إعادة تحديد الأطر والتغير البنيوي

العراق 2019/11/12
...

فيرن نيوفيلد ريديكوب
ترجمة: سهيل نجم  
إعادة تحديد الأطر
في قصة يوسف التي تطرقنا إليها سابقاً، لاحظنا أن جانباً من عملية المصالحة التي أجراها يوسف مع إخوته كان يتمثل في إعادة تحديد اطر الموقف. لقد اخبر إخوته أن هذا الموقف حدث لسبب معين. كانت عملية إعادة تحديد الأطر التي أجراها، والتي جاءت بعد أن اظهروا ندماً عميقاً، تمثل طريقة لإعادة السلام إلى قلوبهم والتغلب على شعورهم بالذنب. إن إعادة تحديد الأطر تغير معنى حادثة معينة أو فعل. ويمكنها أن تحول المعاناة من شعور بالضحية إلى مصدر للحكمة، والبصيرة، أو إلى اتجاه جديد. تتيح إعادة تحديد الأطر لنا تناول ذكريات بشأن مشاعر عاطفية بعيداً عن بعدها الزمني وتحويلها إلى سرد تكون فيه عناصر الزمن هي المهيمنة بالدرجة الأساس. هذه العملية من شأنها أن تلغي قدرة المرء على إلحاق الأذى بالآخر والتي يمكن أن تبقى تستعبده إلى الأبد.       
 
التغير البنيوي
بالتأكيد تنطوي المصالحة على تغير بنيوي، الناحية الأولى من التغيير تتضمن بصورة عامة إعادة النظر في طبيعة العلاقة بحيث تتمكن جميع الأطراف من اكتساب القدرة على العيش بكامل طاقاتها. بعض هذا التغيير يشمل اتخاذ موقف جديد وتبني قيم جديدة. ينبغي التعبير عن هذه المواقف والقيم في دروس جديدة تتطرق إلى العادات المتبعة، والسلوكيات، وأساليب التفاعل، والقوانين. بما أن أساليب القمع والهيمنة كانت هي السائدة في الماضي، ينبغي تفكيك المؤسسات القديمة وبناء مؤسسات جديدة أخرى مكانها. لقد عمل اناتول رابورت على تطوير فكرة أن الحرب، مثل العبودية، هي مؤسسة وبإمكاننا إلغاء وجود هذه المؤسسة. 
حين تكون هناك بنى تسلطية تسهم في خلق البنى المحاكاتية للعنف، يتوجب تغيير هذه البنى كجزء من عملية المصالحة. وهذا يعني تغيير جميع النواحي الخمس للبنى التسلطية: 1. العلاقات المادية 2. تعريف الحقوق السياسية 3. القواعد الاقتصادية التي تكون في صالح جماعة محددة 4. البنى المنطقية أو الاستطرادية التي تلغي وجود إحدى الجماعات 5. الروح، والوجود، والطاقة، أو القلب. كل جماعة ينبغي أن تكون منفتحة على التفاهم مع الجماعة الأخرى لأن كل جماعة تمتلك المفتاح الذي يؤدي إلى تحرر الأخرى. يمكن أن تستغرق عملية التحول من بنية تسلطية إلى بنية ما بعد تسلطية وقتاً طويلاً وتتضمن صعوبات كثيرة ومعاناة قاسية. في هذا الطريق الطويل ربما يتحول أولئك الأشخاص الذين كانوا خاضعين بالأمس إلى متسلطين ضمن بنية تسلطية جديدة. وكثيراً ما ينتهي الأمر بالأشخاص الذين كانوا يواجهون القمع والاضطهاد في السابق إلى ممارسة القمع ضد الآخرين عندما يتحررون. من اجل منع حدوث هذا، يتطلب الأمر نقاشات مفتوحة بشأن هذه البنى وكذلك ضرورة تطوير معايير أخلاقية لمنع حصول جولة أخرى من القمع .
 
طقوس الاحتفاء
تحتاج المصالحة طقوساً للاحتفاء بها من تلك الطقوس مثلاً الأكل، والشرب، والغناء، والمرح، والضحك. وتلك تعتبر من طرق ترسيخ التقدم والاعتراف بالخطوات التي تحققت. يمثل الاحتفاء بالمصالحة إحدى الطرق التي تجري بها إعادة تحديد اطر قصة العلاقة التي تجمع بين الناس.   
تتخذ عناصر أو طقوس الاحتفاء هذه سياقاً ربما يتكرر في بعض المواقف. ولكن تلك العناصر ربما لا تكون بالضرورة مرتبة وفقاً لهذا السياق في جميع الأحوال، وقد لا يتم التعامل معها بطريقة واحدة حصرياً. إن تلك العناصر بالأحرى يمكن أن تعمل بشكل حلقي أو دائري. ربما يكون على المرء أن يعود إلى أي عنصر منها بشكل متكرر. إن البنى الجديدة التي تتطور سوف تحتاج إلى تنقية من الشوائب التي تعتريها وربما تشكل طقوس الاحتفاء مجرد بداية لحياة جديدة قد تتخللها فترات فاصلة يشوبها الصراع.