توجه حكومي – برلماني لتخفيض سن التقاعد

العراق 2019/10/26
...

بغداد / احمد محمد
 

ينتظر مجلس النواب من الحكومة ارسال التعديل الخاص بقانون التقاعد للتصويت عليه والذي يتضمن تخفيض سن التقاعد ليكون 45 بدلا من 60 عاما، بهدف تحريك ملاكات الدولة وفسح المجال امام الخريجين العاطلين لايجاد مساحة وظيفية. 
هذا التعديل صدر من الحكومة ضمن حزمة اصلاحات جديدة هي الثالثة من نوعها خلال اقل من شهر في ظل استجابة لمطالب التظاهرات الشعبية التي تشهدها البلاد، بالمقابل يجري التنسيق حاليا لانضاج مقترح جديد يتضمن انهاء الفروقات بين رواتب المتقاعدين في مختلف الوزارات.

دماء جديدة في مؤسسات الدولة 
ويقول عضو اللجنة المالية النيابية، شيروان ميرزا في حديث لـ”الصباح”: ان “تخفيض السن التقاعدي يعد خطوة ايجابية لفسح المجال امام الخريجين واصحاب الشهادات ممن هم بلا عمل وان يأخذوا دورهم في الخدمة داخل مؤسسات الدولة من اجل تخفيض نسب البطالة”، لكن ميرزا اشار الى ان “هذا المسعى يحتاج ايضا الى خطط مدروسة للتطبيق وان كان سيؤثر في النفقات على المستوى البعيد اضافة الى تأثيره في مدة خدمة الموظف في مؤسات الدولة ويؤثر ايضا في صندوق التقاعد”. 
واضاف “يمكن ان تكون هذه الخطوة وقتية لمعالجة حالة آنية وفق دراسات يتم طرحها خصوصا ان هناك تعديلا في مجلس الوزراء لقانون التقاعد الموحد وارسل الى مجلس النواب لاتخاذ الخطوات القانونية”، موضحا ان “البرلمان ستكون له وقفة مع هذا الموضوع في ظل الاعداد الكبيرة للعاطلين عن العمل من اصحاب الشهادات”. 
ويفضل عضو اللجنة المالية ان “يكون هناك شقان للتقاعد هما: اجباري او اختياري، اذا وصل الموظف لعمر الستين سنة يحال على التقاعد اجباريا، لكن الاختياري ينحصر بين  45 الى 50 سنة بشرط ان تكون لدى الموظف خدمة لاتقل عن 25 سنة”. 
 
معايير لإحالة الموظفين على التقاعد 
ومن وجهة النظر القانونية، يرى عضو اللجنة القانونية النيابية عمار الشبلي ان “خفض العمر التقاعدي يحتاج الى تعديل في قانون التقاعد مرة اخرى خصوصا اننا وضعنا في التعديل الاخير معيارا لاحالة الموظفين الى التقاعد ينص على ضرورة وصول الموظف لعمر 50 سنة شريطة ان تكون لديه خدمة لاتقل عن 15 سنة فعلية وبدون وجود هذين الشرطين لايمكن احالته على التقاعد.
وبين الشبلي خلال تصريح خاص لـ”الصباح”، ان “قانون التقاعد الحالي بعد التعديل الاخير يعد منصفا حيث يأخذ بنظر الاعتبار الشهادة ومدة الخدمة وحتى وضع المتقاعد من الناحية الصحية”، موضحا انه “يراعي حالات العجز لدى المرضى من موظفي الدولة بحسب النسبة وهذا لن يسهم في تقليل الراتب التقاعدي اذا تقاعد الموظف لاسباب صحية “. 
وطالب الحكومة بـ”ارسال التعديل الجديد الى البرلمان باعتباره لا يحمل اعباء مالية للنظر في قضية تخفيض السن التقاعدي مع مراعاة اصحاب الاختصاصات النادرة والمهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها وهذا يحتاج الى جهة تحدد تلك الاختصاصات لاستثنائها من هذا القرار على سبيل المثال اختصاصات الفيزياء النووية والطب والهندسة”.
عضو اللجنة القانونية، افصح عن “وجود مقترح تعديل آخر ارسل الى رئاسة الجمهورية يهدف الى تقليل الفروقات بين رواتب المتقاعدين في مختلف الوزارات وانهاء التفاوت الكبير في رواتبهم التقاعدية في  مدة الخدمة او الدرجة نفسها بالتنسيق مع الحكومة”، مبينا ان “محددات الدنيا للرواتب التقاعدية ستكون بنحو500 الف دينار”.
ودعا الشبلي الى ضرورة “تفعيل القطاع الخاص باعتبار ان هذه الاجراءات الحالية قد لاتستطيع وحدها حل المشكلة مثلما يفعل القطاع الخاص، خصوصا وان لدينا اكثر من 50 الف معمل ومصنع، عبر عرضها  للاستثمار مع تقيد اصحابها بأن تكون اليد العاملة في هذه المصانع حصرا للعاطلين عن العمل”.
 
