معدية أم لا.
الأبحاث الاضافية
يقول مؤلف البحث البروفسور جورج غوردون، استاذ الامراض الوبائية الانتقالية والمعدية في جامعة جورج واشنطن الطبية: “ان الأبحاث الاضافية التي تجري الآن على قدم وساق تساعدنا فعليا بتحديد ما اذا كان فيروس الانفلونزا الذي واجههه الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة لفترات طويلة معديا بالفعل ويمكن أن ينشر المرض
للآخرين.”
بالاضافة الى ذلك، اقتصرت الاختلافات التي شوهدت في مدة تأثير الفيروس على أحد نوعين من فيروسات
التي يمكن أن تسبب الأوبئة في البشر، لم يجد الباحثون أي ارتباط بالسمنة ومدة تأثير فيروس الانفلونزا( أ).
الأنفلونزا ( ب) والذي عادة ما يسبب مرضا أقل خطورة لدى البالغين وكذلك
الأطفال.
فالسمنة يمكن أن تغير استجابة الجسم المناعية وتؤدي الى التهاب مزمن والذي يزداد مع تقدم العمر، بالاضافة الى جعل التنفس أكثر صعوبة ويزيد من الحاجة الى الأوكسجين. وقد أشار مؤلفو الدراسة، الى أن هذه العوامل قد تساعد في تفسير كيف يمكن للسمنة أن تؤثر على خطر الانفلونزا وشدتها وامكانية انتقالها مع ارتفاع معدلات السمنة في جميع أنحاء العالم.
كما تنبه النتائج الجديدة، الى أن السمنة قد تلعب دورا متزايد الأهمية في انتقال وباء الأنفلونزا. وفي بحث ذي صلة نشر مؤخرا في مجلة الأمراض المعدية، لاحظت الدكتورة ستايسي شيري، بمشفى سانت غوود لبحوث الأطفال، العديد من الآثار المحتملة على الصحة العامة، بما في ذلك زيادة فرص انتشار الأنفلونزا بين بعض المجتمعات السكانية المكتظة.
وكتبت شيري قائلة: “من الأهمية بمكان وضع استراتيجيات فعالة للوقاية من الأنفلونزا والسيطرة عليها خاصة بين السكان الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة والتي قد تكون صعبة بسبب ضعف استجابة اللقاح في هذه الفئة من الناس. فمع زيادة التركيز على تطوير لقاح عالمي للانفلونزا، أصبحت الحماية المحسّنة من الأنفلونزا من أولويات الصحة العامة في العالم. ويبقى السؤال ما اذا كانت هذه الأساليب لن تحمي السكان المستهدفين فقط ولكنها تقلل أيضا من مدة ومدى تأثير الفيروس.”
طفرة جينية
لأول مرة، أظهرت الأبحاث التي أجريت على فئران مختبرية، وجود صلة بين الطفرة الجينية والانفلونزا ومشكلات القلب والأوعية الدموية، ومنها عدم انتظام ضربات القلب. ففي دراسة قادها البروفسور جاكوب آرثر، استاذ أمراض العدوى الجرثومية والحصانة منها، بجامعة أوهايو، لاحظ ان بعض الأشخاص الذين يصابون أحيانا بالانفلونزا الحادة فأنهم يواجهون مشكلات في القلب تهدد حياتهم، حتى لو كانوا بصحة جيدة من قبل. لكن السبب لم يكن مفهوما بشكل جيد. فمن المعروف أن الطفرات في الجين المسؤول عن جعل البروتين حرج في المراحل المبكرة من الاستجابة المناعية للأنسان، مما يؤدي الى تكوين دفاع يخلق صعوبة للفيروسات التي تحاول غزو الخلايا.
ويخلص آرثر: “من خلال القضاء على هذا الجين في الفئران واصابتها بسلالات مختلفة من الانفلونزا، تمكنا من اظهار أن غياب هذا الجين يزيد من فرص حدوث تشوهات في القلب- انخفاض معدل ضربات القلب وعدم انتظام ضرباته- والوفاة. اذ لم يكن هناك رابط معروف بين هذا الجين ومضاعفات القلب المرتبطة بالأنفلونزا حتى الآن. ويمكن أن تتسبب الأنفلونزا في تفاقم أمراض القلب الكامنة، لكنها يمكن أن تؤثر أيضا في قلوب الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، وعادة في الحالات التي يكون فيها الأشخاص مرضى بالانفلونزا لدرجة أنهم أدخلوا الى المشفى”.
عن ساينس ديلي