افرجتِ الولايات المتحدة الاميركية عن مساعدة عسكرية للبنان بعد ان كانت جمدتها لأسباب مبهمة.. بينما تتواصل الاحتجاجات في لبنان مع بقاء معضلة تشكيل حكومة جديدة تراوح مكانها بعد أكثر من شهر على استقالة الحريري، رغم كل المؤشرات الاقتصادية السلبية، والتحذيرات من تفاقم الأزمات المالية والاجتماعية، في حال عدم تشكيل حكومة إنقاذ، قادرة على معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عما وصفته بمصدر مطلع أن الإدارة الأميركية افرجت عن مساعدة عسكريّة للبنان بقيمة مئة مليون دولار، كانت قد جمدتها من دون إعطاء أي تفسير. وهو ما أكده مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين، طالبا عدم كشف اسمه، إذ قال إنه «تمّ الإفراج عن الأموال».
واضاف «كانت هناك بعض الخلافات في ما يتعلق بفعاليّة المساعدة الأميركيّة للقوّات المسلّحة اللبنانيّة». وعلى الرغم من ذلك، أشاد المسؤول بهذه «المؤسّسة» التي «تُدافع عن حدود لبنان»، وتُعتبر «شريكا ممتازا للولايات المتّحدة في مكافحة الإرهاب والجهاديّين الإسلاميّين السُنّة». وأشار إلى أن الجيش اللبناني أظهر مجددا وبشكل «مثير للإعجاب» صلابته عبر «حماية المتظاهرين من العنف» خلال المظاهرات التي تشهدها البلاد ضدّ الطبقة السياسيّة.
ولم تكشف إدارة ترامب عن السبب الذي كان قد دفعها إلى تجميد المساعدة العسكرية للبنان، علما أنها تمارس ضغوطا على الحكومة اللبنانية لكي تنأى بنفسها عن حزب الله.وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل قد أقر بتجميد المساعدة خلال إدلائه بإفادته تحت القسم أمام لجنة التحقيق الرامي لعزل ترامب. ولم تُطلَق أي اتّهامات لترامب بأنه حجب المساعدة العسكرية عن لبنان من أجل تحقيق مكاسب سياسية، على عكس ما حصل بالنسبة لمساعدة مقررة لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار، والتي تمحورت بشأنها شبهات أفضت إلى فتح تحقيق يرمي لعزل الرئيس الأميركي.
وافادت وكالات انباء بأن تردي الأوضاع المعيشية المتأزمة دفعت بالمتظاهرين الى مواصلة احتجاجاتهم في العاصمة بيروت وعدد من المناطق اللبنانية. اذ شهد امس الثلاثاء تنظيم وقفات احتجاجية أمام المصرف المركزي في بيروت والبقاع رفضا للسياسات المالية والقيود المفروضة على المواطنين.
وانضمت مؤسسات الرعاية الاجتماعية إلى حركة الاحتجاجات بعد أن اضطرت العديد منها لاقفال أبوابها، وحرمان آلاف الأطفال من أصحاب الهمم (المعاقين) من خدمات أساسية بسبب نقص التمويل.
سياسيا ..انتهت تظاهرات «أحد الوضوح» الذي شارك فيه عشرات الآلاف من المحتجين في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية، ولم تتضح بعد الصورة الضبابية في البلاد.. فرئيس الجمهورية ميشال عون لم يوجّه حتى الساعة الدعوة لاستشارات نيابية ملزمة لتكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة، لم يتضح بدورها شكلها وتفصيلها.
وفي الساحات أكد المحتجون ضرورة دعوة رئيس الجمهورية للاستشارات «بشكل فوري»، في اليوم رقم 46 من الاحتجاجات العارمة التي تعم البلاد منذ السابع عشر من تشرين اول الماضي، لكنهم لم يتلقوا أي رد منذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري قبل أكثر من شهر.وتوازيا، تستمر المماطلة السياسية في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة، وتشير معلومات إلى أن سمير الخطيب، المرشح لتشكيل حكومة جديدة، أجرى سلسلة اجتماعات في الساعات الماضية، أبرزها مع الحريري ووزير الخارجية المستقيل جبران باسيل.
ويجري الحديث عن حكومة (تكنو- سياسية) تسيطر عليها الأحزاب التقليدية بالدرجة الأولى عبر ممثلين لها، إضافة إلى ممثلين (تكنوقراط) مقربين للأحزاب، وهذا ما يرفضه الشارع اللبناني رفضا قاطعا، مع التأكيد على حكومة إنقاذ مصغرة ومستقلة.