علي حسن الفواز
تكتسب العلاقة ما بين العراق والمحيط العربي والاقليمي اهمية فاعلة في سياق المصالح المشتركة، وفي ظل الحاجة الى مواجهة حقيقية لتحديات مشتركة أيضا، وأنّ النظر الى هذه العلاقة خارج تلك السياقات سيكون نوعا من الافتراض الايديولوجي والتعويم السياسي، والذي تتحكم نظرته بكثيرٍ من الحساسيات التي تنتمي الى هذا المحور أو ذاك. من هنا تأخذ زيارة د. برهم صالح رئيس الجمهورية الى عدد من دول الخليج، والأردن وايران اهميتها في تأطير علاقة العراق السياسية والاقتصادية والامنية مع الدول المجاورة، وفي السعي لوضع العراق كدولة فاعلة ومؤثرة في مواجهة تعقيدات ماتعيشه المنطقة من تقاطعات سياسية وأمنية إقليمية ودولية، وبما يُعطي لسياسته المستقلة تأثيرا كبيرا ومساعدا على تخفيف حدّة تلك التقاطعات ومايحدث فيها من أزمات، والاعلان عن حضور العراق في المحافل السياسية والدبلوماسية كدولة منتصرة في معركتها مع الارهاب، وأنّ سعي المسؤولين فيها عبر زياراتهم، هو تأكيد حقيقة النصر العراقي في مستوياته السياسية والامنية والاقتصادية، والطموح الى أن يأخذ هذا النصر بعده وتأثيره في المحيط العربي والاقليمي. إن توصيف هذه الزيارة بالمهمة ينطلق من طبيعة الرسائل التي حملتها، ومن جدية الحوارات التي اجراها مع ملوك وامراء ورؤساء هذه الدول، وباتجاه وضع العراق خارج سياسة المحاور من جانب، والتأكيد على أنّ استقرار العراق السياسي والأمني هو في صالح الجميع من جانب آخر، لما له من تأثير في استقرار المنطقة أيضا، على مستوى انضاج العوامل السياسية والامنية واللوجستية في مواجهة تحديات الجماعات الارهابية، أو على مستوى التنسيق الكامل في اطار المنظمات الدولية، لمواجهة ازمات اقتصادية وتنموية مثل اسعار النفط،او على مستوى العمل المشترك لتهدئة الازمات المتفاقمة في المنطقة، وباتجاه دعم سياسات التفاهم والتقارب الدولي والاقليمي.
الزيارة والأهداف الواضحة
إنّ اهداف هذه الزيارة، وضمن توقيات بدت واضحة، وواقعية، تؤشر جدية العراق في اقامة افضل العلاقات مع محيطه العربي، وأهمية البحث عن أطر عملياتيةلانضاج مستوياتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وعلى وفق مبادئ التفاهم والتعايش وحسن الجوار، وتبادل الافكار مع الاشقاء والاصدقاء حول الهموم والمصالح المشتركة، لاسيما في المجالات ذات البعد الستراتيجي كالتحديات الامنية، والاقتصادية، ومدّ الانبوب النفطي مع الاردن، وفي التنسيق حول السياسات النفطية، والحفاظ على توازنات الاسعار والسوق، فضلا عن التشارك حول برامج الانماء والحصول على دعم الاشقاء في اعادة اعمار المدن المحررة
من الارهاب.. استقلالية العراق، وحياديته هي الرهانات الكبرى التي تتطلب جهدا سياسيا كبيرا من قبل ساسته، فما يحدث في المنطقة من صراعات وتقاطعات، وما تواجهه من ارهاب تكفيري من الجماعات التكفيرية، يتطلب مواقف استثنائية لتبني سياسات واقعية وعقلانية، فضلا عن تبني ستراتيجيات مواجهة لجملةٍ من القضايا، والتي تتبدى واضحة وضاغطة من خلال ضعف التفاهمات حولهافي المحافل العربية، مثل القضية الفلسطينية، والموقف من الصراع في سوريا وفي اليمن، وكذلك الموقف من العقوبات الاميركية على ايران.
العراق السياسي
هو العراق الاقتصادي
هذه الزيارة تعكس من جانب آخر طبيعة الاستقرار السياسي الداخلي، والذي بات واضحا من خلال التطورات الحادثة في العراق السياسي، والتي انطلقت من خلال العمل على اكتمال المؤسسات الدستورية العراقية، والطموحالحقيقي لتجاوز العقد والازمات الامنية، وحتى لتجاوز المشكلات الداخلية التي تهدد البناء الوطني والتنموي مثل الفساد، والفشل في ادارة عديد الملفات الاقتصادية.. التلازم مابين توجهات العراق السياسية ذات الطابع السيادي، وبين البرامج الفاعلة للتنمية الاقتصادية هو الرهان على المستقبل، وعلى احداث تغييرات حقيقية في الواقع العراقي، على مستوى تضافر الجهودلنجاح البرنامج الحكومي، وعلى مستوى انضاج التحولات الاقتصادية، ومعالجة ازمات الخدمات والبناء المؤسسي في الصحة والتعليم والتنمية البشرية، والتي تحتاج الى جهد وطني كبير، فضلا عن اعداد البيانات والمعلومات التي تخص الجهد الدولي لاعمار المدن المحررة، والتي تتطلب استعدادات واسعة معززة بالمعلومات والارقام، فما حدث في المدن العراقية التي احتلها الارهابيون كان من الجرائم الكبرى بحق الانسانية، والتي تتطلب دعما واسعا من الارادة الدولية، مع الحفاظ الكامل على سيادة العراق، وخصوصية المدن التي عاث بها الارهابيون فسادا وخرابا.
