اشتباكاتٌ عنيفةٌ بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب وسط بيروت
الرياضة
2019/12/16
+A
-A
بيروت/جبار عودة الخطاط
على وقعِ اضطرابات واشتباكات غير مسبوقة شهدتها بيروت ليل الأحد وفجر الإثنين، أعلنت الرئاسة اللبنانية، تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة إلى يوم الخميس المقبل لمزيد من المشاورات في موضوع تشكيل الحكومة.
ووفق حساب رئاسة الجمهورية اللبنانية عبر «تويتر»، فإن رئيس الجمهورية ميشال عون تجاوب مع تمني رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، تأجيل الاستشارات النيابية إلى الخميس المقبل من أجل المزيد من التشاور.
وكان عون أرجأ الأسبوع الماضي الاستشارات النيابية، التي تهدف إلى تسمية رئيس جديد للحكومة، على أمل التوصل إلى توافق بين القوى السياسية اللبنانية على اسم رئيس الحكومة بعد استقالة الحريري.
تكثيف الاتصالات
اذ اشارت مصادر مطلعة الى تكثيف الاتصالات بين الكتل والقوى السياسية لبلورة المواقف وإنضاج مخرجات لحل الأزمة من خلال تمحيص الأرقام التي من المؤمل أن تفضي الى الخروج من عنق الزجاجة التي قبعت فيها عملية التكليف التي تعثرت منذ تقديم حكومة الحريري استقالتها يوم 29 تشرين الأول الماضي في حين تشير المعلومات إلى أن «التيار الوطني الحر« يشارك في الاستشارات لكنه لن يسمي الحريري.
الشارع اللبناني الذي عادت حركة احتجاجه بزخم كبير منذ يومي الجمعة والسبت لتسجل ذروتها ليل الأحد أطلق شعارات رافضة لما أسماها بعملية إعادة تدوير (الوجوه المستهلكة) للسياسيين الذين رفضهم مشدداً على رفضه لإعادة تسمية الحريري خلافاً لما يريده الشعب المطالب بتنحية الطبقة السياسية (التي أوصلت البلاد) الى هذا المنحدر الخطير من سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية..
مواجهات ضارية
وعاد الهدوء إلى وسط بيروت امس الإثنين، بعد مواجهات ضارية واشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وعناصر مكافحة الشغب على مدى نحو خمس ساعات متواصلة في حركة احتجاجات لعلها الأعنف والأشد ضراوة منذ إنطلاق حركة الاحتجاج الجماهيري الصاخب يوم 17 تشرين الأول الماضي.
وأقام الجيش اللبناني حاجزاً بشرياً أمام «بيت الكتائب»، استطاع أن يفصل من خلاله بين وسط بيروت والمتظاهرين الذين تجمعوا على مسافة ليست بالبعيدة بعد الحاجز، وقد حال بينهم وبين التقدم باتجاه المنطقة الكائنة قرب مبنى جريدة «النهار» حيث تمركزت عناصر مكافحة الشغب.
وكان محيط مجلس النواب في ساحة النجمة قد شهد توتراً كبيراً بين عناصر مكافحة الشغب والمتظاهرين، بعد دخول مجموعة وصفت بالمندسين بين جموع المتظاهرين السلميين، وقيامها برمي المفرقعات على القوى الأمنية ومكافحة الشغب، وقد وثقت فيديوهات نشرتها «قوى الأمن الداخلي» تلك اللحظات.
هرج ومرج
وعلى الأثر، اشتبكت قوات مكافحة الشغب مع المتظاهرين، ليتصاعد المشهد إلى صدام كبير بين الطرفين. تبادل فيه الطرفان المرفقعات النارية والحجارة من جهة المتظاهرين والقنابل المسيلة للدموع من جهة قوى مكافحة الشغب، كما قامت مكافحة الشغب برشّهم بالمياه لتفريقهم الأمر الذي خلق حالة من عمليات الكرّ والفر بين المعتصمين والقوى الأمنية، وسادت أجواء من الهرج والمرج بعد اشتداد الاشتباكات التي أدت إلى وقوع إصابات عديدة في صفوف المواطنين وعناصر مكافحة الشغب، تمّ إسعاف أغلبها ميدانياً من قبل عناصر تابعة للصليب وكان من جملة المصابين المصور في وكالة «رويترز» محمد عزاقير، وقد أصيب بجروح في وجهه خلال الاشتباكات التي اندلعت بين المتظاهرين والقوى الأمنية في شارع المعرض وسط وبيروت.
حرق خيام
وكانت مجموعات كبيرة مناهضة للتظاهرات قدمت من أحياء بيروت اقتحمت ساحتي الشهداء ورياض الصلح وقامت بحرق خيم المتظاهرين وضرب كل من يقترب منها بالحجارة. وتناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر لحظة إحراق الخيم في ساحة الشهداء.
وقد عملت «قوة مكافحة الشغب» على إطفاء النيران في خيمتين بالتزامن مع إطلاق آخرين قنابل مسيلة للدموع في محيط تمثال الشهداء وجامع محمد الأمين، لتفريق الشبان الذين شرعوا بحرق الخيم، كما تمكنت من اعتقال شابٍ أضرم النار في أحدها».
إغلاق طرقات
كما قام محتجون بإغلاق معظم الطرقات في صيدا وحرق الاطارات ورمي مفرقعات على مبنى هيئة أوجيرو وشركة الكهرباء».
وقام معتصمون بإحراق الإطارات مقابل فيلا السيد شفيق الحريري على الأوتوستراد الشرقي في المدينة. إلى ذلك، أصدرت قيادة شرطة مجلس النواب بياناً نفت فيه «ما نقلته قناة الجديد عن قيام أحد عناصر شرطة مجلس النواب باحراق احدى خيم المعتصمين في ساحة الشهداء».
