بعد ثلاثة أيام تنفس فيها الشارع اللبناني شيئا من الهدوء المشوب بالترقب والحذر وفتحت فيها الشوارع المغلقة بفعل الاحتجاح. وعادت المؤسسات والمصارف الى فتح أبوابها أمام الخدمة العامة وشهدت فيها الساحات تظاهرات بسيطة باستثناء ساحة النور في مدينة طرابلس شمال لبنان التي احتفظت بزخم تظاهراتها بعد هذه الأيام عادت حركة الاحتجاجات الى الشوارع والساحات اللبنانية بقوة امس الاثنين لتسجل حضورها الرافض للواقع السياسي اللبناني.. في إطار الاحتجاجات التي تعصف بمختلف الساحات في لبنان منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي
ضغط شعبي
وجاءت هذه التحركات لمواصلة الضغط الشعبي للإسراع بتحديد موعد للاستشارات النيابية لتكليف رئيس وزراء جديد، بعد استقالة سعد الحريري أواخر الشهر الماضي تحت ضغط التظاهرات العارمة التي شهدتها مختلف المناطق اللبنانية. الحراك الشعبي الذي يريد من خلال ديمومة نشاطه إرسال رسائل قوية لساسة السلطة بأن المراهنة كما يقولون على عامل الوقت لإضعافه لن تجدي نفعاً حيث يؤكد المحتجون على الاستمرار بحراكهم حتى تحقيق المطالب، وفي مقدمتها إجراء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة تكنوقراط، تقوم بإدارة الأزمة المالية وتخفف عبء الدين العام، الذي يبلغ 86 مليار دولار كما يفيد اقتصاديو هذا الحراك.
قطع الشوارع
الحراك الجماهيري المحتج عاد ليقطع الشوارع المهمة في استعادة لافتة لمبادرة النزول للشارع فقد نزل محتجون غاضبون لقطع الطرقات وبدؤوا ذلك من خلال افتراشهم الارض عند جسر الرينغ ببيروت حيث عمدت مجموعة من الفتيات المحتجات بقطع الشارع لمنع حركة السيارات مما حدا بالقوات الأمنية الى مواجهتهن وازاحتهن عن الشارع بعد جولات من الكر والفر قبل أن تنزل مجموعة كبيرة من المحتجين للشارع نفسه لافتراش الطريق وهم يطلقون الهتافات المناوئة للساسة اللبنانيين.. حركة قطع الشوارع التي يبدو إنها كمن استفاق من حالة سبات أو استراحة امتدت باحتجاجها لتشمل عدة شوارع ومناطق فقد تم قطع طريق سليم سلام باتجاه وسط بيروت كما قام محتجون بقطع الطريق عند مثلث خلدة باتجاه بيروت بالاطارات المشتعلة وقطع آخرون شارع بيروت - صيدا عند مفرق برجا بالاتجاهين. بدورهم بادر مناصرو الحريري رئيس الحكومة المستقيل الى قطع طريق رأس النبع عند مطعم الاغا باتجاه بشارة الخوري.. كما تم قطع الطريق في الشويفات قرب مفرق دير قوبل بالاتجاهين أما في البقاع الغربي فتم نزول المحتجين ليقطعوا طرق المرج جب جنين الصويري وراشيا غزة حوش الحريمة ومثلث جب جنين..
دعوات الحراك
الدعوات التي اطلقتها لجان الحراك الشعبي في مختلف المناطق اللبنانية سجلت حضورا لافتا منذ الساعة الخامسة صباحا ليوم امس الاثنين حيث أقدم شبّان غاضبون على قطع الطريق عند مفترق بلدة ببنين بالاطارات المشتعلة وقطعوا محتجون آخرون الطريق الدولي الساحلي عند منتصف الليل على مدخل عكار عند نقطتي المحمرة وساحة الشهداء في العبدة بالتربة والعوائق وبالشاحنات. كما جرى قطع الطريق في ساحة حلبا وعند مفترق بلدة كوشا.وطال الاحتجاج والقطع مناطق كثيرة وقد صحا اللبنانيون امس على حركة شبه مشلولة وزحامات شديدة.. وفي خطوة احترازية اعلنت جمعية المصارف اللبنانية اعادة اغلاق جميع المصارف في لبنان نظرا لتأزم الوضع وتصاعد الاحتجاجات.
شارع مواز
في المقابل، سجل شارع مواز لحركة التظاهر الصاخبة في لبنان حضوره، فقد نظم التيار الوطني الحر، الذي ينتمي إليه الرئيس اللبناني ميشال عون، تظاهرة أمام القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت حيث القيت في المتظاهرين كلمتان الاولى لوزير خارجية الحكومة المستقيلة جبران باسيل اكد فيها انهم لا يختلفون عن الشارع في مطالبه وهاجم فيها حزب القوات اللبنانية ومن اسماهم بالفاسدين فيما القى الكلمة الثانية الرئيس ميشال عون عبر شاشة كبيرة شكر فيها المتظاهرين مؤكدا بأنه قدم خارطة طريق لحل الأزمة. وجاءت تظاهرة التيار العوني تأييدا لرئيس الجمهورية ورئيس التيار جبران باسيل، الذي واجه انتقادات قاسية خلال التظاهرات التي شهدها ويشهدها لبنان منذ عدة أيام.
سيناريوهات محتملة
ويرى مراقبون ان حركة الساسة اللبنانيين تتسم بالبطء وهي لم تتمكن من استيعاب او اللحاق بماراثون الشارع الملتهب في اشارة الى تأخر الاستشارات الرئاسية الملزمة مع القوى السياسية من اجل الاتفاق على تسمية رئيس جديد للحكومة..
مصادر مطلعة افادت عن وجود ثلاثة سيناريوهات يمكن ان تشهدها عملية تسمية الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة الجديدة هي:
1 - اعادة تسمية الحريري رئيساً للحكومة.
2 - في حال تعذّرت تسميته يترك له اختيار البديل من بيئته السياسية.
3 - وإلا لا مفر من اعتماد الخيار الثالث بتسمية رئيس
حيادي.
فيما يفيد متابعون آخرون بان هذه التسريبات القصد منها الضغط على رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لانتزاع تنازلات منه تتعلق بتشكيل الحكومة وعدم وضع فيتو من قبله على شخصيات بعينها مثل جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر.. مصادر أخرى أكدت بان الزعيم السياسي البارز نبيه بري رئيس مجلس النواب أكد بأنه مع إعادة تكليف سعد
الحريري.
تسمية الرئيس
مصادر سياسية أخرى أفادت وفقا لموقع لبنان 24 "بأنه انطلاقاً من وجهة نظر قوى الثامن من آذار بجميع اطيافها التي تعتبر ان هناك محاولة للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية واخراج "حزب الله" من الحكومة وتحجيم دور "الوطني الحرّ"،
فان القرار اخذ بعدم تسمية الرئيس الحريري" وتشير المصادر الى "ان 8 آذار لن تسمي الحريري لكنها لن تسمي غيره، وهكذا لن يحصل الحريري على أكثر من 50 صوتاً وتالياً فانه وفقاً للعرف لن يكلف الحريري بل تعاد الاستشارات" تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه جنوب لبنان حركة للطيران الإسرائيلي فبعد تصدي حزب الله لطائرة إسرائيلية مسيرة قبل أيام قام الطيران الحربي الإسرائيلي صباح امس الاثنين بالتحليق فوق مناطق حاصبيا والعرقوب، وفي اجواء صيدا ومحيطها ومرجعيون.