سعد الطائي: الرسم بالحاسوب يفتقد للاحساس والإبداع

ثقافة 2019/11/16
...

حوار / قحطان جاسم جواد
 
الفنان التشكيلي «سعد الطائي»واحد من الذين اسهموا في تشكيل المشهد الثقافي العراقي في الرسم، عبرلوحاته المتميزة لاكثرمن خمسين عاما.بدأها بالرسم بالسكين ثم عاد الى الفرشاة.وينتمي الى المدارس الفنية الحديثة، وله اسلوبه المميز وفي بعض اعماله تبدو الاشكال اشبه بالاشباح مثل لوحة – تأميم النفط - كما يجنح الطائي احيانا الى تكعيبية يطغي عليها الطابع الرومانسي في خيالها وروحيتها وجمالها. 
 
قلت له :-تبحث من خلال تجاربك الفنية عن فعل تأثيري يسهم في تحولات بالمشهد التشكيلي المعاصر.فهل توضح لنا تلك التحولات؟
- هذه المسألة يفترض ان يتولاها النقاد.وهناك طلبة لدراسات عليا ، اشروا بعضا منها.فقالوا ان كل عشر سنوات لدى الطائي سماته الخاصة، وهذه التحولات كانت في طبيعة العمل الفني الذي يقدمه ولاعلاقة له بالمدرسة الفنية، مثل الانتقال من منهج الى اخر،لانه لم يكترث لتأثيرات الاخرين. 
 
* يعني انت من دعاة التمسك بالاسلوب الفني؟
- بعدعودتي من روما ،تميز اسلوبي باستخدام السكين في الرسم. وكنت اضع لونا ما واضع لونا اخر الى جانبه ثم استخدم السكين عن طريق السحب لتنتج لونا اخر مغايرا بعد امتزاجهما معا. واستمرين بهذا الى السبعينيات خاصة رسوماتي عن الاهوار. لكني وجدت ان هذا الاسلوب ياخذ وقتا طويلا.فتحولت الى الفرشاة بنفس التكنيك،حتى لا ابتعدعن الفكرة التي اؤمن بها.وفي كل معرض اقدم شيئا عن موضوع خاص مرة عن الاهوار ومرة عن الطين والحجر والاسواق وهكذا.
 
*  غير مرة رسمت الحجر باشكال،فكيف تستنطق الحجر؟
- الحجر كما الاشخاص له اشكاله والوانه وحركته.حين تنظر اليه في الشمس تجده غير الحجر في الظل، واذا  نظرت من الاعلى تختلف عن مشاهدته من الاسفل او الجوانب. كل تلك الاتجاهات تعطيك اشكالا مختلفة قمت برسمها وبمحاكاتها او استناطقها.
 
* الشباب ينزعون الى التجريب والصرعات الغريبة،وهناك منافسة بينهم لشغل لوحاتهم بأشياء لم نعهدها فكيف ترى ذلك وبماذا تنصحهم؟
- نصيحتي اولا ان ينزعوا للدراسة الاكاديمية، لانها سلاح التطوروالعلم الذي يصقل موهبتهم ولايجعلها تشطح نحوالابتكارات الغريبة. ومن الدراسة يظهر الاسلوب لدى الفنان وكيفية تعامله مع اللوحة والالوان.كما انصحهم بالمثابرة والعمل المخلص لتحقيق الذات،واختيار المنهج الذي يساعده في تحقيق مبتغاه.
 
*عمت في الفن تجربة الرسم بالحاسوب بعيدا عن الفرشاة والاحاسيس،التي تتملك الفنان بهذه الاشياء.فكيف ترى ذلك؟
- تجربة الرسم بالحاسوب، ليست جديدة،وعرفها الغرب قبلنا بسنوات ،لكنها تظل تجربة ميكانيكية وروتينية خالية من الاحاسيس والابداع، التي تتملك الرسام اثناء احتكاكه بالالوان والفرشاة،حتى رائحة الزيت لها تاثيرها الخاص.
 