ووفقاً للبيان، فإنّ عناصر وضباط شرطة مجلس النواب الذين ينحصر دورهم منذ بداية الازمة في حماية مقر المجلس النيابي، بينما تتولى مهمة حماية محيط المجلس وحدات من قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني».
أهداف سياسية
كما اصدرت وزيرة الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن بياناً جاء فيه:
«تابعت طيلة ليل أمس، بقلق وحزن وذهول ما جرى من مواجهات في محيط مجلس النواب وفي شوارع بيروت أدى الى احتكاك بين القوى الأمنية والمواطنين وسقوط جرحى من الجانبين، وبسبب دخول عناصر مندسة وتوزع المهمات المنوطة بالقوى الامنية، ومنعاً لضياع المسؤوليات، وحفاظاً على حقوق المتظاهرين، طلبت من قيادة قوى الأمن الداخلي إجراء تحقيق سريع وشفاف لتحديد المسؤولين عما جرى والمسؤوليات ليبنى على الشيء مقتضاه.»
واضاف بيان الحسن «أدعو المتظاهرين الى التنبه من وجود جهات تحاول استغلال احتجاجاتهم المحقة أو التصدي لها بهدف الوصول الى صدام بينهم وبين القوى الأمنية التي تعمل على حمايتهم وحماية حقهم في التظاهر، من أجل أهداف سياسية».
ضبط النفس
وفي بيان لقوى الأمن أشارت إلى أنها «استمرت بضبط النفس لمدة ساعة ونصف الساعة وهي تتعرض للاعتداء بالحجارة والمفرقعات النارية منها ما هي صنع يدوي وتحتوي على كرات صغيرة من قبل المندسين مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوفها فأعطت الأوامر لعناصر مكافحة الشغب باستعمال القنابل المسيلة للدموع لإبعاد المعتدين» ..
وكان الآلاف من المتظاهرين اللبنانيين قد تجمعوا، ليل الأحد، خارج مجلس النواب في العاصمة بيروت، بعد أنباء عن إعادة تكليف رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، بتشكيل الحكومة الجديدة.
لحظة مصيرية
في سياق الحراك السياسي المتصل بمساعي تكليف حكومة جديدة ناشد رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، في تصريح عبر مواقع التواصل الإجتماعي، «كل نائب لبناني أن يحكّم ضميره في هذه اللحظة المصيرية ويسمّي رئيس حكومة حيادي قادرا على تشكيل حكومة أخصائيين مستقلين وعلى إخراج لبنان من منظومة المصالح والمحاصصة». يينما قال نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي «إنني كنت على قناعة تامة أن مسألة الذهاب باتجاه تسمية رئيس حكومة غير رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وحتى لو سماه الحريري لن تنجح، بغض النظر عن التسمية والاستعداد الجدي لدعم التسمية».
وفي حديث تلفازي له، أوضح الفرزلي «أنني كنت على قناعة وأعرف بعمق المكون الذي هو معني بمسألة رئاسة الوزارة في لبنان، وأعرف مشاعره وتوجهاته ووجدانياته بهذا الشأن».
ولفت الى أن «تجربتي المتواضعة جدا بصرف النظر عن عاطفتي تجاه الحريري مصلحة البلد العليا في هذه الازمة، حيث هناك حراك شعبي كبير فيه ردة فعل على واقع معيشي متهريء، لا يمكن ان نجمع مظلومية سنية اليه لتزداد حفلة التراكم في لعبة النقمة على المؤسسات والدولة«. وأشار الفرزلي الى «انني كنت مقتنعا ان الحريري هو المعني بتسمية رئيس الحكومة، ولن تصح تسمية آخر حتى سمير الخطيب الذي ذهبت الامور بجدية معه حتى اليوم الأخير». ولفت الى أن «المتظاهرين يحاولون تعطيل الاستشارات ولكن يجب الذهاب باتجاه التأكيد على إجرائها»، مشيراً الى أن «المعلومات فان هناك تصعيدا وهذا التعصيد تحت عنوان رفض الحريري».
زيارة هيل
الى ذلك افاد مصدر مقرب من رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري بأنه «من الضروري ان تكون الامور واضحة لأي شخص يرشح الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة، ان الاخير سيشكل حكومة خبراء فحسب».
وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، من جهته قال «إن على المسؤولين اللبنانيين أن «يتحركوا» ويضعوا حدا للأزمة التي تشل البلد. وقال لودريان خلال برنامج «مسائل سياسية» على راديو «فرانس أنتر» «يجب أن تتحرك السلطات السياسية لأن البلد في وضع حرج». وعلمت (الصباح) أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد هيل سيزور بيروت نهاية الاسبوع لإجراء المحادثات هي الأولى لمسؤول أميركي رفيع مع مسؤولين رسميين وسياسيين لبنانيين منذ اندلاع الاحداث.
وتستمر زيارة هيل لبيروت يومين وتهدف إلى الدعوة إلى استعجال تشكيل حكومة لبنانية (تحظى برضا الشارع اللبناني) وتبادر إلى العمل فور تشكيلها، بجدية لتنفيذ الإصلاحات من خلال إنشاء الهيئات الناظمة في الكهرباء والطاقة والاتصالات ومختلف مفاصل الخدمات.
هذا ويشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول تظاهرات شعبية غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية رافضة للضرائب. وبدا الحراك عابراً للطوائف والمناطق، ومصراً على مطلب رحيل الطبقة السياسية.
وتحت ضغط الشارع، قدم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته في 29 تشرين الأول ولم تتمكن القوى السياسية من التوافق على تسمية خلف له في وقت يطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة تضم مستقلين عن الأحزاب السياسية والسلطة الحالية.