اجتماع قصر السلام يرفض «الحل الأمني» للتظاهر السلمي
العراق
2019/11/11
+A
-A
بغداد / الصباح
أكدَ الاجتماع الرئاسي الذي عقد أمس الأحد بقصر السلام في بغداد أن الاحتجاجات الشعبية السلمية هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها وذلك استجابة للرأي العام الوطني ولمتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون الغيارى بعد عقود من الطغيان والحروب والعنف والفساد، وجدد الاجتماع الموقف الثابت للرئاسات الثلاث ورئاسة القضاء برفض أي حل أمني للتظاهر السلمي.
وبين أن الاحتجاج الشعبي الذي نهض به شبابُ العراق المتطلع لحياة حرة كريمة بإرادة وطنية سلمية تحترم السياقات القانونية والدستورية وتقدّر مصالح البلاد وتصونها هو احتجاج عظيم في مسار إعادة بناء الدولة وتطهير مؤسساتها والارتقاء ببنائها بما يستحقه العراق.
وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية تلقته «الصباح» بأن رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح استضاف أمس الأحد اجتماعاً عُقد في قصر السلام ببغداد، وحضره كلٌّ من رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
وأضاف البيان أنه تم في الاجتماع تدارس مختلف التطورات السياسية والأمنية في البلاد في خضم التظاهرات الكبيرة التي شهدتها بغداد ومحافظات أخرى، إذ أكد الاجتماع أن «هذه الاحتجاجات الشعبية السلمية هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها وذلك استجابة للرأي العام الوطني ولمتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون الغيارى بعد عقود من الطغيان والحروب والعنف والفساد».
الاحتجاج الشعبي
ووصف بيان قصر السلام التظاهرات الحالية في البلاد بقوله: إن «الاحتجاج الشعبي الذي نهض به شبابُ العراق المتطلع لحياة حرة كريمة بإرادة وطنية سلمية تحترم السياقات القانونية والدستورية وتقدّر مصالح البلاد وتصونها هو احتجاج عظيم في مسار إعادة بناء الدولة وتطهير مؤسساتها والارتقاء ببنائها بما يستحقه العراق».
وأكد المجتمعون - بحسب البيان الرئاسي- «الموقف الثابت بالامتناع ورفض أي حل أمني للتظاهر السلمي، والمحاسبة الشديدة لأي مجابهة تعتمد العنف المفرط»، مشيرين بهذا الصدد إلى «أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة بمنع استخدام الرصاص الحي وجميع أشكال العنف التي تعتمد القسوة والمبالغة فيها».
جرائم واعتداءات
وتناول الاجتماع باهتمام شديد «حالات الاختطاف التي تجري ضد ناشطين من قبل جماعات منفلتة وخارجة عن القانون، وكذلك جرائم الاعتداء على المتظاهرين»، عادّاً إياها «أعمالاً موجهة يجري التحري عنها والوقوف على المتسببين بها وإنزال العقاب القانوني بهم»، وأكد المجتمعون أنه «لن يبقى معتقل واحد من المتظاهرين».
الأطراف المجتمعة أكدت أيضاً أنه «سيحال للقضاء العادل والمنصف كل من تثبت عليه جرائم جنائية ومن أي طرف كان، وستلاحق العدالة الصارمة كل من يعتدي أو يخطف أو يعتقل أيّاً كان خارج إطار القانون والسلطة القضائية»، وأضاف البيان أنه «مرة أخرى تتأكد أهمية حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما سيتحقق حتماً».
إلى جانب هذا، أكد الاجتماع «ضرورة التقيد بالطبيعة السلمية الديمقراطية للتظاهرات بما يحفظ الامن العام والممتلكات ويمنع حرف مسار التظاهرات عن طبيعتها السلمية».
