بغداد / هدى العزاوي
استطاعَ المتظاهرونَ الولوجَ الى عالمِ السياسة من اوسع الابواب حتى بات اغلبهم محاورا جيدا لادق تفاصيل العملية السياسية، لذا شكلوا وسيلة ضغط على الرئاسات الثلاث باحتجاجاتهم واستطاعوا قطف ثمار جهودهم المبذولة بتشريع عدة قوانين كانت تقبع خلف كواليس الاختلافات الحزبية كتعليق عمل مجالس المحافظات وتعديل قانوني الانتخابات ومفوضيتها والشروع بتعديل قانون تقاعد الموظفين الذي اثار جدلا بين الاوساط المتنازعة عليه.
فضلا عن تخفيض رواتب تقاعد النواب والمنافع الاجتماعية وتقليل رواتب الدرجات الخاصة وغيرها من القوانين . ويقول الناشط والمتظاهر علي صحن عبدالعزيز انه: «على الرغم من قرارات البرلمان العراقي وتعديلاته الاخيرة الا ان العملية السياسية باتت تراوح في مكانها والدليل على ذلك انها لم تصل الى مايتمناه المتظاهرون مما زاد من مطالباتهم نحو تشريع مفاصل جوهرية للعملية السياسية، لافتا الى أن «ما طرحته المرجعية مؤخرا يمكن ان يسهم في حلحلة الازمة بخطوتي تعديل قانون الإنتخابات وحل مفوضيتها، وعدم اللجوء إلى قانون (سانت ليغو) لأنه كتحصيل حاصل لا يتطابق ومعطيات الواقع السياسي العراقي، ونرى أن على الحكومة الآن الاستجابة لنداء المرجعية لأنها الأمل الوحيد والركيزة التي تعتمد عليها محافظات الجنوب والوسط إلى حد كبير».
من جانبه، اشار المتظاهر عامر هاشم إلى أن اغلب متظاهري ساحة التحرير خاصة الشباب المنتفض استطاعوا ان يدخلوا للعملية السياسية من اوسع ابوابها ولم تعد تنطلي عليهم الحلول الترقيعية وهذا مازاد من صعوبة اقناعهم بالاستجابات التي قدمتها الحكومة خلال الاسابيع المنصرمة الماضية. وأضاف لـ»الصباح»، أن «على مجلس النواب اختيار القرار الصائب وعدم الاستهانة بعقول الشباب الذين اصبحوا اكثر وعيا وخبرة بالعملية السياسية».
غياب الرأي العام
شهدت العاصمة بغداد خلال الشهرين الماضيين تحولات كبيرة في العملية السياسية خاصة بعد دخول طلاب الجامعات مضمار سباق المطالبة بحقوقهم حتى شمل ذلك طلاب المرحلة الابتدائية، ويقول المتظاهر عدي الحسني: «المراهنة على اخماد لهيب التظاهرات باصلاحات ترقيعية لم تجد نفعا والدليل توافد الكثير من الطلاب الى ساحة التحرير تحت شعار «نازل اخذ حقي» وغيره من الشعارات التي تؤكد استمرار التظاهر لحين تلبية المطالب».. تسلم دفة الحديث عن الحسني «الطالب الجامعي» هشام حسين الذي اكد ان «تواجدهم في ساحة التحرير ماهو الا للمطالبة بوطن تشهد الشعوب العربية والمجتمع الدولي على انجازاته لا على اخفاقاته التعليمية والخدمية وغيرها التي جعلت من العراق اسوأ خامس جنسية في العالم».. بدت على ملامحه علامات الحزن والاسى ثم واصل: «نأمل ان يعود العراق الى ماكان عليه خاصة من الناحية التربوية التي شهدت تراجعا ملموسا خلال السنوات الماضية».
وقال المتظاهر مؤمل البهادلي: «نحن شباب من الجيل الواعي خرجنا لرد كرامة الوطن وأرجاع هيبته وكسرنا حاجز الصمت والخوف والعبودية واصبحنا جيلا منتصرا ضد الظلم وخرجت الكثير من الفئات العمرية من رجال ونساء وكانت روحا واحدة ومطالب واضحة والان الثورة شبابية طلابية مستمرة من دون انسحاب وكان دور الطلبة فعالا في ساحة الحق ساحة التحرير الجامعة لمختلف الطوائف والقوميات، ومطالبنا واضحة جدا اهمها اصلاح نظام الحكم وتعديل الدستور وتغيير مفوضية الانتخابات برمتها واجراء انتخابات مبكرة».
مطالب حقة
وندد احد المتظاهرين بحرق وتدمير المؤسسات الحكومية، معتبرا ان ذلك خارج مسار التظاهرات السلمية لذا يطالب بان لا تاخذ التظاهرات منحى اخر يؤثر بشكل سلبي في مصلحة الوطن عليه ما نتمناه من الثوار الاعزاء البقاء على موقفهم السلمي والمحافظة على مؤسسات الدولة.
وقال المتظاهر والباحث السياسي عمران العبيدي ان: «اعتماد القوى السياسية على عامل الوقت ماهو الا اعتماد خاطئ خاصة في المرحلة السابقة التي خرجت بتصاريح بعيدة عن الواقع والتي اثارت استفزاز المتظاهرين اضافة الى اكتشافهم ان جدية الاصلاحات معدومة وهذا ما اكدته مجموعة القوانين التي ادرجت على لائحة الإصلاح وهي اصلاحات سطحية جدا وقد اثارت تساؤلا مهما منها لِم َلم تبادر هذه القوى بالاصلاحات سابقا ان كانت مقتنعة بها وانها ضرورية».
مطالب لارجعة عنها
وقال احد المتظاهرين «طالبا عدم الافصاح عن اسمه»: ان الوقت لم يعد في صالح القوى السياسية وعليها ان تتعامل مع الموضوع بشكل يليق بخطورته بعدما وصلت الامور الى طريق مسدود بين الجماهير وتلك الاحزاب التي عليها ان تدرك ان ماتطلبه الجماهير متطلبات منطقية وحتى المطالبة بالتغييرات الحكومية هي امر دستوري لكن الأحزاب الى الان لاتتصور نفسها خارج الاطار السياسي للدولة والحكومة وتحاول التمسك بالسبل كافة لما وصلت اليه من مكتسبات وهي مكتسبات حزبية بحتة ليس للجماهير منها نصيب، التظاهرات ستتمخض عن نتائج قد تصدم تلك القوى وهو ما سيحصل لو أن القوى السياسية لم تتدارك الأمر».