* لتراث الشعوب اهمية في بناء الحضارات، فكيف يستطيع الفنان الحفاظ على تراثه؟
- اهمية الحفاظ على التراث تاخذ حيزا مهما من اشتغالات الفنان. لاسيما للفنان الاوربي الذي يمتلك تراثا فنيا كبيرا،اضافة الى لوحات الفنان الرواد في عصرالنهضة ومابعدها ورسوم الكنائس وغيرها،التي بتنا نراها كأغلفة للكتب والمطبوعات والاشياء الاخرى.على عكس فنان العراق الذي وجد امامه تجربة واحدة هي تجربة الواسطي الفنية، التي لم تستمرطويلا انما حصل فيها انقطاع،بسبب ظهور تيارات التحريم لرسوم هذه المدرسة. لكن النهضة الحقيقية للفن العراقي بداية القرن العشرين،وتألقت بعد الحرب العالمية الثانية.
 
*لكل فنان رسالة في الفن او قضية.فمارسالتك او قضيتك؟
- القضية التي تشغل بالي دائما هي الانسان ومعاناته ،وكيفية تحقيقها.الانسان قد يكون الرجل اوالمرأة اوالطفل.وحتى عندما رسمت الاهواراوالصحراء كنت اعني الانسان فيهما، رغم عدم ظهوره في الصورة.وظل الانسان هاجسا مهما لانه قضيتي التي نذرت نفسي اليها.
 
* النقد حالة مهمة لتقويم الفن التشكيلي،فكيف ترى ذلك؟
- النقد مهم جدا للفنان،لكن بشرط ان يكون ناقدا حقيقيا ومتمكنا وملما بادواته النقدية.وحين قالوا ان الناقد فنان فاشل كانوا يقصدون انه ترك الفن وانشغل بهم النقد.لكنه نجح في خلق رؤية جديدة وافاقا رحبة لغيره من الفنانين. وبالنسبة لي احترم النقد والناقد لكن ليس بمعنى ان اذهب وراء طروحاته وانقاد اليها بشكل اعمى،بل اخذ الافكارالجديدة في الرؤى. من النقاد الذين افادونا كثيرا ( جبرا ابراهيم جبرا وشوكت الربيعي وعادل كامل وجواد الزيدي).وهؤلاء نجحوا في كتاباتهم النقدية لانهم كانوا فنانين بالاصل،وعندما يعطون ملاحظاتهم يعرفون حق المعرفة ماهيتها،على عكس من لم يكن فنانا ،فتكون نقوده طوباوية ولاتلامس الواقع بل تأتي نظرية حسب.وليس شرطا ان يكون الناقد فنانا بل يكون افضل في حالة ممارسته للفن .
 
*قضية فهم المشاهد للوحة وغموضها احيانا،فكيف يبدد الفنان ذلك الغموض؟
- مشاهد اللوحات التشكيلية لابد ان يكون ذا ثقافة فنية تساعده على الفهم.واذكر يوما في معرضي بقاعة الرواق القريبة من ابي نواس دخل شخص يبدو منتشيا وظل يراقب اللوحات ويتلفت اليها بصمت ثم ابتسم وخرج ضاحكا، وكأنه لم يفهم شيئا منها! وهذا الامر يجعلني اطلب من المشاهد ان يكون على معرفة بسيطة بالفن واللوحة ومضامينها. ثم يأتي دور الفنان في ايصال المعنى وشرحه للمشاهد من خلال فولدرالمعرض اوالحديث عنها لتصل الصورة المبتغاة منها للمشاهد.
 
*هل هناك اولوية للون او المضمون في رسم اللوحة؟
-ليس هناك اية اولوية،حين ترسم كل شيء يصبح مهما، سواء الموضوع او الشخصيات اونوع اللون وتداخله لابد من موازنة دقيقة. 
 
* ماذا تمثل المرأة في اعمالك؟
-المرأة جزء اساسي من كيان اللوحة عندي.احدى لوحاتي  لامرأة تقودها عدة ارجل وكانها تعرضت للضغوط.هي المدار الاساس في عملي. وتؤثر في كل ارجاء اللوحة ومضامينها.
 
*هل يفضل الفنان القوالب المتداولة في عمله ام من خلال التجريب؟
-ليس هناك قوالب ثابتة او متداولة، بل هناك تجريب عند الفنان هو الذي يقوده للتطور والعمل الابداعي.والتجريب دائما يفتح امامه افاق مستقبلية.