وأكد الاجتماع أيضاً ما وصفه بـ (الأهم)؛ وهو «احترام وتقديس التضحيات، للشهداء وللجرحى من أبطال التظاهرات السلمية ومن ميامين قواتنا الأمنية، فدماؤهم التي سالت أضاءت الطريق وفتحت الأفق نحو المستقبل»، وأكد المجتمعون العهد على أن «لا قطرة دم طاهرة يمكن أن تذهب هدراً، وألا يتوقف عمل العدالة المخلص من أجل الوقوف على أي متورط بهذا الدم الطهور»، مبينين أن «هذه مسؤولية السلطات الحكومية والقانونية، مسؤوليتنا جميعاً، مجتمعاً وحاكمين، أن لا تتوقف الجهود ولا تكلّ في القبض على القتلة والمتسببين بالقتل وسفك الدماء، مسؤوليتنا في تأمين حقوق عائلات الشهداء، وفي تأمين علاج الجرحى بأفضل القدرات المتاحة».
شباب العراق
وخاطب اجتماع قصر السلام المتظاهرين السلميين بالقول: «وبكل فخر واعتزاز يؤكد الاجتماع ويقول للشباب العراقي (لا يمكن الا أن تنتصروا، وينتصر بلدكم وشعبكم بكم، ننتصر بكم ونحن نشرع بعمل حثيث من أجل أن تكون احتجاجاتكم مناسَبة حيوية للشروع بعمل إصلاحي جذري يجب أن يتكلل بالنجاح وبنتائج عملية من شأنها مكافحة الفساد، آفة الخراب الأكبر بعد الإرهاب والعنف، كما توجب تقويم مسارات العملية السياسية على مختلف الأصعدة التشريعية والتنفيذية بما يؤمّن سلطات ومؤسسات قادرة حقاً على خدمة الشعب والتقدم بالبلد والنهوض به)».
وأضافت الرئاسات في خطابها: (بكم أيها الشباب الحر تتذلل الصعاب، وبإرادتكم وبوقفتكم الشجاعة نجتاز التحول إلى دولة حرة ومعافاة ومتقدمة، دولة يطمح فيها الشعب ويحلم، ومسؤولية الحاكمين المنتخبين فيها خدمة الشعب والسهر من أجل تحقيق تطلعاته، وبذل الغالي والنفيس من أجل ذلك).
نقاط مهمة
وأكد اجتماع قصر السلام ما يلي:
1 - باشرت السلطتان التنفيذية والقضائية فعلاً العمل القانوني في الشروع بفتح الملفات التحقيقية الخاصة بالفساد وملاحقة المتهمين فيها لتحقيق العدالة واستعادة الحقوق المنهوبة، وسيتواصل فتح هذه الملفات، وبهذا لا أحدَ مهما كان منصبه ومركزه وموقعه بالقادر على الإفلات من سير العدالة، وإنه لا تسييس ولا محاباة في فتح الملفات وفي التحقيقات والمحاكمات، وإن مصلحة البلاد وحقوق الشعب وتطبيق القانون هو الفيصل في كل شيء، كما تمت المباشرة
باتخاذ الاجراءات القانونية من قبل القضاء بحق من تسبب في استشهاد وإصابة عدد من المتظاهرين والقوات الامنية ومن اعتدى على الممتلكات العامة إذ تم توقيف قسم منهم وصدرت مذكرات قبض بحق قسم آخر ولا يزال التحقيق مستمراً.
2 - جرت المباشرة أيضا بالعمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات بما يجعل من هذا القانون ضامناً لتحقيق العدالة في التنافس الانتخابي، ومساعداً على وصول الأكفاء من المرشحين بموجب رؤية وقناعات الناخبين، والحدِّ من فرص الاحتكار الحزبي التي تُبقي على ركود الحياة السياسية ما بين عدد محدود من الأحزاب وتَحول دون تجديد دماء هذه الحياة بمرشحين من خارج دائرة الحياة الحزبية ايضاً، كما يساعد القانون الجديد على تعزيز فرص الشباب في بلوغ البرلمان والإسهام بصنع سياسة بلدهم، وسيخلص القانون الجديد إلى تحقيق مفوضية عليا للانتخابات مستقلة فعلاً ومهنية وكفوءة في كل مفاصلها وكوادرها.
