صالح الشيخ خلف
حمل وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي الاسبوع الماضي « بوادر انفراج » في ازمة العلاقات الايرانية الخليجية عندما زار طهران والتقى مسؤوليها عارضا عليهم مبادرة جديدة لعودة الهدوء والاستقرار لمنطقة الشرق الاوسط .
زيارات المسؤولين العمانيين لايران اكتسبت اهمية خاصة وكانت محل ترقب منذ عقدين من الزمان لان عمان كانت المفصل الايراني المتحرك تجاه الدول الاقليمية وكذلك الدول الاجنبية وتحديدا الولايات المتحدة وبريطانيا، إذ دخلت في وساطات وصفقات سياسية مهمة انعكست بشكل او بآخر ليس على العلاقة الثنائية بين البلدين بل على مجمل الامن الاقليمي في المنطقة .
لم تكن وساطة عمان في الملف النووي التي أفضت الى التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 هي الوحيدة التي توسطت بها سلطنة عمان بين طهران وعواصم الدول الغربية إذ توسطت للافراج عن البحارة البريطانيين في اذار 2007 ، كما انها توسطت في كانون الثاني 2016 عندما افرجت ايران عن البحارة الاميركيين الذين دخلوا المياه الاقليمية الايرانية . بينما كانت سلطنة عمان صندوق اسرار السياسة الايرانية في المنطقة والعالم ، تتدخل حيثما يكون هناك احساس بضرورة التوسط ، وتقول عندما ترى ان القول مفيد لجميع الاطراف . وفي كل ذلك كانت طهران تحترم المساعي والجهود العمانية ، وتثق بقدراتها وفي توقيتاتها . في ذلك يجب ان نتذكر الزيارة التاريخية التي قام بها سلطان عمان قابوس بن سعيد لطهران في اب 2013 التي حمل فيها رسالة خاصة من الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما للمرشد الايراني اية الله علي خامنئي تعلقت بالعلاقات الثنائية الاميركية الايرانية ورغبة الحكومة الاميركية في فتح صفحة جديدة من التعاطي مع الشان الايراني على اساس المصالح المشتركة بين الجانبين . هذه الزيارة كانت البداية في مسار توصل ايران مع المجموعة السداسية الغربية للاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه عام 2015 .
الحقيبة التي حملها بن علوي لطهران لم تكن فارغة بل كانت كعادتها تحمل « امرا ما » اختلفت عليه المصادر ، فمنهم من قال إنه رسالة سعودية تتعلق بترطيب العلاقات المعقدة بين الرياض وطهران ، ومنهم من رأى أنه رسالة من واشنطن تقترح ترتيبات معينة لفتح الطريق المسدود الذي وصلت اليه العلاقة بين طهران وواشنطن ، بينما قال الثالث إنه مبادرة لعقد مؤتمر تحضره جميع الاطراف المعنية بالمنطقة وحل الخلافات وانهاء ازمة اليمن ودعم الامن في المياه الخليجية . وعندما عرضنا هذه الاحتمالات على احد القريبين من الزيارة قال ، ربما تكون الاحتمالات الثلاثة مجتمعة . بمعنى ان تكون مباحثات بن علوي في طهران قد تناولت جميع هذه الملفات .
بن علوي التقى في طهران نظيره الايراني محمد جواد ظريف وامين مجلس الامن القومي علي شمخاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني مختتما هذه اللقاءات بلقاء الرئيس حسن روحاني . طهران فتحت ابواب مسؤوليها ليسمع ضيفها ما يريد ان يسمعه ، ولكل باب من هذه الابواب دلالة خاصة من حيث التأثير والموقع . يجب التذكير بان بن علوي كان في واشنطن قبل اسبوعين والتقى نظيره الاميركي مايك بومبيو والحديث تركز على العلاقات مع ايران وامن المنطقة الخليجية .
غالبا ما تتسم زيارات المسؤولين العمانيين لطهران بالغموض والسرية فلم يفصحوا عن الاسباب . الايرانيون ايضا يتناغمون معهم في سرية المعلومات لكن صحيفة جمهوري اسلامي المستقلة تكهنت برسالة سعودية حملها بن علوي تعلقت بعدة قضايا شملت العلاقة بين الرياض وطهران والازمة اليمنية وامن الملاحة في مضيق هرمز والمياه الخليجية استنادا الى بيان صدر من وزارة الخارجية العمانية ، بينما رأت مصادر دبلوماسية ان الزيارة شملت ايضا العلاقة بين طهران وواشنطن استنادا الى لقاء بن علوي - بومبيو.
المصادر الايرانية ذكرت ان بن علوي حمل « مبادرة » لمعالجة التوترات في المنطقة مقترحا اقامة مؤتمر موسع تحضره الدول المعنية بالمنطقة وهي دول مجلس التعاون اضافة الى ايران والولايات المتحدة وبريطانيا وربما العراق لمناقشة امن الملاحة في مضيق هرمز وبحر عمان اضافة الى مناقشة الازمة اليمنية .
وزارة الخارجية الايرانية لم تؤيد هذه المعلومات ولكن وزير الخارجية الايراني اعرب عن استعداد بلاده للانخراط في مبادرة جادة « وندعم اي تحرك ومبادرة تتحلى بحسن نية للحد من التوترات في المنطقة » مشددا على ارادة ايران الجادة للحوار مع الدول الخليجية .
زيارة بن علوي القريب من طهران لم تكن عادية وتحمل دلالات خاصة سواء في مضمون الرسائل أو في التوقيت او المواضيع المطروحة التي تنعكس على مجمل العلاقات الاقليمية والاوضاع في المنطقة .