حركة الملاك السريعة والتنمية 
من جانبه، ذكر المحلل الاقتصادي ضرغام محمد علي لـ”الصباح”، ان “تقليل سن التقاعد سيمتص جزءا ليس بالقليل من البطالة، لكن عبر عن تخوفه من “ان يسهم في اقصاء بعض الكفاءات او بعض الخبرات”. 
وشدد على ضرورة ان “تحظى بعض الاختصاصات النادرة بالاستثناءات من اجل ضمان تمرير هذه الخبرات الى الاجيال الملتحقة بتلك المؤسسات”، مبينا ان “حركة الملاك السريعة ستصب ايضا في تنمية القطاع الخاص عبر نقل الخبرات وتحقق نهضة اقتصادية كبيرة داخل البلاد”.  ودعا محمد علي الى ضرورة ان “يكون تخفيض سن التقاعد على الاحالة الاختيارية وليست الاجبارية او على الاقل تأطير هذا الموضوع حسب رغبة الموظف في الذهاب نحو التقاعد”، مختتما كلامه بالتشديد على “ضرورة ان يتحصل المتقاعد على كل الامتيازات ومخصصات التقاعد كما لو انه تقاعد في 60 عاما من اجل تحفيز الغالبية الذهاب نحو التقاعد في سن مبكرة وفسح المجال امام غيرها”.
 
اصلاحات تفعيل القطاع الخاص
بدورها، اكدت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية ميثاق الحامدي وجوب ان تتبنى الحكومة اصلاحات حقيقية تهدف الى تفعيل القطاع الخاص عبر تشغيل المعامل المتوقفة وتشغيل العاطلين”، مشيرة الى “ان مسألة تخفيض سن التقاعد قد لا تعد من الحلول الحقيقية لان ذلك يراكم البطالة المقنعة داخل المؤسسات.
واضافت “كل البلدان تضع خططا قصيرة وطويلة الامد من اجل التنمية الاقتصادية والبشرية، اذ يجب علينا وضع خططا  تأخذ مجراها في المستقبل، لا سيما ان الدرجات الوظيفية لاتستطيع استيعاب البطالة الموجودة بين الشباب”.  وتابعت “في الدورة السابقة عملنا على برنامج تشغيل الشباب رقم 17 وصوتنا عليه في مجلس النواب ورصدت له مبلغ 3 مليارات دولار من البنك المركزي لتمويل المشاريع المتوسطة، لكن الحكومة وقتها لم تلتزم بتنفيذ هذا البرنامج، رغم ان تنفيذه يمكن ان تكون له تأثيرات ايجابية خصوصا ان المشروع كان عبارة عن قروض جماعية يستلمها الشباب مع تخصيص اراض سواء صناعية او زراعية  لانشاء معامل صغيرة”.  وحملت الحامدي الحكومات السابقة مسؤولية عدم تنفيذ التشريعات السابقة بما يخص الاستثمار وتسهيلاته رغم ان مجلس النواب شرع العديد من القوانين لكن لم تفعل بالشكل الامثل”.