3 - إن التظاهرات ساعدت وتساعد في الضغط المشروع على القوى والأحزاب السياسية وعلى الحكومة والسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية من أجل القبول بتصحيح المسارات وقبول التغييرات الإيجابية خصوصاً في مجالات التعديل الوزاري على أساس الكفاءة والحدّ من الآثار الضارة للمحاصصة بمختلف صورها، وتصحيح مسارات عمل الدولة لتضعها في السياق الصحيح الطبيعي كدولة خادمة وراعية للشعب وحامية لمصالحه وليس لمصالح الأحزاب والأشخاص الحاكمين والقوى الماسكة بالسلطات، ويرى المجتمعون أن التظاهرات بصورتها السلمية الناصعة هي من أهم وسائل المراقبة والضغط لتحقيق ذلك ولتأمين الإصلاحات المطلوبة وبلوغ الأهداف المنشودة.
4 - باشرنا فعلاً التمهيد للحوار الوطني لمراجعة منظومة الحكم والدستور وفق السياقات الدستورية والقانونية.
المتظاهرون السلميون
وأكد الاجتماع تقديره واحترامه لعزيمة الشباب الذين كان معظمهم في أوج تطلّعهم للحياة واعتزازه بما حققوه من حراك هزّ البلد من أقصاه إلى أقصاه وقدم الصورة العظيمة لهذا الشعب الغيور، وهو الحراك الأهم بين ما تحقق بعد 2003، والذي قاد إلى مراجعة شاملة ليس لبنى المؤسسات فحسب وإنما أيضاً للسياسات وخطط البناء والتطوير وتغيير القوانين بما يضع البلد والشعب في القلب من الحياة المعاصرة لأرقى البلدان، إنه حراك جدّد إرادة التغيير من أجل إصلاحات أكبر يمكن بلوغها بمثل هذه العزيمة وهذا الوثوب.
وأضاف البيان، «لقد نجح المتظاهرون السلميون الأحرار في الحفاظ على سلمية حراكهم، كانت إرادتهم الوطنية أكبر من نوايا الخبثاء ممن سعوا إلى تشويه الطابع السلمي للحراك الاحتجاجي الوطني، وممن أرادوا لهذا البلد الكريم السوء والشر والانزلاق إلى ما حفظنا الله منه».
خطاب المرجعية
واختتم اجتماع الرئاسات في قصر السلام بيانه بالقول: «يتشرف الاجتماع بالتأكيد على الدور السامي الذي اضطلعت به المرجعية العليا وهي تذود عن حق الاعتراض والاحتجاج، وتنصح بالإصلاح وتؤكده، وتنبه على ضرورة مراعاة أمن وسلام العراق في هذه الظروف الإقليمية شديدة الحساسية.. لنصنع الحياة معاً.. لتتعزز انتصارات العراقيين؛ من ميادين الحرب ضد الإرهاب، ومن ساحات الاحتجاج، حتى مواقع العمل والبناء. وليحفظ الله العراق».
جلسة قضائية
وكان مجلس القضاء الأعلى عقد أمس الأحد جلسته الاعتيادية الرابعة عشرة برئاسة رئيس المجلس فائق زيدان.
وأفاد بيان للمجلس تلقته «الصباح» بأن «مجلس القضاء الأعلى بحث في جلسته موضوع التظاهرات التي يشهدها البلد»، داعياً «القوى السياسية والحكومة والمتظاهرين السلميين الى العمل بخارطة الطريق التي رسمتها المرجعية الرشيدة في خطبتها المؤرخة في 8/ 11/ 2019”.
وأكد بيان المجلس “على القوات الامنية ضرورة القيام بواجبها في حفظ الامن والنظام وسلامة المتظاهرين وعدم استخدام العنف في التعامل معهم ودعوة المتظاهرين الى الالتزام بسلمية التظاهرات التي أكدت على سلميتها المادة (38) من الدستور وعدم فسح المجال أمام البعض لاستغلال التظاهرات والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة لأن ذلك يشوه المظهر الحضاري السلمي للتظاهرات”.
كما حث مجلس القضاء الأعلى “اللجان القضائية التحقيقية التي شكلت في المحافظات بخصوص حوادث الاعتداء على المتظاهرين بسرعة إنجاز التحقيق مع المتهمين الذين تم توقيفهم والذين صدرت بحقهم مذكرات قبض بخصوص ذلك وتقديم المذنبين منهم للمحاكمة، ومحاسبة من اعتدى على الممتلكات العامة والخاصة وفقا للقانون”.